< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/03/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تتمة مسألة ( 222 )، مسألة ( 223 )، مسألة ( 224 )، مسالة ( 225 ) - بيع الصرف.

 

وأما الحكم الثاني:- فقد تعرض إليه صاحب الجواهر(قده)[1] واستدل عليه بحصول مقتضي الصحة - وهو التقابض في المجلس - بلحاظ المقبوض فيقع صحيحاً، وبعدم حصوله بلحاظ غير المقبوض فيقع باطلاً.

ويمكن أن نوضح ما ذكره فنقول:- إنَّ مثل صحيحة محمد بن قيس - التي هي احد الروايات الخمس الدالة على شرطية التقابض في المجلس في بيع الصرف – التي تقول:- ( لا يبتاع رجل فضةً بذهبٍ إلا يداً بيد ولا يبتاع ذهباً بفضةٍ إلا يداً بيد ) يفهم منها أنه متى ما حصل القبض يداً بيد صح البيع ومتى لم يحصل ذلك بطل البيع، وحيث إنَّ القبض يداً بيد قد تحقق في بعض المبيع فيلزم أن يقع البيع صحيحاً بلحاظه، أما البعض الآخر فحيث لم يتم فيه القبض يداً بيد فالمناسب البطلان بلحاظه.

 

مسألة( 223 ):- لو باع النقد مع غيره بنقدٍ صفقة واحدةً ولم يتقابضا حتى افترقا صح في غير النقد وبطل في النقد.

مضمون المسألة واضح، وهو أنه توجد معاملةٌ واحدةٌ تشمل على معاملتين، فالشخص باع ضمن معاملةٍ واحدة درهماً بدينار ودرهماً بكتابٍ ولم يحصل التقابض فيهما، والمناسب في مثل هذه الحالة وقوع البيع في الجزء الثاني صحيحاً لأنه ليس من بيع الصرف وفي مثله لا يشترط التقابض في المجلس، وأما بلحاظ الجزء الثاني من البيع - وهو بيع النقد بالنقد - فحيث يشترط التقابض في المجلس وهو لم يتحقق فيحكم بالبطلان.

والفرق بين هذه المسألة وسابقتها:- انه في المسألة السابقة فرضنا أنَّ البيع كان بيعَ صرفٍ ولم تكن هناك ضميمة من غير الصرف وقد حصل التقابض في المجلس لبعض النقد دون بعضه الآخر فهنا يحكم بصحة البيع بلحاظ البعض المقبوض دون غير المقبوض، وأما في هذه المسألة فالبيع ليس نقداً بكامله وإنما قسم منه كان نقداً وقسمه الآخر ليس بنقد، كما لو باع صفقةً واحدةً درهماً بدرهمٍ ودرهماً بدفترٍ، فالقسم الاول من البيع هو بيعُ صرفٍ وأما القسم الثاني منه فليس بيع صرف، والتقابض يشترط في القسم الاول دون القسم الثاني، فالتفت إلى ذلك.

 

مسألة:- ( 224 ):- لو فارقا المجلس مصطحبين وتقبضا قبل الافتراق صح البي

مضمون المسألة واضح، وهو أن يفترض أنَّ المتبايعين قد فارقا المجلس من دون تقابضٍ لكنهما سارا مصطحبين ولم يفترقا، وهنا حكم السيد الماتن(قده) بكون المعاملة ليست باطلة ماداما مصطحبين فإن تقابضا قبل أنَّ يفترقا كان البيع محكوماً بالصحة.

ويمكن ذكر وجهين لذلك:-

الوجه الاول:- إنَّ بعض الروايات الخمس المتقدمة ورادة في المصطحبين وقد حكم الامام عليه السلام فيها بالصحة، كرواية منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( إذا اشتريت ذهباً بفضة أوفضة بذهب فلا تفارقه حتى تأخذ منه وإن نزا حائطاً فانز معه )، ونزوّ الحائط يتحقق بكونهما قد فارقا المجلس لكنهما كانا مصطحبين فإذا نزا احدهما من حائط مجلس العقد فيلزم أن ينزو الآخر معه ولا يفارقه وهذا يدل بوضوح على أنَّ الاصطحاب عند مفارقة المجلس لا يضر ببقاء بيع الصرف وصحته.

ونظير ذلك ما ورد في معتبرة عبد الرحمن بن الحجاج، فإنَّ الوارد فيها أنه فارق المجلس ولكن يوجد اصطحاب في البين، حيث قالت:- ( سألته عن الرجل يشتري من الرجل الدراهم بالدنانير فيزنها وينقدها ويحسب ثمنها ثم يقول ارسل غلامك معي حتى اعطيه الدنانير، فقال:- ما أحب أن يفارقه حتى يأخذ الدنانير، فقلت:- إنما هم في دار واحدة وامكنتهم قريبة بعضها من بعض وهذا يشق عليهم، فقال:- إذا فرغ من وزنها وانتقادها فليأمر الغلام الذي يرسله أن يكون هو الذي يبايعه ويدفع إليه الورِق ويقبض منه الدنانير حتى يدفع إليه الورِق ) فهي دلت على انهما قد فارقا المجلس ولكن هذه المفارقة ليست مهمة مادام الاصطحاب بواسطة الغلام الذي يجري البيع موجوداً، فمادام هذا الاصطحاب موجوداً فلا تضر مفارقة المجلس بصحة المعاملة.

الوجه الثاني:- التمسك بالاستصحاب، وذلك بأن يقال:- حينما كان المتبايعان في مجلس العقد كان البيع صحيحاً، فإذا فارقاه مصطحبين نشك هل الصحة باقية أو لا فنستصحب بقاءها ويثبت بذلك صحة العقد وكفاية الاصطحاب رغم مفارقة المجلس.

ولكن نستدرك ونقول:- إنَّ هذا الدليل وإن كان وجيهاً إلا أنَّ صحته مبنية على جريان الاستصحاب في الاحكام الكلية، فإنَّ صحة العقد حكم شرعي، وحينئذٍ جريان الاستصحاب فيه هو استصحابٌ في الحكم الكلي، وأما على القول بعدم جريانه في الشبهات الحكمية - كما بنى على ذلك السيد الخوئي والشيخ النراقي - حيث توجد شبهة المعارضة في كل استصحاب حكمي بين استصحاب بقاء الحكم المجعول - الذي هو مقامنا الصحة - وبين أصالة عدم الجعل الزائد فلا يمكن حينئذٍ التمسك بهذا الاستصحاب، فإن عالجنا هذه المعارضة فسوف يكون هذا الاستصحاب جارياً وإلا فلا.

 

مسألة ( 225 ):- لا يشترط التقابض في الصلح الجاري في النقدين بل تختص شرطيته بالمبي

مضمون المسألة واضح، وهو أن يفرض أنَّ المعاملة للنقدين لم تكن بيعاً وإنما كانت مصالحة فهنا لا يشترط التقابض في المجلس، وذلك باعتبار أنَّ دليل اشتراط التقابض يختص بالبيع دون المصالحة، فإذا كانت المعاملة هي الصلح فسوف نتمسك بمقتضى القاعدة، والروايات المانعة لا تشمل مثل ذلك.

اللهم إلا أن يقال[2] :- إنَّ الصلح في هذا المورد يرجع في واقعه إلى البيع، ومعه سوف يسري إليه حكم البيع، ولا أقل من كون هذا احتمالاً وجيهاً فلا أقل من الاحتياط الوجوبي بلحاظه.

ولعل الاحتياط الوجوبي الذي صار إليه السيد الشهيد (قده) في حاشيه على المنهاج القديم كان ناشئاً من هذا الاحتمال.


[2] وهذا الشيء لم يذكره السيد الماتن وإنما نحن نذكره.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo