< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/03/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الحكم الثالث ( إذا كان المبيع نصفة مطابق لعنوانه ونصفه الآخر غير مطابق له صح البيع في المطابق دون الثاني )، الحكم الرابع( لو اتضح أن المبيع من الصرف معيباً صح البيع وثبت الخيار بنحو الطولية الرد أن أمكن وإلا فالأرش ) - مسألة ( 236 ) - بيع الصرف.

 

الحكم الثالث:- إذا كان نصف المبيع واجداً لعنوانه - كالفضة – لكن نصفه الآخر ليس واجداً له - كما لو كان نحاساً- وقع البيع صحيحاً بلحاظ النصف الاول وباطلاً بلحاظ النصف الثاني، وعيله سوف يتبعّض البيع بلحاظ ما هو مصداقٌ للمبيع فيقع البيع بلحاظه صحيحاً، ما هو ليس بمصداق للمبيع فيقع البيع بلحاظه باطلاً، ولكن للمشتري الخيار في الفسخ في الكل للشرط الضمني، حيث يوجد شرطٌ ضمنيٌ بين المتعاقدين على أنَّ يكون جميع المبيع فضة مثلاً لا أن يكون نصفه فضة ونصفه الآخر نحاس مثلاً، وعليه فللمشتري حق الفسخ لأجل هذا الشرط الضمني.

الحكم الرابع:- لو اتضح أنَّ المبيع - من الفضة أو الذهب الذي وقع عليه البيع - معيباً صح البيع وللمشتري الخيار بين الردّ والارش بنحو التخيير العرضي، فله الردُّ إن أمكن وإلا فله الأرش.

والدليل على ذلك أمران:-

الأول:- معتبرة زرارة الآتية.

الثاني:- فكرة الشرط الضمني، حيث يوجد اشتراطٌ ضمنيٌ على أنَّ العقد قد جرى على الفضة الصحيحة، فإذا تبين أنها معيبة ثبت له الخيار في الفسخ حينئذٍ. نعم هذا الشرط الضمني يثبت الخيار في الردّ فقط، أما الأرش بين الصحيح والمعيب فليس بثابتٍ بنحو الشرط الضمني فإنه لا يوجد هكذا شرط ضمني عادةً، فإنَّ العقلاء عادةً يشترطون أن يكون له حق الردّ إذا كان معيباً أما الأرش فهذه قضية شرعية وليست شرطاً ضمنياً، وعلى هذا الاساس يكون الردّ ثابتٌ بالشرط الضمني دون الارش، لكنَّ معتبرة زرارة الواردة في المقام تفكينا المؤونة حيث دلت على ثبوت الارش عند عدم امكان الردّ، أي أنها دلت على ثبوت الارش ولكن في طول تعذّر الردّ، وقد تقدم الكلام في هذه المعتبرة في مبحث خيار العيب، ولكن لا بأس بتكرار ذلك.

والمعتبرة هي ما رواه الشيخ الكليني عن عدّة من اصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن موسى بن بكر عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال:- ( أيما رجلٍ اشترى شيئاً وبه عيب وعوار لم يتبرأ إليه ولم يبين له فأحدث فيه بعدما قبضه شيئاً ثم علم بذلك العوار وبذلك الداء أنه يمضي عليه البيع ويردّ عليه بقدر ما نقص من ذلك الداء والعيب من ثمن ذلك لو لم يكن به )[1]

أما دلالتها :- فهي تدل على مطلبين:-

الأول:- إنَّ أيّ شخصٍ اشترى شيئاً وظهر أنَّ فيه عيباً ولم يتبرأ البائع منه قبل البيع فله الردّ إن لم يُحدِث فيه حدثاً.

الثاني:- إذا أحدث المشتري في المبيع حدثاً مضى البيع وثبت له الارش.

وعليه فدلالتها على ثبوت الردّ والارش بنحو الطولية واضحة، وهي مدرك الفقهاء في طولية الارش عند تعذر ردّ الثمن.

وأما سندها:- فالمشكلة فيه من جهة موسى بن بكر الواسطي حيث لم يرد في حقة توثيق.

اللهم إلا أن يقال:- إنه ورد ضمن أسانيد تفسير القمي، فمن بنى على وثاقة كل من ورد في أسانيد تفسير القمي - كالسيد الخوئي(قده) في رأيه القديم - فحينئذٍ تثبت وثاقته.

والمستند في كون جميع رجال تفسير القمي ثقاة:- هو ما ذكره الشيخ القمي في مقدمة تفسيره، حيث ذكر أنه لا يروي في هذا الكتاب إلا عن الثقاة، ولأجل ذلك قيل بأنَّ هذا السند معتبر، وعلى هذا يكون موسى بن بكر موثقاً لأنه ورد في أسانيد تفسير القمي.

ولكن قلنا سابقاً:- إنَّ تفسير القمي أو على الاقل المقدمة المذكورة فيه لم يثبت نسبتها إلى القمي، وذلك لأنه قد ورد فيها بعض القرائن التي توجب التشكيك في صحة نسبتها إليه، وعليه فاثبات وثاقة موسى ابن بكر بهذا الطريق متعذّر.

ولكن قد يقال هناك طريق آخر لاثبات وثاقته:- وهو أنَّ الامام عليه السلام قد اهتم به وارسله في بعض حوائجه، وقد دل على ذلك ما رواه الشيخ الكليني:- ( إنَّ أبا الحسن عليه السلام أرسل خلفه وقال له:- مالي أرى وجهك مصفرّاً ألم آمرك بأكل اللحم؟ فأجابه:- ما اكلت غيره مذ أمرتني، فقال:- كيف تأكله؟ قال:- طبيخاً، قال:- كله كباباً، وبعد جمعة أرسل خلفه الامام فإذا الدم قد عاد في وجهه وأرسله إلى الشام في بعض حوائجه )[2] ، وحينئذٍ نقول:- إنَّ اهتمام الامام عليه السلام به بهذا القدر يدل على أنَّه ثقة وإلا فلا معنى لأن يهتم بغير الثقة.

لكن الجواب هواضح:- وهو أن نقول:-

أولاً:- إنَّ الراوي لهذه الرواية هو موسى بن بكر الواسطي نفسه، وحينئذٍ لا يمكن أن نثبت وثاقته من رواية نفسه.

ثانياً:- حتى لو ثبت صحة ما نقله موسى بن بكر الواسطي من أنَّ الامام أرسله في بعض حوائجه إلا إنَّ اعتناء الامام عليه السلام بصحته لا يدل على وثاقته، كما أنَّ ارساله إلى الشام لبعض الحوائج لا يدل على الوثاقة أيضاً، إذ لعله لا يفعل شيئاً مخالفاً عند ارساله في الحوائج ولكنه يكذب في الرواية، وعليه فارساله في قضاء حوائج الامام لا يدل على وثقاته.

والأولى أن يستدل على وثاقته بما رواه الشيخ الكليني عن حُمَيد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة:- ( دفع إليَّ صفوان كتباً لموسى بن بكر فقال لي فقال لي:- هذا سماعي من موسى بن بكر وقرأته عليه فإذا فيه موسى بن بكر عن علي بن سعيد عن زرارة، قال:- هذا مما ليس فيه اختلاف عند اصحابنا )[3] ، فإنَّ عدم اختلاف الاصحاب في روايات موسى بن بكر الموجودة في الكتاب الذي دفعه صفوان إلى الحسن بن محمد بن سماعة يدل على أنه ثقة، بل لعله في قمَّة الوثاقة، وعليه فلا موجب للتوقف في الرواية من ناحيته.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo