< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/03/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسالة ( 226 ) عدم جريان حكم الصرف على الأوراق النقدية الحديثة، مسألة ( 227 ) لا يشترط التقابض إذا باع ما يملكه من النقد في ذمة الغير على نفس ذلك الغير - بيع الصرف.

مسألة ( 226 ) لا يجري حكم الصرف على الاوراق النقدية كالدينار العراقي والنوط الهندي والتومان الايراني والدولار والباون ونحوها من الاوراق المستعملة في هذه الازمنة استعمال النقدين فيصح بيع بعضها ببعض وإن لم يتحقق التقابض قبل الافتراق، كما أنه لا زكاة فيها.

 

تشتمل المسألة على حكمين:-

الحكم الاول:- لا يجري حكم بيع الصرف على العملة النقدية الحديثة كالدينار العراقي والدولار وما شاكلهما إذا بيع بعضها ببعضٍ فلا يجب التقابض في المجلس.

الحكم الثاني:- لا زكاة في الاوراق النقدية الحديثة.

أما بالنسبة إلى الحكم:- فباعتبار أنَّ الاحكام تدور مدار العناوين، وبيع الصرف الذي يلزم فيه التسلّم والتسليم في مجلس العقد هو ما كان الطرفان فيه من الذهب والفضة، ومن المعلوم إنَّ ورقة الدينار أو الدولار ليست ذهباً ولا فضةً، فلا يجري بلحاظها حكم بيع الصرف، فمن باع عملةً بعملةٍ أخرى أو بنفس العملة لا يلزم التقابض في المجلس لأنَّ بيع الصرف خاص ومنصبٌّ على بيع الذهب بالفضة - أو بالعكس - ولم ينصب على بيع ورقة الدولار أو الدينار وما شاكلهما.

اللهم إلا أن يقول فقيه:- إنَّ حكم بيع الصرف إنما ثبت في الدينار الذهبي والدرهم الفضي باعتبار أنهما كانا هما العملة المتعارفة في الزمان السابق، وأما في زماننا فحيث إنَّ المتداول هو التعامل بالاوراق النقدية الجديدة وهي بديل عن العملة النقدية السابقة فحينئذٍ يجري عليها حكم الصرف لكونها البديل.

ولكن في الجواب يقال:- إنَّ ما ذكر مجرد احتمال لا يحصل الاطمئنان به، فلا ينفع حينئذٍ، نعم إذا اطمأن فقيه بعدم الخصوصية للدينار الذهبي والدرهم الفضي وإنما المدار على العملة الرائجة فحينئذٍ سوف ينطبّق حكم بيع الصرف على العملة الرائجة وإن لم تكن ديناراً ذهبياً أو درهماً فضياً، ولكننا لم يحصل لدينا الاطمئنان بذلك بل نحتمل أنَّ نفس كون العملة من الذهب أو الفضة له خصوصة، ومعه لا يمكن التعدّي إلى العملة الحديثة والحكم بجريان بيع الصرف بلحاظها.

وأما الحكم الثاني:- فالوجه في عدم ثبوت الزكاة في الارواق النقدية الحديثة هو نفس الوجه السابق، فإنَّ الزكاة قد دل الدليل على ثبوتها فيما يكون ذهباً أو فضةً حقيقةً، وأما ما يكون من الارواق النقدية الحديثة ويحكي عن خلفيةٍ ذهبيةٍ أو فضيةٍ فلا ينفع في ثبوت الزكاة فيه، وعليه فسوف نشك في ثبوت وجوب الزكاة في هذه الاوراق النقدية، فلا يمكن الحكم بثبوتها فيها، ونحن لا ندعي الجزم بعدم ثبوت الوجوب، وإنما نشك في أنَّ ما يحكي عن الذهب أو الفضة يثبت فيه زكاة أيضاً أو أنَّها تثتب في نفس الذهب والفضة، وحيث نحتمل كون المدار على نفس الذهب والفضة دون ما يحكي عنهما فلا يثبت حينئذٍ وجوب الزكاة في الاوراق النقدية المتداولة في زماننا تمسكاً بأصل البراءة.

 

مسألة:- ( 227 ) إذا كان له في ذمة غيره دين من أحد النقدين فباعه عليه بنقدٍ آخر وقبض الثمن قبل التفرق صح البيع ولا حاجة إلى قبض المشتري ما في ذمته.

مضمون المسألة أنَّ شخصاً يستحق في ذمة غيره احد النقدين كالدينار الذهبي، كما لو كان زيدٌ يستحق في ذمة عمروٍ ديناراً ذهبياً، وفرض أنَّ زيداً باع هذا الدينار الذي يمكله في ذمة عمروٍ بعشرين درهماً من فضةٍ على نفس عمروٍ، فهل يجري حكم بيع الصرف هنا أو لا؟

ولك أن تقول بعبارة أخرى:- إنَّ المصدارق الواضح للصرف هو أن يكون بيد احدهما دينار وبيد الآخر دراهم فيتبايعان ويسّلم كل واحدٍ منهما الآخر ما بيده في المجلس، وهذا هو بيع الصرف المتعارف الذي دلت الروايات فيه على لزوم التقابض في المجلس، وأما إذا فرض أنَّ زيداً يستحق ديناراً في ذمة عمروٍ فهنا لا يوجد دينار بيد زيد ولا بيد عمروٍ والمفروض أنَّ زيداً باعه عليه بعشرين درهما مثلاً، ففي مثل هذه الحالة لو قبض زيد الدراهم من عمروٍ فهل يلزم أن يقبض عمروٍ ما في ذمة نفسه - الذي هو الدينار - أو لا يلزم ذلك؟

الجواب:- لا يلزم ذلك لوجوهٍ ثلاثة:-

الوجه الاول:- التمسك بمقتضى القاعدة، فإنَّ الروايات وإن دلت على وجوب التقابض في المجلس في بيع الصرف إلا أنها خاصة بالموجودات الخارجية - الدينار الخارجي والدراهم الخارجية - كأن يبيعه هذا الدينار الخارجي بتلك الدراهم العشرة الخارجية، وأما إذا كان احدهما ثابتاً في الذمة - وهو الدينار الذهبي - والآخر ثابت خارجاً - كالدراهم - فهذا الدليل لا يدل على لزوم قبض ما في الذمة بعد كونه في الذمة، فنتمسك بأصل البراءة عن وجوب قبض ما الذمة.

الوجه الثاني:- يمكن أن يقال إنَّ الشخص الثاني الذي توجد في ذمته عشرة دراهم مثلاً هو قابضٌ لتلك الدراهم، فالقبض متحققٌ عرفاً من دون حاجةٍ إلى تعيين عشرة دراهم خارجية بيدٍ ثم قبضها ياليد الاخرى، بل مادام في ذمته عشرة دراهم وصارت ملكاً له بالبيع فهذا نحوُ قبضٍ عرفاً، وعليه فلا يلزم تجديد القبض خارجاً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo