< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/04/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الفصل الأول من كتاب النكاح – كناب النكاح.

 

وتوجد آية أخرى اصرح من الآية السابقة[1] تدل على شرعية النكاح المنقطع:- وهي قوله تعالى:- ﴿ وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إنَّ الله كان علمياً حكيماً ﴾[2] .

وقد جاء في معتبرة أبي بصير ما نصه :- ( سألت أبا جعفر عليه السلام عن المتعة، فقال:- نزلت في القرآن " فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة ..." )[3] ، ودلالتها على المطلوب تامة فإن الامام عليه السلام استشهد على ذلك بالأية الكريمة.

الدليل الثاني:- الروايات المتعددة، وقد عقد لها صاحب الوسائل باباً مستقلاً [4] حيث ذكر الروايات المرتبطة بالمتعة واحكامها، فنفس بيان الاحكام يدل على شرعيتها.

الدليل الثالث:- تسالم أصحاب مدرسة أهل البيت عليهم السلام على شرعية النكاح المنقطع من دون اخلافٍ بينهم، وهذا التسالم يدل على أنَّ هذا الحكم قد وصل إليهم يداً بيد من معدن العصمة والطهارة.

وأما الحكم الثاني - وهو أنَّ النكاح الدائم يحتاج إلى العقد.

فهنا يوجد سؤال:- وهو أنه لماذا خصَّص السيد الماتن ذلك بالأول - أي بالعقد الدائم - ولم يعمّمه للثاني - أي النكاح المنقطع -، بل الثاني يحتاج إلى العقد أيضاً؟

والجواب:- ذلك لأنَّ النكاح المنقطع سوف يأتي بحثه في بابٍ مستقل والسيد الماتن اكتفى بالاشارة إليه هنا، وكان الأنسب أن يقول ( يفتقر الدائم والمنقطع إلى العقد).

وليس المقصود من العقد مجرّد التراضي وإنما هو التراضي المبرز بصيغةٍ خاصة، وإلا فالتراضي موجودٌ حتى في الزنا.

والأدلة على اشتراط العقد:-

الأول:- تسالم المسلمين على ذلك، وهو من بديهيات الاسلام بحيث أنه ليس بمجرد الرضا وإنما يكون بصيغةٍ خاصّة.

الثاني:- روايات النكاح المنقطع، فإنها دلت على اعتبار الصيغة الخاصة في النكاح المنقطع، من ذلك ما رواه محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن عمر بن عثمان عن إبراهيم بن الفضل عن أبان بن تغلب قال:- ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام:- كيف أقول لها إذا خلوت بها؟ قال:- تقول اتزوجك متعةً على كتاب الله وسنَّة نبيه لا وارثة ولا موروثة كذا وكذا يوماً وإن شئت كذا وكذا سنةً بكذا وكذا درهماً وتسمي من الأجر ما تراضيتما عليه قليلاً كان أو كثيراً فإذا قالت نعم فقد رضيت وهي امرأتك وأنت أولى الناس بها )[5] .

وسندها معتبر، وقد دلت على اعتبار الصيغة الخاصة في النكاح المنقطع، وبإلغاء الخصوصية حيث يمكن أن يقال لا خصوصية للنكاح المنقطع فيعم الحكم النكاح الدائم أيضاً، ولكن هذه قضية استظهارية تختلف باختلاف نفسية الفقيه، فرب فقيه يقبلها وآخر يتأمل فيها.

الدليل الثالث:- التمسك بالأولوية، فيقال إنَّ النكاح المنقطع هو نكاح لفترة قصيرة ومحددة فإذا كانت الصيغة الخاصة معتبرة فيه فبالأولى اعتبارها فيما تكون مدّته مؤبدة، لكن مسألة الاولوية تابعة لنفسية الفقيه أيضاً فرب فقيه يقبلها ويرفضها آخر.

وقد استدل الشيخ الاعظم(قده) في كتاب النكاح بالاجماع وجعله المدرك لاعتبار الصيغة الخاصة :- قال:- ( اجمع علماء الاسلام كما صرّح به غير واحد على اعتبار أصل الصيغة في عقد النكاح وأن الفروج لا تباح بالاباحة ولا بالمعاطاة، وبذلك يمتاز النكاح عن السفاح لأنَّ فيه التراضي غالباً )[6] ، فالتراضي يتشرك فيه السفاح والنكاح والفارق بينهما ينحصر بالصيغة الخاصة فلابد وأن تكون الصيغة معتبرة، وإن لم نعتبر الصيغة الخاصة فسوف لا يكون هناك فرق بين النكاح والسفاح.

فإذاً هو استدل بأمرين، الاول الاجماع، والثاني إنَّ عدم اعتبار الصيغة الخاصة يلزم منه عدم الفارق بين النكاح والسفاح.


[1] لأن في الآية الأولى تدل على شرعية النكاح المنقطع بإطلاقها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo