الموضوع: - شروط تحقق الربا في المعاملة - الربا.

أما الشرط الأول:- فمدركه ثلاث روايات:-

الرواية الاولى:- ما وراه محمد بن الحسن باسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة عن ابن رباط عن ابن مسكان عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( سألته عن البيضة بالبيضتين، قال:- لا بأس بهن والثوب بالثوبين؟ قال:- لا بأس به، والفرس بالفرسين؟ قال:- لا بأس به، كل شيء يكال أو يوزن فلا يصلح مثلين بمثل إذا كان من جنسٍ واحد، فإذا لا يكال ولا يوزن فلا بأس به اثنين بواحد )[1] .

أما دلالتها:- فواضحة حيث دلت على أنَّ الامام عليه السلام اشترط في تحقق الربا الاتحاد في الجنس بين العوضين حيث قال:- ( إذا كان من جنسٍ واحد ).

ولو قيل:- إنَّ الرواية قالت في بدايتها:- ( سألته عن البيضة بالبيضتين ) والامام عليه السلام أجاب وقال:- (لا بأس) فكيف جوّز ذلك رغم كون المبيعان من جنسٍ واحد؟

قلنا:- إنه جوّز ذلك لاختلال الشرط الثاني وهو أن يكون المبيعان من المكيل والموزون، والبيضة بالبيضتان أو الثوب بالثوبين أو الفرس بالفرسين ليست من المكيل والموزون حتى يتحقق فيها الربا، فإنَّ الامام عليه السلام أعطى قانوناً يشتمل على بندين البند الأول أن يكون المبيعان مما يكال أو يوزن حيث قال:- ( كل شيء يكال أو يوزن ) والبيضة والثوب وما شاكلهما ليسا من المكيل والموزون، والبند الثاني أن يكونا من جنسٍ واحد.

وأما سندها:- فالحسن بن محمد بن سماعة واقفي ولكنه ثقة، وعلي بن رباط وعبد الله بن مسكان ومنصور بن حازم كلهم ثقاة، وأما طريق الشيخ الطوسي إلى الحسن بن محمد بن سماعة فقد قال الشيخ في مشيخة الاستبصار ما نصّه:- ( وما ذكرته الحسن بن محمد بن سماعة فقد اخبرني به أحمد بن عبدون عن أبي طالب الانباري عن حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة، وأخبرني أيضاً الشيخ أبو عبد الله[2] والحسين بن عبيد الله[3] وأحمد بن عبدون كلهم عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن سفيان البزوفري عن حُمَيد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة )[4] ، وكلا الطريقين يمكن اعتبارهما، فتكون معتبرة السند.

الرواية الثانية:- ما دل على أنَّ الشعير والحطنة هما جنسٌ واحد، وهي ما رواه الشيخ الكليني عن عدَّة من اصحابنا عن سهل بن زياد واحمد بن محمد جميعاً عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( سئل عن الرجل يبيع الرجال الطعام الاكرار[5] فلا يكون عنده ما يتم له ما باعه فيقول له خذ مني مكان كل قفيز حنطة قفيزين من شعير حتى تستوفي ما نقص من الكيل، قال:- لا يصلح لأنَّ أصل الشعير من الحنطة ولكن يردّ عليه الدراهم بحساب ما ينقص من الكيل )[6] .

أما دلالتها:- فإنها قالت:- ( لأنَّ أصل الشعير من الحنطة ) أي أنهما من جنسٍ واحد فيتبين أنَّ الجنس الواحد معتبرٌ في تحقق الربا ولذلك قال الامام عليه السلام بيع حنطةٍ بشعيرٍ مع التفاوت أو بالعكس لا يجوز وهذا يدل بالالتزام على أنَّ شرط تحقق الربا هو وحدة الجنس وإلا فلا داعي لأنَّ يقول الامام عليه السلام ( الشعير من الحنطة ) فإنه إذا فرض أنَّ الجنس الواحد ليس بمعتبرٍ في تحقق الربا فلا معنى حينئذٍ لذكر هذه العبارة.

أما سندها:- فهو معتبر، فقد ذكرنا سابقاً أنَّ العدّة يمكن اعتبارها، وأما سهل بن زياد فإن أمكن توثيقه صارت الرواية معتبرة وإلا فيشكل الأمر من ناحيته ولكن هنا لا نحتاج بحث توثيقه بل يكفينا أحمد بن محمد، لأنَّ سهل بن زياد وأحمد بن محمد كلاهما ينقلان هذه الرواية معاً عن ابن محبوب، وأحمد بن محمد هو إما ابن عيسى أو ابن خالد البرقي وكلاهما ثقة، والحسن ابن محبوب وهشام بن سالم ثقتان أيضاً.

الرواية الثالثة:- ما دل على جواز التفاضل حالة اختلاف الجنس وهذا يفهم منه أنَّ الربا لا يتحقق مع وحدة الجنس، وهي عدّة روايات:-

منها:- ما رواه الشيخ باسناده عن الحسين بن سعيد عن صفوان وفضالة عن العلاء عن محمد بن مسلم في حديثٍ قال:- ( إذا اختلف الشيئان فلا بأس به مثلين بمثل يداً بيد )[7] .

أما دلالتها:- فواضحةٌ حيث قال الامام عليه السلام:- ( إذا اخلف الشيئان فلا بأس ) أي إذا اختلف الشيئان في الجنس، وهذا يدل على اعتبار وحدة الجنس في تحقق الربا.

وأما سندها:- فطريق الشيخ إلى الحسين بن سعيد معتبر، وأما بقية السند فكلهم معتبرون.

ومنها:- ما رواه الشيخ الكليني عن عدّة من اصحابنا عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد جميعاً عن ابن محبوب عن أبي أيوب عن سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( المختلف مثلان بمثل يداً بيد لا بأس به )[8] .

فقول الامام عيله السلام ( المختلف ) يعني المختلف في الجنس يجوز بيعه مع التفاضل ولا يتحقق فيه الربا.

وطريقها معتبر، فإنَّ سماعة واقفي لكنه ثقة، وأما بقية السند فلا مشكلة فيه، فتصير موثقة.

إلى غير ذلك من ورايات هذا الباب.