< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/03/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 231 ) لا يجب اقباض الثمن أو المثمن ابتداءً في بيع الصرف، مسألة ( 232 ) يجوز التعامل بالدنانير والدراهم المغشوشة إذا كان التعامل بها رائجاً في البلد- بيع الصرف.

 

مسألة ( 231 ):- لا يجب على المتعاملين بالصرف اقباض المبيع أو الثمن حتى لو قبض احدهما لم يجب عليه اقباض صاحبه. ولو كان للمبيع أو الثمن نماء قبل القبض كان لمن انتقل عنه لا لمن انتقل إليه.

تشتمل المسألة على ثلاثة احكام:-

الحكم الاول:- لا يجب التقابض ابتداءً في باب الصرف، فلا يلزم على الطرف الاول اقباض ما في يده من الدراهم أو الدنانير، كما لا يلزم على الطرف الثاني اقباض ما في يده أيضاً، وهذا بخلافه في غير باب الصرف حيث يجب على البائع تسليم المبيع وعلى المشتري تسليم الثمن.

الحكم الثاني:- لو أقبض احدهما ما في يده إلى الآخر لم يجب على الثاني تسليم ما في يده إلى الاول.

الحكم الثالث:- لو حصل نماءٌ لأحد العوضين قبل القبض فهو لصاحبه الاول الذي انتقل عنه وليس لمن انتقل إليه.

أما الحكم الأول:- فالوجه في عدم اللزوم واضح، فإنه قبل تحقق القبض منهما لا يجب الوفاء بالمعاملة؛ إذ تماميتها تكون بالتقابض، فقبل حصول الاقباض - منهما أو من احدهما - لم تتم المعاملة حتى يجب التقابض، فإنَّ وجوب التقابض فرع تمامية المعاملة، والمفروض أن تماميتها يكون بتحقق التقابض، فقبل التقابض لا تكون المعاملة منعقدة حتى يجب التسليم، وبعد تحقق التقابض لا معنى لوجوب التقابض لأنه طلبٌ لتحصيل الحاصل.

وأما الحكم الثاني:- فالنكتة فيه واضحة أيضاً، فإنَّ تمامية عقد الصرف يتحقق بالتقابض من كلا الطرفين، وأما إذا لم يتحقق التقابض منهما فالعقد بَعدُ ليس بتام حتى يجب على الطرف الثاني الاقباض.

وأما الحكم الثالث:- فهو واضحٌ أيضاً، والوجه في ذلك:- انَّ التقابض إذا لم يتم من قبل الطرفين فالعين لازالت بَعدُ باقية على ملك صاحبها الأول، فإذا تولّد لها نماء قبل التسليم فسوف يكون لصاحبها الأول، بخلافه إذا تولد بعد التسليم فإنه يصير للثاني.

وينبغي الالتفات إلى شيء:- وهو أنَّ مورد حديثنا هو بيع الصرف، ومن المعلوم أنَّ الصرف لا يحصل له نماء!! فكيف ذكر السيد الماتن هذه المسألة هنا؟!! فإنَّ هذه غفلة منه.

ولكن يمكن دفع الغفلة بأن يقال:- إنَّ الفقيه عادةً يعطي احكاماً كلية ولا ينظر إلى خصوصية المورد أحياناً، وحينما يُنظر إلى الحكم بشكلٍ كليٍ فمن الواضح أنَّ أيّ عوضٍ قبل أن تتم المعاملة وقبل أن ينتقل إلى الطرف الثاني يكون نماؤه لمالكه الاول، وهذا من الواضحات، ولكن في موردنا توجد خصوصية - وهي كون المورد هو بيع الصرف - وهي سوف تغير هذا الموقف.

 

مسألة ( 232 ):- الدراهم والدنانير المغشوشة إن كانت رائجة في المعاملة بها يجوز خرجها وإنفاقها والمعاملة بها سواء أكان غشها مجهولاً أم معلوماً وساء أكان مقدار الغش معلوماً أم مجهولاً، وإن لم تكن رائجة فلا يجوز خرجها وإنفاقها والمعاملة بها إلا بعد اظهار حالها.

تشتمل المسألة على حكمٍ واحد:- وهو إذا كانت توجد دنانير أو دراهم مغشوشة والكل يعرف بحالها لكن الجو العام للناس بانٍ على التعامل بها رغم معرفتهم بذلك فحينئذٍ لا يلزم من ذلك الغش فيجوز التعامل بها من دون فرقٍ بين أن يكون مقدار الغش معلوماً أو مجهولاً، وأما إذا فرض عدم علم الطرفين بذلك فلا يجوز التعامل بها حينئذٍ.

أقول:- قد عقد السيد الماتن عنوان هذه المسألة في الدينار الذهبي والدرهم الفضي والحال أنه يمكن التعميم للاوراق النقدية الحديثة كالدينار العراقي والدولار، فلو فرض أنَّ الدنانير الحديثة التي نتعامل بها كانت مغشوشة وكلنا يعلم بذلك ولكننا رغم ذلك نتعامل بها فهنا يجوز التعامل بها أيضاً ولا مشكلة في البين، وأما إذا لم يعرف الجيمع بذلك فلا يجوز التعامل بها، وهذه ليست خصوصية للدنيار والدرهم القديمين بل تعم حتى الأوراق النقدية الحديثة، والوجه في ذلك أمران:-

الأول:- إنَّ الحكم الذكور هو على طبق القاعدة، والوجه فيه أنه مادام الطرفان يعرفان أنَّ هذا الدينار مغشوش ورضيا بالبيع والشراء به - والمفروض أنه له قيمة - فحينئذٍ لا يعود مانعٌ من صحة التعامل به.

الثاني:- الروايات الدالة على الجواز إذا كان الغش معلوماً:- ونذكر روايتين:-

الرواية الأولى:- ما رواه محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن البرقي عن فضل أبي العباس قال:- ( سألت أبا عبد الله عن الدراهم المحمول عليها[1] ، فقال:- إذا انفقت ما يجوز بين اهل البلد فلا بأس وإذا انفقت ما لا يجوز بين اهل البلد فلا )[2] .

سندها معتبر:- فإنَّ أبو العباس البقباق وهو من أجلة اصحابنا وقد قال عنه النجاشي:- ( ثقةٌ عين )، وأمابقية السند فلا مشكلة فيهم.

ودلالتها على المطلوب واضحة:- حيث قال الامام عليه السلام للسائل إذا كان التعامل بما يجوز بين أهل البلد ويتعاملون به جاز وإلا فلا يجوز.


[1] حُمِل عليها الغش، أو حُمّلت الغش.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo