< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/04/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الفرض الثاني ( إذا كان أخذ المال بعنوان القرض ) مسألة ( 240 )، مسألة ( 241 ) لزوم دفع النقد المعين الذي أخذه ديناً بغض النظر عن اختلاف قيمته حسب الأزمنة - بيع الصرف.

 

وإن كان الاخذ بعنوان الاقتراض: - كما لو كان لشخصٍ على زيدٍ مقداراً من المال فأخذ من زيدٍ مقداراً من المال فصار كل واحدٍ منهما مشغول الذمة لصاحبه، والسؤال: - هل لتحقق فراغ الذمة كل واحدٍ منهما بمجرد أن يحتسب كل واحدٍ منهما ما أخذه من صاحبه في مقابل ما يطلبه في ذمة الآخر أو لا يكفي هذا الاحتساب ولا تفرغ ذمتيهما بذلك[1] ؟

والجواب:- استشكل السيد الماتن(قده) في بداية الامر ثم استظهر كفاية ذلك.

أما أنه استشكل في البداية:- فلعل ذلك ناشئ من ناحية أنه يشك في أنه بمجرد الاحتساب من دون تسلم وتسليم يتحقق فراغ الذمة أو لا يتحقق، ويكفي الشك لتحقق الاشكال.

أما أنه استظهر الجواز:- فلعل ذلك لمعتبرة عبيد بن زرارة؛ إذ ربما يفهم منها كفاية الاحتساب، وهي ما رواه الشيخ الطوسي باسناده عن الحسن بن محبوب عن فضالة عن أبان بن عثمان عن عبيد بن زرارة قال:- (سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون له عند الصيرفي مائة دينار ويكون للصيرفي عنده ألف درهم فيقاطعه عليها، قال:- لا بأس)[2] .

وسندها معتبر:- فإنَّ طريق الشيخ الطوسي إلى الحسن بن محبوب معتبر، وهكذا بقية رجال السند فإنهم معتبرون.

ودلالتها على المطلوب فواضحة:- حيث دلت على أنَّ ما عنده يكون بدل ما عند الصيرفي والامام عليه السلام نفى البأس عن ذلك، وهذا يدل على الجواز.

هذا كله إذا غضضنا النظر عن الاستعانة بفكرة الصلح.

وأما إذا نظرنا إلى الصلح فيمكن أن يقال:- إنَّ المصالحة هنا ممكنة، فيتمكن أحدهما أن يقول للآخر صالحتك على أن يكون ما في ذمتي بدل ما في ذمتك وبالعكس فيقبل الآخر وهذا يكفي لتحقق الصلح فيشمله عموم - أو اطلاق - قوله تعالى:- ﴿ والصلح خير﴾[3] ، ومورد الآية وإن كان خاصاً إلا أنَّ المورد لا يخصص الوارد فنتمسك بعمومها فتنحل المشكلة.

 

مسألة:- ( 241 ):- إذا اقرض زيداً نقداً معيناً من الذهب أو الفضة أو أصدق زوجته مهراً كذلك أو حعله ثمناً في الذمة مؤجلاً أو حالاً فتغير السعر لزمه النقد المعين ولا اعتبار بالقيمة وقت اشتغال الذمة.

 

مضمون المسألة واضح، وهو يشبه ما يحصل في زماننا، فلو فرض أني اقترضت من شخصٍ عشر أوراق فئة المائة دولار على أن أسلمها له بعد سنة مثلاً ولكن حين التسليم اختلتفت قيمة الدولار بحسب الدينار فكانت قيمة المائة دولار عند اخذي للمال تساوي ثلاثمائة دينار وأما الآن فهي تساوي مائتان وخمسون ديناراً - أو بالعكس – فإذا اردت تسليم هذا المبلغ لصاحبه عند حلول الأجل فالمدار يكون على ماذا؟

والجواب:- مادام الطرفان لم يشترطا شرطاً معيناً فيلزم تسليم نفس المبلغ من تلك العملة بغض النظر عن كون سعرها بالدينار قد انخفض أو ارتفع فإنه لا يؤثر شيئاً، لأنَّ ذمة المدين قد اشتغلت بالعشرة أوراق النقدية من فئة مائة دولار فلابد إذاً من دفعها للدائن ولا يهم ارتفاع سعرها أو انخفاضه بالنسبة إلى الدينار.

وأما إذا اشترط الدائن على المدين بأن يعطيه هذا المبلغ من المال بشرط أن يكون بسعر اليوم فهذه قضية ثانية.

والسيد الماتن(قده) مثّل بالنقدين، حيث قال:- لو اقرضه من أحد النقدين كمثقالٍ من الذهب أو الفضة أو أعطى زوجته صداقها مثقال ذهب أو جعله ثمناً في الذمة ثم بعد ذلك تغير السعر فحصل انخفاظ أو ارتفاع فالمدار في التسليم على نفس المقدار الذي أخذه من النقدين، فلو كان المقدار المأخوذ مثقالاً من الذهب لزم أن يسلم مثقالاً من الذهب سواء كان سعره مرتفع أو منخفض بالقياس إلى الفضة.

والمستند لذلك أمران:-

الأول:- إنَّ ذمة المدين قد اشتغلت للدائن بمثقالِ ذهبٍ ولم تشتغل بما يعادله من الفضة، فيلزم أن يسلمه مثقال ذهبٍ مهما كانت قيمته بالقياس الفضة فإنَّ التغير في القيمة لا يؤثر شيئاً، وهكذا الكلام بالنسبة إلى أوراق الدولار، فالمدين قد أخذ من الدائن عشرة أوراق فعليه أن يرجع العشرة أوراق له بغض النظر عن قيمتها بالدينار فإنه لم يقرضه عشرة اوراق بشرط أن تكون قيمتها قيمة يوم القرض مثلاً وحينئذٍ لابد من دفع العشرة أوراق حين حلول الاجل مهما كانت قيمتها، وهذا هو ما تقتضيه القاعدة من دون حاجة إلى دليل خاص.

الثاني:- يمكن التمسك لذلك بموثقة اسحاق بن عمّار، وهي ما رواه الشيخ باسناده عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن أبان عن اسحاق بن عمّار قال:- ( قلت لأبي ابراهيم عليه السلام:- الرجل يكون له على الرجل الدنانير فيأخذ منه دراهم ثم يتغير السعر، قال:- هي له على السعر الذي أخذها يومئذٍ ... )[4] .

وسندها معتبر:- فإنَّ طريق الشيخ الطوسي إلى الحسين بن سعيد معتبر، واسحاق بن عمّار فطحي لكنه ثقة.

ودلالتها لا بأس بها:- فإنَّها دل على أنَّ المدار على يوم الاخذ وليس على سعر اليوم، وعليه فلابد وأن يسلّم ما أخذه بملاحظة يوم العقد.


[1] وللتسهيل لنفترض أنَّ شغل الذمة لكلٍ منهما كان بمقدار مساوٍ لما يمكله في ذمة الآخر كما لو كان للشخص في ذمة زيد عشرة دنانير فأخذ الشخص من زيد عشرة دنانير فأصبحت ذمة كل واحد منهما مشغولة الذمة لصاحبه بعشرة دنانير.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo