< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/04/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الحكم السادس ( لو زوجت الثيب نفسها صح )، الحكم السادس ( يعتبر إذن الولي في تزويج البكر على الاحوط وجوباً ) - الفصل الأول – كتاب النكاح.

 

الحكم السادس:- لو زوجت المرأة نفسها صح.

والمقصود في هذا الحكم هو أنه لو زوجت الثيّب نفسها من دون إذن وليها صح العقد، وكان المناسب للسيد الماتن أن يقيد بالثيّب، والأفضل في التعبير أن يقول:- ( لو زوجت الثيّب نفسها صح )، ولكنه اكتفى بما يأتي من بيان حكم تزويج البكر فيظهر أنَّ المقصود هنا هو المرأة الثيب.

وقد اتفقت الكلمة - تقريباً - على أنَّ الثيَّب لا تحتاج في زواجها إلى إذن وليها، ويمكن أن نتمسك لذلك بثلاثة وجوه:-

الوجه الأول:- التمسك بالاطلاقات، كاطلاق قوله تعالى:- ﴿ وانكحوا الايامى منكم والصالحين ... ﴾، فإنَّ قيد إذن الولي قد ثبت في البكر - على مما سيأتي على كلام - وأما في غير البكر فلم يثبت في حقها هذا القيد فنتمسك حينئذٍ بالاطلاق لاثبات الصحة.

الوجه الثاني:- التمسك ببعض الروايات، من قبيل ما رواه المحمدون الثلاثة، من قبيل ما رواه محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن الفضيل بن يسار ومحمد بن مسلم وزرارة وبريد بن معاوية كلهم عن أبي جعفر عليه السلام قال:- ( المرأة التي قد ملكت نفسها - غير السفيهة ولا المولى عليها - تزويجها بغير ولي جائز ).

وهي معتبرة السند فإنَّ طريق الشيخ إلى الفضيل ومحمد بن مسلم وزرارة وبريد معتبر، وقد دلت على أنَّ المرأة التي قد ملكت نفسها - ولم تكن سفيهة وغير مولّى عليها - إذا زوجت نفسها من دون إذن وليها جاز، وحينئذٍ يقال إنَّ المرأة غير المولّى عليها ليست إلا الثيّب، وعليه فيمكن أن يستفاد من هذه الرواية المطلوب.

الوجه الثالث:- إنَّ المعروف بين الاصحاب منذ زمن الأئمة عليهم السلام إلى ماننا هو أنَّ المرأة الثيّب حرة في تزويج نفسها من دون حاجة إلى إذن وليها، وهذه المسألة ابتلائية واتفاق العلماء في المسألة الابتلائية من دون مخالفٍ يورث للفقيه الاطمئنان بأنَّ الحكم هو عدم الحاجة إلى الاستئذان.

وقد تقول:- ينسب إلى ابن أبي عقيل اشتراط إذن الولي، فقد نسب إليه صاحب الحدائق(قده) ذلك، كما بنى على ذلك السيد الحكيم(قده) في المستمسك.

قلنا:- إنَّ مخالفة ابن أبي عقيل لا تقدح في حصول الاطمئنان في عدم اشتراط إذن الولي في زواج الثيّب فإنَّ مخالفاته كثيرة كما نعرف، وعليه فالاطمئنان من خلال عدم معروفية المخالف يبقى قوياً فيتمسك به.

الحكم السابع: - يعتبر في تزويج البكر إذن الولي على الأحوط وجوباً.

وهذه مسألة وقعت محلاً للخلاف بين الاعلام، وسبب الخلاف هو اختلاف الروايات فإنها على طوائف ثلاث، طائفة دلت على أنه لا أمر لها بل الأمر أمر الأب، وطائفة دلت على عدم الحاجة إلى استئذان الولي، وطائفة دلت على اعتبار إذنهما - أي إذن الولي وإذن البنت -.

وقبل بيان هذه الطوائف نلفت النظر إلى ما ذكره الشيخ الأعظم(قده) في كتاب النكاح:- حيث ذكر روايات متعددة تدل على اعتبار إذن الأب وقال:- ( هذه ثلاث وعشرن رواية تدل على استمرار ولاية الأب على البالغة الباكرة لكنها مع صحة كثير منها كوضوح دلالة أكثرها معارضة بأخبار كثيرة تدل على استقلال الباكر معتضدة أو منجبرة بفتوى الأكثر ودعوى الاجماع ) .

وأما طوائف الروايات:-

فالطائفة الأولى:- وهي ما دل على اعتبار إذن الأب:-

الرواية الأولى:- ما رواه الشيخ الكليني عن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن عبد الله بن الصلت قال:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الجارية الصغيرة يزوجها ابوها، لها أمرٌ إذا بلغت؟ قال:- لا ليس لا مع أبيها أمر، وسألته عن البكر إذا بلغت مبلغ النساء ألها مع أبيها أمر، قال:- ليس لها مع ابيها أمر ما لم تكبر[ ما لم تثيب ][1] )[2] .

وسندها معتبر، فإنَّ عبد الله بن الصلت قد وثقه النجاشي.

وأما دلالتها:- فقد قالت:- ( ليس لها مع أبيها أمر ما لم تثبت )، يعني إلا إذا صارت ثيّباً، فتكون دلالتها على لزوم موافقة الأب على زواج البكر واضحة.

الرواية الثانية:- حُمَيد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن جعفر بن سماعة عن فضل بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( لا تستأمر الجارية التي بين ابويها[3] إذا أراد أبوها أن يزوجها أو انظر لها، وأما الثيب فإنها تسأذن وإن كانت بين ابويها إذا أرادا أن يزوجاها )[4] .

وسندها يمكن أن يقال هو معتبر، فإنَّ حُمَيد ثقة، والحسن بن محمد بن سماعة فثقة أيضاً، وأما جعفر بن سماعة فلعله جعفر بن محمد بن سماعة ولكن حذف الأب اختصاراً، فإن بنينا على أنه جعفر بن محمد بن سماعة فقد وثقه النجاشي، وأما الفضل بن عبد الملك فهو أبو العباس البقباق وهو من ثقاة اصحابنا.

وأما دلالتها على المطولب فواضحة ولا تأمل فيها.

الرواية الثالثة:- علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال:- ( سألته عن الرجل هل يصلح له أن يزوج ابنته بغير إذنها؟ قال:- نعم ليس يكون للولد أمر إلا أن تكون امرأةً قد دخل بها قبل ذلك فتلك لا يجوز نكاحها إلا أن تسأمر )[5] ،.

وسند الشيخ الطوسي إلى كتاب علي بن جعفر معتبر وقد ذكره في الفهرست ومشيخة التهذيب.

وأما دلالتها على المطلوب فواضحة.

الرواية الرابعة:- الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( في الجارية يزوجها أبوها بغير رضا منها، قال:- ليس لها مع أبيها أمر إذا انكحها جاز نكاحه وإن كانت كارهة )[6] .

فحينما قال الامام عليه السلام:- ( ليس لها مع أبيها أمر ) فالقدر المتيقن منها هو البكر، وبذلك تدل على المطلوب.


[1] لكن الوارد في المصدر هو تعبير ( ما لم تثيب ) التهذيب، الطوسي، ج7، ص381.
[3] أي الأب أو الجد.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo