< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/08/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تتمة مسألة ( 182 )، مسألة ( 183 ) حكم اتلاف الأجنبي للمبيع، مسألة - الفصل السابع ( التسليم والقبض ) - الخيارات.

وفي العليق نقول:- إنَّ رواية عقبة حينما قالت لابد من التسليم إلى المشتري وإذا لم يسلمه فالتلف يكون من البائع لا يقصد منه التسليم إلى المشتري بعنوانه الضيّق بل المفهوم عرفاً هو العمل على ما يريده المشتري، فإن أراد المشتري التسليم بيده فلابد من التسليم بيده وإلا يكون التلف مضموناً على البائع، وإن أراد وضعه في مكانٍ معيَّن كما هو مفروض كلامنا فلابد من وضعه في ذلك المكان المعيَّن، فإذا وضع البائع المبيع فيه فلا ضمان عليه.

فإذاً لا ينبغي أنَّ نفسر الاقباض الوارد في الرواية بالمعنى الضيّق بل لابد وأن نفسره بالمعنى الشامل لكل ما يريده المشتري، وعلى هذا الأساس لا ضمان على البائع في هذا التلف مادام وضع المبيع في وسط البلد مثلاً بأمرٍ من المشتري، وعليه فرواية عقبة حتى لو تمت سنداً فهي لا تقضي بالضمان على البائع في مثل هذه الحالة.

وبغض النظر عن ذلك تكفينا السيرة التي هي الدليل المهم على الضمان فإنها قاضية بأنَّ البائع مادام قد امتثل أمر المشتري ووضع المبيع في المكان الذي أراده المشتري - وهو وسط البلد مثلاً - فلا ضمان عليه، حيث فرض أنه قد امتثل أمر المشتري وطبّق ما اراده، فهي دليلٌ واضحٌ على أنه لا ضمان على البائع في هذه الحالة.

فإذاً إنَّ كان هناك تأمل في وراية عقبة لكن السيرة هي دليل قوي على عدم ضمان البائع في مثل هذه الحالة، ولكن قلنا إنَّ رواية عقبة أيضاً هي لا تدل على ضمان البائع بالبيان الذي أشرنا إليه.

الفرع الثالث:- لا فرق بين تعيين المرسَل معه المبيع وعدمه.

يعني لا فرق بين تعيين الشخص الذي يرسل البائع معه المبيع إلى المشتري أو عدم تعيينه، فمرة يقول المشتري للبائع ارسل المبيع بيد فلان أو ضعه في المكان الفلاني أو البلد الفلاني، واخرى يقول له ارسله بيد شخصٍ من دون أن يشخّص ذلك الشخص وأنه زيدٌ مثلاً، فإذا عين المشتري له شخصاً فلابد وأن يكون الوسيط هو ذلك الشخص المعيّن، وإذا لم يعين له شخصاً فحينئذٍ إذا أرسله بيد أي شخصٍ كان ذلك كافياً والمهم هو أن يتبع ما يريده المشتري، وحينئذٍ إذا عمل البائع بهذه الوظيفة وارسله إلى المكان المعين مع الشخص المعين أو ارسله مع شخصٍ آخر كلي فلا ضمان عليه مادام قد عمل بالوظيفة التي حددها له المشتري، والمدرك لذلك هو السيرة - التي هي المدرك المهم لثبوت الضمان وعدمه - فإنها قاضية بعدم الضمان في مثل هذه الحالة باعتبار أنَّ البائع قد عمل بما أمره المشتري.

فإذاً لا ضمان للقصور في مقتضي الضمان، بل نقول أكثر:- وهو أنَّ المقتضي لعدم الضمان تام وهو أنَّ السيرة قاضية بعدم الضمان مادام البائع قد امتثل أمر المشتري.

 

مسألة ( 183 ):- إذا أتلف المبيع البائع أو الأجنبي[1] - الذي يمكن الرجوع إليه في تدارك خسارته - فالأقوى صحة العقد وللمشتري الرجوع على المتلف بالبدل من مِثلٍ أو قيمة. وهل له الخيار في فسخ العقد لتعذر التسليم؟ إشكال، والأظهر ذلك.

.........................................................................................................

تسشتمل المسألة على فرعين:-

الفرع الاول:- عرفنا أنَّ المبيع إذا تلف قبل قبض المشتري له يكون من مال البائع يعني ينفسخ العقد ويكون التلف من مال البائع، والآن نفترض أنَّ التلف للمبيع قد تحقق لا بسببٍ سماوي وإنما أتلفه نفس البائع أو كان بسبب شخصٍ أجنبي، ففي مثل هذه الحالة هل ينفسخ العقد كما هو الحال في التلف بالسبب السماوي أو لا؟

ذهب السيد الماتن(قده) إلى أنَّ قاعدة ( تلف المبيع قبل قبضه من مال بائعه ) الموجبة لانفساخ العقد لا يشمل هذه الحالة، وعليه فيكون البيع ثابتاً على حاله وصحيح ولا ينفسخ ولكن يرجع المشتري على البائع بضمان المبيع بالمثل أو القيمة أن كان هو المتلف أو يرجع على الاجنبي بذلك إن كان هو المتلف.

إن قلت:- إنَّ هذا النزاع لا ثمرة له، فسواءٌ قلنا بالانفساخ أو لم نقل به فعلى كلا التقديرين سوف يرجع المشتري بالضمان على البائع أو الاجنبي؟

قلت:- بل توجد له ثمرة، فإنه إذا قلنا بالانفساخ فالمشتري سوف يأخذ الثمن لا أكثر، وأما إذا قلنا بعدم الانفساخ وإنما المبيع بَعدُ ملك للمشتري فسوف يرجع المشتري على البائع بالقيمة الواقعية وهي قد تكون أزيد من الثمن بكثير وقد تكون اقل منه بكثير، وهذه ثمرةٌ تظهر بين هذين الاحتمالين، والسيد الماتن(قده) ذهب إلى صحة العقد، يعني أنَّ المدار في الضمان على القيمة الواقعية وليس على الثمن.


[1] أي أتلفه قبل القبض، وكان المناسب الإشارة إلى هذا في متن المسألة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo