< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/05/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 164 ) حكم اشتراط البائع على المشتري أن يبيع عليه المبيع ثانيةً - شروط صحة الشرط - الفصل الرابع ( الخيارات).

ذكرنا أنه بناءً على النقل الثاني للرواية يكون بطلان البيع الاول مشروطاً بشرطين، الاول أن يكون الثمن في البيع الأول نسيئةً، والثاني أن يشترية البائع من المشتري ثانيةً بثمنٍ أقل.

وحينما نقول إنَّ البيع مشروط بشرطين فهذا بحسب النتيجة يكون تخفيفاً على المكلف، يعني إذا كان الثمن في البيع الأول ليس نسيئة واشترط فيه البيع الثاني بزيادةٍ أو نقيصةٍ عن الثمن فهذا ليس بباطل إنما الحرمة تثبت فيما إذا كان البيع الاول بنسيئة والبيع الثاني نقداً ولكن بزيادةٍ أو نقيصة، فهذا تخفيفٌ على المكلف لأنه كلما زادت قيود الحرمة وعدم الجواز كلما كان ذلك في صالح المكلف، وهذا من الواضحات.

وإذا قيل:- لماذا تكون الحرمة مشروطة بهذين الشرطين أو بأحدهما وما هو التوجيه الفني لذلك؟

قلنا:- إنَّ هذه قضية تعبّدية فإنَّ النص قد دل عليه فنتبع النص في ذلك، فالحكم المذكور ليس على طبق القاعدة وإنما لأجل النص.

وقلنا أيضاً حيث إنَّ سند الرواية بطريق قرب الاسناد ضعيفٌ بعبد الله بن الحسن فلا عبرة بها، ولكن قال صاحب الوسائل:- ( ورواها علي بن جعفر في كتابه )، فإنَّ الشيخ الطوسي قد رواها في تهذيبه عن كتاب علي بن جعفر وحيث إنَّ له طريقاً معتبراً إلى علي بن جعفر وكتبه فتكون معتبرة.

وإذا سأل سائل وقال:- كيف نعرف أنَّ طريق الشيخ إلى كتاب علي بن جعفر معتبر؟

قلنا:- الطريقة الفنية لذلك هي أنَّ الشيخ الطوسي في تهذيبه وستبصاره عادةً يذكر صاحب الكتاب فيقول مثلاً ( علي بن جعفر ... الخ )، وهو لم يذكر طريقه إلى علي بن جعفر ولكن إذا رجعنا إلى فهرسته نجده يذكر مصنفات اصحابنا ومن أحدها كتاب علي بن جعفر ثم يذكر طريقه إليه وهو طريقٌ معتبر، فإذاً طريقه إلى كتاب علي بن جعفر من خلال ضم الفهرست يكون معتبراً.

وأما طريق صاحب الوسائل إلى الشيخ الطوسي فإنه ذكر في آخر الوسائل عدّة فوائد أحدها فائدة ذكر فيها طرقه إلى الكتب التي يروي عنها، ومن الواضح أنَّ تلك الطرق معتبرة لأنَّ كل الوسائط منه إلى الشيخ الطوسي هم من علمائنا المتأخرين العدول ولا تأمل فيهم إلا ما نذر، وعليه فيكون طريقه إلى كتاب علي بن جعفر معتبر.

وذكرنا أنَّ صاحب الوسائل ذكر أنه توجد زيادة في النقل بطريق علي بن جعفر وهي:- ( سألته عن رجل باع ثوباً بعشرة دراهم إلى أجل ثم اشتراه بخمسة دراهم بنقد )، فيوجد قيد ( إلى أجل ) وقيد ( بنقد ) وبناءً على هذا النقل تكون الحرمة مشروطة بشرطين الأول أن يكون الثمن في البيع الأول نسيئةً والثاني أن يكون البيع الثاني بزيادةٍ بالثمن أو نقيصة، والامام عليه السلام قال له ( إذا لم يشترط فلا بأس ) يعني إذا لم يشترط الزيادة والنقيصة فالبيع يكون صحيحاً أما مع الاشتراط فيكون باطلاً ولكن بشرط أن يكون الثمن في البيع الأول نسيئةً، وحيث إنَّ النقل عن كتاب علي بن جعفر هو المعتبر فيكون المدار عليه فنقيّد بقيدين، وقد قلنا إنَّ اضافة القيد الثاني هو تخفيفٌ على المكلف، وقد قلنا إنَّ القيد الثاني ليس بموجود في منهاج الصالحين للسيد الماتن - وهو أن يكون الثمن في البيع الأول نسيئةً - ولكن يلزم اضافته كما هو واضح. وهذا كله قد تقدم.

ويقول قائل:- إنَّ الرواية قد تعرضت إلى النقيصة فإنه اشتراه بخمسة دراهم بينما الثمن في البيع الأول هو عشرة دراهم، فحالة ما إذا اشتراه بأكثر من عشرة ليس بمذكور فيها فلماذا عمّم الفقهاء الحرمة لحالة ما إذ كان البيع الثاني مشروطاً بزيادةٍ أو بنقيصة ولم يخصصونها بالنقيصة؟

والجواب:- نحن كعرفيين لا نشعر بوجود خصوصيةٍ من هذه الناحية، وحيث لم يدل النص على خلافها فعلى هذا الأساس نعمّم لحالة الزيادة والنقيصة، كما أنَّ المفروض أنَّ كلمة ( خمسة ) وردت في كلام السائل ولم ترد في كلام الامام عليه السلام، إذ لو كانت واردةً في كلام الامام عليه السلام فسيأتي هنا احتمال الخصوصية التعبّدية، ولكن بعد ورودها في كلام السائل فالخصوصية تكون ملغاة من هذه الناحية، وعليه فلا اشكال من هذه الناحية.

إن قلت:- إنَّ هذين القيدين هما من السائل وليسا من الامام عليه السلام ولا عبرة بكلام السائل؟

قلت:- حيث إنَّ الامام عليه السلام قال في الرواية: ( إذا لم يشترط )، يعني في هذه الحالة المفروضة التي فرض فيها السائل وجود هذه القيود فإذا لم يكن مشترطاً البيع الثاني ضمن البيع الأول وفي ظل هذه الشروط الموجودة في الرواية فالبيع يكون باطلاً، وهذا شيءٌ مُقدَّرٌ ولكنه واضح.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo