< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/03/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسألة ( 234 ) يكفي في الضميمة للتخلص من الربا مقدار الغش الموجود في النقدين - بيع الصرف.

مسألة ( 234 ):- يكفي في الضميمة التي يتخلص بها عن الربا الغش الذي يكون في الذهب والفضة المغشوشين إذا كان الغش غير مستهلكٍ وكانت له قيمة في حال كونه غشاً ولا يكفي أن تكون له قيمة على تقدير التصفية فإذا كان الطرفان مغشوشين كذلك صح مع التفاضل وإذا كان احدهما مغشوشاً دون الاخر جاز التفاضل إذا كانت الزيادة في الخالص ولا يصح إذا كانت في المغشوش

 

تشتمل المسألة على ستة احكام:-

الحكم الاول:- ذكرنا في باب الربا أنه يمكن التخلص من حرمة الربا بضم ضميمة إلى احد الطرفين، وفي المقام يراد أن يقال في هذا الحكم يكفي في الضميمة التي يتخلص بها من الربا أن تكون هي الغش، فلو فرض أنَّ المقدار في احد الطرفين كان مثقالان من الذهب الخالص وفي الطرف الثاني مثقال ونصف من الذهب المغشوش منه مثقال من الذهب الخالص ونصف مثقال مغشوش كأن كان من النحاس، ففي مثل هذه سوف الحالة يتخلص من الربا إذ يكون احد كيلوي الذهب في الطرف الاول مقابلاً للكيلو من الذهب في الطرف الثاني أما الكيلو الثاني من الطرف الأول فسوف يكون مقابلاً لنصف الكيلو من النحاس في الطرف الثاني وبذلك يتخلص من محذور الربا.

ويدل على ذلك ما رواه الشيخ الكليني عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن صفوان عن عبد الرحمن بن الحجاج قال،:- ( ... قلت له:- اشتري ألف بدرهم وديناراً بألفي درهم، فقال:- لا بأس بذلك، إن ابي كان اجرأ على اهل المدينة مني فكان يقول هذا فيقولون إنما هاذ الفرار لو جاء رجل بدينار لم يعطَ ألف درهم ولو جاء بألف درهم لم يعط ألف دينار، وكان يقول لهم:- نعم الشيء الفرار من الحرام إلى الحلال )[1] .

وسندها معتبر:- فإنَّ محمد بن يحيى هو العطار وهو من اجلة اصحابنا، ومحمد بن الحسين هو ابن ابي الخطاب الثقة الجليل، وصفوان وعبد الرحمن بن الحجاج كذلك. وقد رواها الشيخ الصدوق والشيخ الطوسي أيضاً.

ودلالتها على هذا الحكم واضحة:- إذ دلت على صحة البيع مع ضم الضميمة .

يبقى شيء:- وهو أنه كيف نلتزم بكفاية ضم الغش الموجود مع الذهب - الذي هو من النحاس مثلاً - في صحة المعاملة ونعمم الحكم إليه والحال أنَّ المعتبرة لم تذكره ولا يلزم أن تكون الضميمة من الذهب أو الفضة أو الدراهم؟

الجواب:- ذلك للتمسك إما باطلاق المعتبرة أو بالجزم بعدم الخصوصية، فإما أن نقول المعتبرة مطلقة من هذه الناحية فنتمسك باطلاقها، أو نقول نحن نجزم بعدم الخصوصية لأنَّ أحد الطرفين كان ألف درهم وديناراً فالضميمة كانت هي الدينار يشتريها بألفي درهم والامام عليه السلام جوّز له ذلك.

الحكم الثاني:- يلزم في صحة المعاملة أن يكون الغش غير مستهلك.

والوجه فيه واضح:- لأنه لو كان مستهلكاً فحينئذٍ لا تعود لدينا ضميمة حتى تكون مقابلةً للزيادة في الطرف الآخر.

الحكم الثالث:- يلزم أن يكون للمقدار المغشوش له قيمة في حالة كونه غشاً.

يعني يفترض أنَّ يكون لمقدار الغش الموجود قيمة ولو جزئية لا أنه ليس له قيمة أصلاً.

ولك أن تقول:- إنَّ معتبرة عبد الرحمن بن الحجاج لم تشترط أن تكون للضميمة قيمة فكيف نثبت اشتراط كون للضميمة ذات قيمة؟

قلنا:- لا يبعد انصراف الرواية إلى ذلك، فنتمسك بانصرافها؛ إذ المقصود هو أن تحصل مقابلة من الجانب الأول مع الضميمة من الجانب الثاني، والمقابلة لا تتحقق إلا إذا كان للضميمة قيمة كما هو واضح[2] .

الحكم الرابع:- لا يكفي أن تكون للغش - الموجود في الدينار والدرهم - قيمة على تقدير التصفية بل يلزم أن تكون للضميمة قيمة بالفعل، والوجه في ذلك واضح إما لانصراف معتبرة ابن الحجاج عن مثل ذلك، أو لأجل أنه قصد بالضميمة التخلص من الربا وذلك لا يكون إلا إذا كانت لها قيمة؛ إذ لو لم تكن لها قيمة فلا يمكن أن تحصل مقابلة يمكن خلالها التخلص من الربا.

الحكم الخامس:- إذا كان الطرفان مغشوشين صح البيع مع التفاضل[3] .

وحاصل هذا الحكم أنه لو كان كلا الطرفين مغشوشاً فحينذٍ يصح البيع حتى مع التفاضل ، والوجه واضح:- لأنَّ مقدار الخالص في الطرف الاول يقابل مقدار الغش في الطرف الثاني وبالعكس وحينئذٍ لا يؤثر أن يكون مقدار الغش في طرف أكثر أو أقل من الطرف الآخر لأن التخلص من الربا يتحقق بذلك.


[2] فإما أن نسمي هذا ضميمة أو نسميه قرينة خارجية.
[3] يعني حتى مع التفاضل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo