< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/03/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسألة ( 222 ) هل يشترط التقابض في المجلس في بيع الصرف - بيع الصرف.

 

مسألة ( 222 ):- يشترط في صحة بيع الصرف التقابض قبل الافتراق، فلو لم يتقابضا بطل البيع. ولو تقابضا في بعض المبيع صح فيه وبطل في غيره.

قبل الدخول في المسألة نذكر قضية فنية جانبية:- وهي أنَّ المتن السابق كان بعنوان أنَّ بيع الصرف هو بيع الذهب بالفضة أو الفضة بالذهب ...، يعني ذكر فيه السيد الماتن تعريف الصرف وبيانه، وكان المناسب عدم جعل ذلك مسألة مستقلة، بل المناسب جعلها جملة معترضة في ضمن هذه المسألة فتكون المسألة هكذا:- ( يشترط في صحة بيع الصرف - وهو بيع الذهب بالفضة أو بالعكس - التقابض قبل الافتراق، فلو لم يتقابضا بطل البيع. ولو تقابضا في بعض المبيع صح فيه وبطل في غيره ).

أما المسألة هذه فتشتمل على حكمين:-

الحكم الاول:- يلزم في بيع الصرف التقابض في المجلس وإلا بطل.

الحكم الثاني:- لو تقابضا بلحاظ البعض صح بلحاظ ما قبض وبطل بلحاظ ما لم يقبض.

أما الحكم الاول:- فقد ذكرنا إنَّ المسألة فيه اتفاقية عدى ما ربما قد يظهر من الشيخ الصدوق(قده) في الفقيه، ومستنده الروايات.

وإذا رجعنا إلى روايات المسألة وجدناها على طائفتين:-

الطائفة الاولى:- ما دل على اشتراط التقابض في المجلس.

الطائفة الثانية:- ما دل على عدم اشتراطه.

أما الطائفة الاولى:- فنذكر لها خمس روايات:-

الرواية الاولى:- ما رواه محمد بن يعقوب عن أبي علي الاشعري عن محمد بن عبد الجبار عن وعن محمد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعاً عن صفوان يحيى عن عبد الرحمن بن الحجاج قال:- ( سألته عن الرجل يشتري من الرجل الدهم [ الدراهم ] بالدنانير فيزنها وينقدها ويحسب ثمنها كما هو ديناراً ثم يقول ارسل غلامك معي حتى اعطيه الدنانير، فقال:- ما أحبُّ أن يفارقه حتى يأخذ الدنانير، فقلت:- إنما هم في دار واحدة وأمكنتهم قريبة بعضها من بعض وهذا يشق عليه؟ فقال:- إذا فرغ من وزنها وانتقادها [ وانقادها ][1] فليأمر الغلام الذي يرسله أن يكون هو الذي يبايعه ويدفع إليه الورِق ويقبض منه الدنانير حتى يدفع إليه الورِق )[2] .

ودلالتها على اشتراط التقابض في المجلس لا بأس بها، فإنَّ الامام عليه السلام لم يرض أن يتم البيع ويتأخر القبض وإنما قال لابد أن يجري الغلام البيع ويصير القبض على يد الغلام حتى يتم التقابض بمجرد البيع.

وأما سنديها فقد قلنا إنَّهما معتبران، والاضمار فيها لا يضر فإنَّ عبد الرحمن بن الحجاج من اجلة اصحابنا ولا يليق به أن يروي عن غير الامام عليه السلام.

الرواية الثانية:- ما رواه الشيخ الكليني عن علي بن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبي نجران[3] عن عاصم بن حميد محمد بن قيس عن أبي جعفر قال:- ( قال أمير المؤمنين عليه السلام:- لا يبتاع رجل فضة بذهب إلا يدا بيد ولا يبتاع ذهباً بفضة إلا يداً بيد )[4] .

وسند الرواية معتبر، كما أنَّ دلالتها على لزوم التقابض في المجلس واضحة.

الرواية الثالثة:- ما رواه الشيخ الطوسي عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( إذا اشتريت ذهبا بفضة أو فضة بذهب فلا تفارقه حتى تأخذ منه وإن نزا[5] حائطاً فانزُ معه )[6] .

الرواية الرابعة:- وعنه[7] عن عبد الله بن بحر عن حريز عن محمد بن مسلم قال:- ( سألته عن الرجل يبتاع الذهب بالفضة مثلين بمثل، قال:- لا بأس به يداً بيد )[8] .

وعبد الله بن بحر لم تثبت وثاقته، وأما دلالتها على المطلوب فواضحة.

الرواية الخامسة:- ما رواه محمد بن علي بن الحسين باسناده عن ابن محبوب عن حنّان بن سدير قال:- ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام:- إنه يأتيني الرجل ومعه الدراهم فاشتريها منه بالدنانير ثم اعطيه كيساً فيه دنانير أكثر من دراهمه فأقول:- لك من هذه الدنانير كذا وكذا ديناراً ثمن دراهمك فيقبض الكيس مني ثم يردّه علي ويقول اثبتها لي عندك، فقال عليه السلام:- إن كان في الكيس وفاءً لثمن دراهمه فلا بأس )[9] .

وسندها معتبر، وقد دلت على أنه إذا كان ما في الكيس يفي بمقدار ثمن دراهمه فلا بأس بذلك وأما إذا كان اقل منها ففيه بأس، وهذا يدل على أنه يلزم في بيع الصرف التقابض في المجلس.

ولعله توجد روايات اخرى.

وأما الطائفة الثانية:- فنذكر لها ثلاث روايات:-

الرواية الاولى:- ما رواه الشيخ الطوسي باسناده عن محمد بن احمد بن عيسى عن الحسن بن علي الوشّاء عن ثغلبة بن ميمون عن ابي الحسين الساباطي عن عمّار بن موسى الساباطي قال:- ( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:- لا بأس أن يبيع الرجل الدنانير بأكثر من صرف يومه نسيئةً )[10] .

ورجال السند كلهم ثقاة إلا ابي الحسين الساباطي فإننا لم نراجعه، وهي قد دلت على أنَّ التقابض ليس بموجود، لأنَّ البيع هنا نسيئةً وهي قد دلت على نفي البأس فيه، وبهذا فهي تدل بوضوح على أنه لا يشترط في بيع الصرف التقابض في المجلس.

الرواية الثانية:- ما رواه الشيخ باسناده عن محمد بن احمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن الحسن بن علي بن فضّال عن ثعلبة عن أبي الحسين عن عمار الساباطي قال:- ( الدنانير بالدراهم بثلاثين أو اربعين أو نحو ذلك نسيئة لا بأس )[11] .

وهي كالرواية السابقة، فإنَّ الشاهد هو كون البيع نسيئةً والامام عليه السلام نفى البأس عنه وهذا يدل على أنه لا يشترط في بيع الصرف التقابض في المجلس.

الرواية الثالثة:- ما رواه الشيخ باسناده عن محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن الحسين[12] عن الحسين بن علي بن فضّال عن حمّاد عن عمّار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( قلت له الرجل يبيع الدراهم بالدنانير نسيئةً، قال:- لا بأس )[13] .

وبعد اتضاح هاتين الطائفتين يقع الكلام في أمرين:-

الامر الاول:- هل الطائفة الاولى التي ظاهرها اشتراط التقابض في المجلس تامة الدلالة أو لا؟

الامر الثاني:- إذا كانت الطائفة الاولى تامة الدلالة فماذا نصنع ازاء التعارض الحاصل بينها وبين الطائفة الثانية وكيف التوفيق بينهما؟


[1] هذا ما هو موجود في نسخةٍ أخرى.
[3] وهو عبد الرحمن بن ابي نجران.
[5] ورد في مجمع البحرين أن معنى نزا:- وثبت وطفر.
[7] أي عن الحسين بن سعيد.
[12] أي أبي الخطاب.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo