< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/04/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 242 ) حكم بيع درهم بدرهم بشرط صياغة خاتم، مسألة( 243 ) حكم بيع عشر روبيات بليرة ذهبية إلا عشرين فلساً - بيع الصرف.

 

مسألة ( 242 ) لا يجوز بيع درهم بدرهم بشرط صياغة خاتم مثلاً. ويجوز أن يقول له صغ لي هذا الخاتم وأبيعك درهماً بدرهم على أن يكون البيع جعلاً لصياغة الخاتم. كما يجوز أيضاً أن يشتري منه مثقال فضة مصوغاً خاتماً بمثقال غير مصوغ.

تشتمل المسألة على ثلاثة أحكام:-

الحكم الاول:- لا يجوز أن يقول شخص لآخر ابيعك هذا الدرهم بدرهمٍ بشرط أن تصوغ لي خاتماً، ووجه عدم الجواز واضح، فإنَّ الدرهم القديم كان من الفضة وحينئذٍ يلزم بيع درهمٍ بدرهمٍ مع زيادة وهذا هو عين الربا؛ إذ حصلت زيادة في أحد العوضين.

والغريب ما جاء عن الشيخ الطوسي(قده) في نهايته:- حيث يظهر منه جواز الشرط المذكور، قال:- ( وكذلك لا بأس أن يبيع درهماً بدرهم ويشترط معه صياغة خاتم أو غير ذلك من الاشياء )[1] .

الحكم الثاني:- يجوز أن يقول للطرف ( صغ لي هذا الخاتم وابيعك درهماً بدرهم ) على أن يكون البيع جعلاً لصياغة الخاتم.

ووجهه واضح، إذ المفروض أنّ الدرهم صار في مقابله درهماً ولم تحصل زيادة، وبيع الدرهم بالدرهم قد جعل ثمناً للصياغة، وفي مثل هذه الحالة لم تحصل زيادة في بيع الدرهم بالدرهم فإنَّ الصياغة ليست زيادةً وإنما هي أحد العوضين، فهي بمثابة الثمن أو المثمن، فالمقابل للصياغة كان هو بيع الدرهم بالدرهم، فلم تصر الصياغة شرطاً في بيع الدرهم بالدرهم حتى يلزم من ذلك الزيادة وإنما صار ذلك بمثابة الاجرة للصياغة، فبمقتضى القاعدة الحكم هو الجواز ولا تأمل في ذلك.

كما توجد رواية يمكن أن يستفاد منها هذا الحكم:- وهي ما رواه محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن اسماعيل عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني قال:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يقول للصائغ صغ لي هذا الخاتم وأبدل لك درهماً طازجاً[2] بدرهم غلّة[3] ، قال:- لا بأس )[4] .

وسند الرواية فيه تأمل من ناحية محمد بن الفضيل.

وما دلالتها على الجواز فواضحة حيث نفى الامام عليه السلام البأس.

الحكم الثالث:- يجوز أن يشتري منه مثقال فضة مصوغاً خاتماً بمثقالٍ غير مصوغ.

والوجه في ذلك واضح، حيث لا توجد زيادة في أحد الطرفين على الآخر، والصياغة لا تعدُّ زيادةً، وحينئذٍ لا اشكال في ذلك، نعم لو كان يقول له ( بعتك مثقال فضة بمثقال فضة بشرط صياغته ) فهنا يلزم زيادة في أحد الطرفين، ولكن المفروض أنه يقول له ( بعتك مثقال مصوغ بمثقال فضة ) فالصياغة هنا صفة كالجديد والقديم ولعل الدرهم الجديد أكثر قيمة من القديم ولكن بالتالي قد حصل بيع مثقال بمثقال فلا زيادة، فلا يلزم محذور الربا.

 

مسألة ( 243 ) :- لو باع عشر روبيات بليرة ذهبية إلا عشرين فلساً صح بشرط أن يعلما مقدار نسبة العشرين فلساً إلى الليرة.

مضمون المسألة واضح، وهو أن يبيعه مثلاً عشر روبيات فضية بليرة ذهبية إلا عشرين فلساً، فهنا لا يلزم محذور الربا لأنَّ الجنسين مختلفين لكن المشكلة من جهة أخرى وهي جهالة مقدار نسبة ما استثني من الليرة، لأنَّ الليرة إلا عشرين فلساً لا يعلم كم تساوي هي، فإن كانا يعلمان النسبة - كما لو كانا صائغين - صح البيع ولا مشكلة حينئذٍ، وإن كانا شخصين عاديين فحيث لا يعلمان النسبة فيشكل الأمر حينئذٍ فلا يصح البيع، ونظير ذلك في زماننا أن يبيع شخص ورقة الدولار بألف دينار إلا سبعمائة فلس فهنا يشكل الامر لأنَّ النسبة بينهما لا تعرف فيلزم جهالة أحد العوضين فيكون البيع باطلاً.

ولعله توجد رواية يمكن أن يستفاد منها هذا الحكم:- وهي ما رواه الشيخ باسناد عن محمد بن احمد بن يحيى عن بنان بن محمد عن أبيه عن ابن المغيرة عن السكوني عن أبيه عن علي عليه السلام:- ( في رجل يشتري السلعة بدينار غير درهم إلى أجل، قال:- فاسد، فلعل الدينار يصير بدرهم )[5] .

والظاهر أنَّ سندها لا مشكلة فيه.

وأما دلتها:- فقد دلت بوضوح على فساد هذا البيع، وقد علل الامام عليه السلام بأنه لعل قيمة الدينار تنخفض فيصير بدرهم مثلاً.

وقد يناقش التمسك بها في المقام فيقال:- يظهر من الامام عليه السلام أنَّ وجه التأمل هو أنَّ الدينار والدرهم قد ترتفع قيمته وقد تنخفض، فاستثناء درهمٍ من الدينار قد يتأمل فيه لأنَّ الدينار قد ينزل سعره والامام عليه السلام قد توقف من هذه الناحية.


[1] النهاية، الشيح الطوسي، ص381.
[2] الدرهم الطازج:- هو الدرهم الجديد.
[3] الدرهم الغلة:- الدرهم المغشوش.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo