< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/04/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: هل نجزي الترجمة للعاجز عن العربية في صيغة العقد - الفصل الأول – كتاب النكاح

 

والمناسب عدم اعتبار العربية: - وذلك لوجهين:

الوجه الأول: التمسك بإطلاق دليل شرعية النكاح الذي يقول: ﴿ وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين ﴾، فإنه مطلق ولم يقيد بصيغةٍ خاصة وأنه بالعربية مثلاً، بل متى ما صدق عنوان النكاح ولو كان بالفارسية أو باللغات الأخرى فسوف يكون مشمولاً بهذا الاطلاق، فنتمسك بهذا الاطلاق كتمسكنا بالمطلقات في سائر الموارد.

الوجه الثاني: إنَّ العربية لو كانت معتبرة فإما أن تكون معتبرة مطلقاً - حتى في حق غير القادر - أو تكون معتبرة في حق القادر فقط، والأول باطل؛ لأنَّ لازمه عدم تحقق النكاح في حق غير القادر على العربية - خصوصاً كمن يسكنون في جزرٍ بعيدة ولم يتمكنوا من التوكيل فلازمه عدم تحقق النكاح في حقهم إلا أن يسافروا ويأتوا إلى النجف مثلاً ويجرى لهم العقد - وهذا باطل جزماً.

أو أنها تكون معتبرةً بنحو التفصيل فتكون معتبرة في حق القادر دون غيره، وهذا التفصيل وإن كان وجيهاً ثبوتاً إلا أنه يحتاج إلى ما يدل عليه اثباتاً وهو مفقود.

نعم اعتبارها من باب الاحتياط الاستحبابي شيءٌ وجيه، أما بنحو الفتوى بالإلزام أو الاحتياط الوجوبي فلا داعي إليه.

هذا وذهب بعض الاعلام إلى اعتبار العربية في عقد النكاح: ويمكن توجيه ذلك بوجهين:

الوجه الأول: - ما ذكره المحقق الكركي(قده) في جامع المقاصد في باب الرهن حيث ذكر انَّ العربية إذا لم تكن متوفرة فلا يصدق آنذاك عنوان العقد، وهو أولاً نقل عبارة العلامة في التذكرة ثم علق عليها، قال العلامة(قده): - ( وهل يشترط في الصيغة الفظ العربي؟ الأقرب العدم ) واشكل عليه وقال:- (قلت: يشكل بأن الاطلاق[1] محمول على المتعارف من العربي لأنَّ هذا من العقود اللازمة فيتوقف لزومه على العربية لأصالة العدم بدونه، لا يقال عموم أوفوا بالعقود ينافي الاشتراط[2] لأنا نقول نمنع صدق العقد بالعجمية مع امكان العربية )[3] .

أقول: - إنَّ ما ذكره غريب، كما يفهم من كلامه أنه إذا لم يمكن العربية فيصدق حينئذٍ عنوان العقد.

الوجه الثاني: - صحيح أنّ دليل ﴿وانكحوا الايامى﴾ أو ﴿اوفوا بالعقود﴾ مطلق لكن القدر المتيقن من العقد الصحيح أو من الاطلاق هو ما إذا كان بالعربية وأما كفاية غيره فتحتاج إلى دليل.

وهذا واضح الوهن أيضاً: - فإنَّ القدر المتيقن لا يمنع من التمسك بالاطلاق وإلا يلزم أنه لا يمكن التمسك بالاطلاق في كل الموارد أو على الأقل في أغلبها؛ إذ لا يخلو مورد من الاطلاق إلا وفيه قدر متيقن.

نعم إذا أراد الفقيه أن يحتاط استحباباً فلا بأس بذلك.

ونلفت النظر إلى أنَّ السيد الحكيم(قد) في منهاجه القديم قد احتاط استحباباً في اعتبار العربية، لكن السيد الخوئي(قده) في منهاجه الجديد احتاط وجوباً في اعتبارها.

الحكم الخامس: - تجزي الاشارة مع العجز عن النطق.

فلو فرض أنَّ شخصا أراد أن يتزوج وهو عاجز عن النطق فحينئذٍ تكفيه الإشارة المفهمة، والوجه في ذلك التمسك بإطلاق مثل ﴿وانكحوا الايامى﴾، ببيان أنَّ الإشارة إذا كانت مفهمة لإرادة النكاح وقبلت الزوجة فسوف يصدق عنوان النكاح والعقد فنتمسك له آنذاك بإطلاق ﴿أوفوا بالعقود﴾ أو ﴿وأنكحوا الأيامى منكم﴾

ويدعم ذلك ما ورد في طلاق الاخرس حيث دلت الرواية على أنَّ ما يفهم به يكفي، من قبيل ما وراه محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي: - (سألت ابا الحسن الرضا عليه السلام عن الرجل تكون عنده المرأة يصمت ولا يتكلم، قال:- أخرس هو؟ قلت:- نعم ويعلم منه بغض لامرأته وكراهة لها أيجوز أن يطلق عنه وليه؟ قال:- لا ولكن يكتب ويشهد على ذلك، قلت:- فإنه لا يكتب ولا يسمع كيف يطلقها؟ قال:- بالذي يعرف به من افعاله مثل ما ذكرت من كراهته وبغضه لها )[4] ، وسند الصدوق إلى احمد بن محمد بن أبي نصر معتبر كما أن بقية سندها معتبر، كما رواها المشايخ الثلاثة، وهي أن كانت واردة في طلاق الاخرس إلا أنه يمكن التعدي إلى عقد النكاح من باب إلغاء الخصوصية.

ويدعم ذلك أيضاً ما ورد في قراءة الاخرس في الصلاة وتشهده وتلبيته من كفاية الإشارة، من قبيل ما رواه محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن ابيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله قال:- (تلبية الأخرس وتشهده وقراءته القرآن في الصلاة تحريك لسانه واشارته بأصبعه)[5] .

وسندها معتبر بناءً على أنَّ الأمر في النوفلي سهل.

وهذه الرواية وإن كانت واردة في الصلاة إلا أنها تصلح أن تكون داعماً للفقيه في أن يحكم بكفاية الإشارة في حق الأخرس في باب النكاح، وإذا لم يطمئن إلى هذا بدرجةٍ قوية فلا أقل من كونه مؤيداً للإطلاق الذي تمسك به.


[1] أي اطلاق أدلة العقود.
[2] يعني يريد أن يقول انه لم يقل ( أوفوا بالعقود العربية ) وهذا يدل على عدم الاشتراط، ونحن نقول للمحقق الكركي:- عليك ان تتمسك بإطلاق (وانكحوا الايامى) أيضاً فإنه نفس الشيء، فمن المناسب أن تقول إنَّ عموم (أوفوا بالعقود) واطلاق (وانكحوا الايامى ) ينافي الاشتراط لا أنه يقيد بـ( أوفوا بالعقود) فقط؟!.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo