< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/03/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 155 ) حكم الثيبوبة في الاماء وهل هي عيبٌ يوجب الخيار أو لا - موارد جواز طلب الأرش - الخيار السابع ( خيار العيب ) – الفصل الرابع ( الخيارات).

 

مسألة ( 155 ):- إذا كان العيب موجوداً في أغلب افراد ذلك الصنف مثل الثيبوبة في الاماء فالظاهر عدم جريان حكم العيب عليه.

..........................................................................................................

نطرح سؤالين في هذه المسألة: -

الأول: - هل الثيبوبة عيب في الاماء أو لا؟

الثاني: - على تقدير ظهور كون الأمة ثيباً هل يثبت الخيار للمشتري أو لا؟

أما بالنسبة إلى السؤال الأول فجوابه: - نعم هي عيب، فإنَّ المقصود من العيب في المصطلح الشرعي والعرفي كل ما زاد أو نقص عن الخلقة - في الأشياء المخلوقة - وحيث إنَّ الأمة في بداية خلقها باكر فانعدام البكارة بعد ذلك وصيرورتها ثيباً يُعدُّ عيباً.

وإذا قلت: - أوليس الطابع العام للإماء هو ذلك؟

قلت: - نعم، ولكن هذا لا يؤثر على وصف العيب، أي أنَّ لا يخرج العيب عن كونه عيباً بل يبقى عيباً ولكنه عيبٌ شائع، نعم شيوعه يؤثر على شيءٍ آخر وهو مسألة الردَّ لا أنه ليس بعيب.

وأما بالنسبة إلى السؤال الثاني فجوابه: - إنه لا يوجد خيار في الردّ، لأنك قد تقول: بعد افتراض كونها عيباً ينبغي أن نحكم بالخيار وجواز الردّ؟، ولكن الجواب واضح حيث يقال: مادام هذا العيب مشهوراً وهو الطابع العام في الاماء فتصير عدم البكارة بمثابة الشرط الضمني والمولى حينما يبيع الأمة يبيعها على هذا الشرط الضمني.

فإذاً اتضح أنَّ شيوع الثيبوبة في الاماء لا يؤثر على مسألة العيب بل هو عيب لأنها خارجة عن الوصف الطبيعي والخلقة والأصلية وإنما يؤثر على مسألة الردّ فلا يثبت الخيار للمشتري إذ هناك شرط ضمني لا يذكر لوضوحه وهو أنه ليس للمشتري الردّ إذا اتضح أنَّ الجارية ثيّب.

هذا كله بمقتضى القاعدة، فعلى مقتضى القاعدة هو عيبٌ ولكن لا يجوز اعمال الخيار من ناحيته.

وإذا رجعنا إلى معتبرة زرارة فهي قد دلت على أنّ كل عيبٍ يتصف به المبيع يجوز الردّ به واعمال الخيار لأجله، وقد يتمسك البعض بهذه الصحيحة فيقول سوف يثبت الخيار بكل عيبٍ وأنت قد اعترفت بأنَّ الثيبوبة عيبٌ فليزم الحكم بجواز الردّ لأجل هذه المعتبرة، ونصُّ الصحيحة عن أبي جعفر عليه السلام:- ( أيما رجل اشترى شيئاً وبه عيب وعوار لم يتبرأ إليه ولم يبين له فأحدث فيه بعدما قبضه شيئا ثم علم بذلك العوار وبذلك الداء أنه يمضي عليه البيع ويرد عليه بقدر ما نقص من ذلك الداء والعيب من ثمن ذلك لو لم يكن به )[1] . فإنه قد يتمسك بمفهومها لإثبات ذلك، فمفهومها هو أنه ( إذا لم يحدث فيه حدث جاز الردّ لأجل العيب والعوار )، فهي تدل بمفهومها على جواز ردّ المبيع بخيار العيب، وحيث قد اعترفنا بأنَّ الثيبوبة عيبٌ فيلزم أن يثبت جواز الردّ - الخيار - بمقتضى هذه المعتبرة، فهذه المعتبرة إلزامٌ لنا ولكل من يقول بعدم ثبوت الخيار في الثيبوبة بالنسبة إلى الاماء.

والجواب: - إنَّ هذه المعتبرة ناظرة إلى الحالة العامة في الأشياء وهي أنه لو كان فيها عيب جاز الردّ، أما إذا فرض أنَّ عيباً من العيوب كان شائعاً كالثيبوبة في الاماء فهل يجوز الردّ بسببه أو لا فهذه قضيةٌ مسكوتٌ عنها والرواية ليست في مقام البيان من ناحيتها، بل هي ناظرة إلى العيوب العامة والعيوب العامة بشكلٍ عام وجودها يجوّز الردَّ.

وقد تقول: - هذا كلام وجيه ولكنه مجرّد دعوى تحتاج إلى تكييفٍ علمي؟

وفي الجواب نقول: - إنَّ التكييف العلمي مبني على المقدمة التي أضفناها إلى مقدمات الحكمة، وهي أنه يشترط في جواز التمسك بالاطلاق أن يكون عدم ذكر القيد مستهجناً لو كان مراد المتكلم هو المقيّد واقعاً، أما إذا لم يكن ذكر القيد مستهجناً لو كان مراد المتكلم هو المقيد فحينئذٍ لا يصح التمسك بالاطلاق - ودليل هذه المقدمة معها فأنها بديهية لأنك أنت تقول إذا كان مقصود المتكلم واقعاً هو المقيد لا يستهجن منه الاطلاق - وإذا كان لا يستهجن الاطلاق فحينئذٍ كيف تتمسك بمقدمات الحكمة لنثبت الاطلاق، بل لعل مراد المتكلم هو المقيد ؟!!، وقد رتّبنا على ذلك بعض الآثار منها رؤية الهلال بالعين المسلحة، فإنَّ الروايات مطلقة من هذه الناحية، فهي قالت:- ( صم للرؤية وافطر للرؤية )، فهنا لا يجوز التمسك بالاطلاق لو كان مراد المتكلم هو الرؤية بالعين غير المسلحة، لأنَّ الحالة العامة المتعارفة في الوسط الاجتماعي في تلك الفترة هي أنَّ الرؤية كانت العين المجردة لا المسلحة، فعلى هذا الأساس لو كان مراد المتكلم هو المقيّد واقعاً لا يستهجن منه ذلك الاطلاق، وعليه فلا يجوز التمسك بالاطلاق.

وهنا أيضاً نقول ذلك، فإنه لو كان مقصود المتكلم هو أنه كلَّما هناك عيب وعوار فيجوز الردّ - سواء كان ذلك بالمفهوم أو بالمنطوق - لا يستهجن هذا الاطلاق من قبل الامام عليه السلام لو كانت الأمة متصفة بالثيبوبة، لأنَّ الثيبوبة صفة عامة في الاماء فلا يقال لماذا لم تقيد وتخرج الاماء عن الاطلاق فإنه سوف يقول إنه من الواضح خروج هذا من الاطلاق إذ المفروض أنها هي الحالة العامة في الاماء وأنا مقصودي ما إذا لم تكن حالة العيب حالةً عامة.

وعليه فلا يصح التمسك بالاطلاق ومقدّمات الحكمة في هذه الرواية بناءً على هذه المقدمة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo