< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/04/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: افتقار العقد الدائم إلى العقد - الفصل الأول – كناب النكاح

 

ويردّه:

أولاً: إنه ذكر أنه إذا لم يعتبر العقد والصيغة الخاصة في النكاح يلزم من ذلك عدم الفرق بين النكاح الشرعي وبين السفاح فإنَّ الفارق ليس إلا الصيغة الخاصة، ونحن نقول:- يوجد فارقٌ آخر قبل أن تصل النوبة إلى مسألة اجراء الصيغة الخاصة من الايجاب والقبول وهو الاعتبار، فإنَّ الزوجين اعتبرا الزوجية بينهما، وكذلك المجتمع يعتبر الزوجية لهما أيضاً، وهذا الاعتبار لا يمكن انكاره - كما هو موجود في البلدان الأخرى غير الإسلامية - فبالتالي يحصل عندهم اعتبار الزوجية، وأما إذا فرض أنَّ المورد ليس من باب النكاح وإنما كان من باب السفاح فليس هناك اعتبار للزوجية بينهما، وعليه فالفارق بين النكاح الشرعي وبين السفاح باقٍ حتى لو لم نشترط العقد.

ثانياً: - إنه تمسك بالإجماع على اعتبار العقد والحال أنه يوجد شيءٌ آخر أولى من الاجماع، وهو رواية أبان بن تغلب الواردة في النكاح المنقطع فإنها دلت على ذلك، حيث ورد فيها:- ( تقول اتزوجك متعةً على كتاب الله وسنَّة نبيه لا وارثة ولا موروثة كذا وكذا يوماً وإن شئت كذا وكذا سنةً بكذا وكذا درهماً وتسمي من الأجر ما تراضيتما عليه قليلاً كان أو كثيراً فإذا قالت نعم فقد رضيت وهي امرأتك وأنت أولى الناس بها)، وهذا معناه أنه يلزم العقد في النكاح المنقطع، وبضم الأولوية نتعدى إلى العقد الدائم، حيث نقول إذا كان العقد معتبراً في النكاح المنقطع فبالأولى اعتباره في النكاح الدائم، وإذا لم تقبل بالأولوية فلا أقل لا احتمال للفرق بينهما.

إن قلت: - إنَّ الشيخ الأعظم(قده) إنما لم يأت بهذا الوجه لأنه يرتضيه، فهو يقبل بأنه إذا اعتبرنا الصيغة في باب النكاح المنقطع فبالأولى أنه يعتبر في النكاح الدائم، أو لا احتمال للفرق بينهما.

قلت: - إنه لم يلتفت إليه جزماً؛ إذ لو كان ملتفتاً إليه لذكره ثم ردّه، لا أنه يتمسك بالإجماع رأساً ويترك التمسك بهذه الرواية بعد ضم الأولوية إليها.

وعليه فما استدل به الشيخ الأعظم(قده) قابل للتأمل والأجدر ما استدللنا به من التمسك بالوجهين المذكورين.

الحكم الثالث: - الأحوط استحباباً كون العقد بلفظ الماضي.

وقد ينسب اعتبار الماضوية إلى المشهور ويستدل له ببعض الوجوه: -

الوجه الأول: - إنَّ الماضي صريحٌ في الانشاء، بخلافه في المضارع فإنه ليس بصريح في ذلك، فإنَّ الزوجة حينما تقول ( زوجتك نفسي ) فهذا التعبير صريحٌ في الانشاء، بخلاف تعبير ( ازوجك نفسي ) فإنه ليس بصريحٍ في الانشاء.

الوجه الثاني: - يلزم الاقتصار على المتيقن، فإنَّ المتيقن من الصيغ التي تتحقق بها علقة النكاح هي صيغة الماضي، وعلى هذا يلزم أن يكون العقد بصيغة الماضي اقتصاراً على القدر المتيقن.

وفي مقام التعليق نقول: -

أولاً: - نحن إما أنَّ نفترض وجود إطلاق في أدلة شرعية النكاح، أو نفترض العدم، فإنَّ فرض وجود اطلاق من قبيل ﴿وانكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم﴾، فالآية الكريمة مطلقة ولم تبين صيغة محددة فيمكن أن يقال هي تشمل كل صيغةٍ تدل على إنشاء النكاح، وعليه فتكون صيغة المضارع كافية تمسكاً بهذا الاطلاق.

وإن فرض عدم وجود الاطلاق كفانا ذلك للمنع من صيغة المضارع مثلاً لأنه لا يوجد إطلاق كي نتمسك به.

ثانياً: - التمسك بمعتبرة أبان بن تغلب، فإنَّ الوارد فيها هو صيغة المضارع حيث قالت: - ( تقول اتزوجك متعةً على كتاب الله وسنَّة نبيه ... )، وموردها وإن كان هو العقد المنقطع إلا أنه لا تحتمل الخصوصية من هذه الناحية فيتعدى إلى العقد الدائم وحينئذٍ لا اشكال في اجرائه بصيغة المضارع، نعم لا يترك الفقيه الاحتياط فيحتاط استحباباً باعتبار صيغة الماضي من باب أنَّها قدرٌ متيقن.

الحكم الرابع: - تجزي الترجمة للعاجز عن العربية.

اختلف الاصحاب في أنه يجوز العقد بغير العربية في حق القادر أو طلقاً؟ ويظهر من الشيخ النراقي(قده) في مستنده[1] اعتبارها مطلقاً، ويظهر من السيد اليزدي(قده) في تعليقته على المكاسب اعتبارها حالة التمكن من اجراء العقد بالعربية ولو بواسطة التوكيل وأما إذا لم يكن قادراً حتى على التوكيل جاز بغير العربية.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo