< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/04/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الحكم الثاسع ( ما المقصود من الكفؤ )، الحكم العاشر ( لو زوجت البنت نفسها من دون إذن وليها ثم اجاز صح العقد، مسألة ( 1228 ) صيغة عقد النكاح وكيفية اجرائه - الفصل الأول – كتاب النكاح.

الحكم التاسع:- ما المقصود من الكفؤ الذي لو منع الأب بنته من الزواج منه سقطت ولايته؟

المراد من الكفؤ هنا هو الكفؤ الشرعي والعرفي معاً، فلا يكفي الكفؤ الشرعي وحده، كما لا يكفي الكفؤ العرفي وحده، كما لو كان متديناً ولكنه ليس كفؤا عرفياً بأن كان فقيراً وكانت البنت من بيتٍ ثري أو كانت مثقفة وهو ليس متعلماً، فمثل هذا الشخص لا يكون كفؤاً لها، فإذا منعها الأب من الزواج بالكفؤ الشرعي والعرفي معاً سقطت لايته، ولا يكفي أن يفسح لها المجال للكفؤ الشرعي فقط دون العرفي أو بالعكس، بل لا تسقط ولايته إلا إذا منعهما من الكفؤ الشرعي والعرفي معاً، وأما إذا أراد أن يزوجها من الفقير وهي ثرية فهذا الشخص ليس كفؤا عرفياً لها فتسقط ولاية الأب حينئذٍ.

والوجه في كون المدار على الكفؤ الشرعي والعرفي معاً هو أنَّ الأب منصوب لمراعاة مصلحة البنت، ومصلحتها هي تزويجها بمن كان كفؤا شرعاً وعرفاً لها دون ما إذا كان كفؤا شرعاً لا عرفاً أو بالعكس.

الحكم العاشر:- لو عقدت البنت بدون إذن أبيها كفت اجازته بعد العقد وصح العقد.

والوجه في ذلك امران:-

الأول:- إنَّ هذا عقد فضولي، والعقد الفضولي يكفي في صحته الاجازة البعدية.

الثاني:- إنَّ الروايات المتقدمة ذكرت اعتبار إذن الأب في زواج بنته الباكر، ومن المعلوم أنه يصدق تحقق إذنه بتقدمه على العقد أو بتأخرة عليه أيضاً، فإذا تأخر الإذن ورضي بذلك فمقتضى اطلاق تلك الروايات صحة العقد فإنها لم تعتبر إذن الأب بشرط أن يكون متقدماً على العقد، بل هي ذكرت أنه لابد لصحة العقد من إذنه، وهذا يصدق فيما إذا كان الإذن سابقاً على العقد أو لاحقاً له.

 

مسألة ( 1228 ):- يجزي في صورة النكاح الدائم أن تقول الزوجة للزوج زوجتك نفسي بمهر دينارٍ مثلاً فيقول الزوج قبلت، وإذا كانت الزوجة قد وكلت وكيلاً قال وكيلها للزوج:- زوجتك موكلتي هنداً مثلا بمهر دينار فيقول الزوج قبلت، وإذا كان الزوج قد وكّل وكيلاً قالت الزوجة لوكيل الزوج:- زوجت موكلك زيداً مثلاً نفسي بمهر دينار مثلاً فيقول الوكيل قبلت، وإذا كان كل من الزوج والزوجة قد وكّل وكيلاً قال وكيل الزوجة لوكيل الزوج:- زوجت موكلك زيداً مكلتي هنداً بمهر دينار مثلاً فيقول وكيل الزوج قبلت، ويجوز لشخص واحد تولي طرفي العقد حتى الزوج نفسه لكن الاحوط استحباباً أن لا يتولى الزوج الايجاب عن الزوجة والقبول عن نفسه.

..........................................................................................................

وقبل أن نبين مستند الأحكام الواردة في هذه المسألة نذكر مقدمة:- وهي أنَّ كل من الطرفين يصدق عليه عنوان الزوج، فكما يصدق عنوان الزوج على الرجل كذلك يصدق المرأة، فتستطيع أن تقول للمرأة هذه زوجة، كما تستطيع أن تقول هي زوج، وهذا ثابت لغةً وقد ورد في الكتاب الكريم، فلاحظ مثل قوله تعالى:- ﴿وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة﴾[1] ، وقوله تعالى:- ﴿ ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة ﴾[2] .

وباتضاح هذا نخرج بنتيجة مهمة وبها تنحل الأحكام التي ذكرت في هذه المسألة، فكما يتمكن الزوج أن يقول للزوجة ( زوجتك نفسي بمهر كذا ) تتمكن الزوجة أن تقول للزوج ( زوجتك نفسي ) فهو يصح من الاثنين معاً فإنَّ كل واحد منهما يصدق عليه عنوان الزوج، فالمرأة زوجٌ والرجل زوج، وهذه مسألة يجدر الالتفات إليها.

أما أحكام الوارد في المسألة:-

الحكم الأول:- يجزي في صورة النكاح الدائم أن تقول الزوجة للزوج زوجتك نفسي بمهر دينار مثلاً فيقول الزوج قبلت.

ويمكن أن نقول إنَّ هذه الصيغة هي القدر المتقين.

وهنا شيء تجدر الاشارة اليه:- وهو أنه هل يلزم في عقد النكاح اللفظ أو يجوز الزوج المعاطاتي - إن صح التعبير -؟

الجواب:- لو خلينا نحن والقاعدة فيمكن أن يحكم بجواز النكاح المعاطاتي؛ إذ لا دليل على اعتبار اللفظ في عقد النكاح، وحتى لو فرض وجود روايات في ذلك ولكن يمكن أن يقال إنَّ هذا من باب بيان المصداق لا من باب كونه هو المتعين.

نعم ذكر صاحب الحدائق(قده) تحقق الاجماع على اعتبار اللفظ حيث قال:- ( اجمع العلماء من الخاصة والعامة على توقف النكاح على الايجاب والقبول اللفظيين )[3] ، فلأجل هذه الدعوى سوف يتوقف الفقيه من الفتوى بجواز العقد المعاطاتي، فإذا لم يفت بنحو الجزم على اعتبار اللفظ في عقد النكاح فلا أقل من المصير إلى الاحتياط باعتباره فيه.

ثم إنَّ السيد لماتن(قده) قال:- ( يجزي في صورة النكاح الدائم أن تقول الزوجة للزوج زوجتك نفسي بمهر دينار فيقول الزوج قبلت ).

وكان المناسب له أن يقول:- ( وهكذا العكس )، يعني لو قال الزوج للمرأة ( زوجتك نفسي على مهر كذا فقالت المرأة قبلت صح أيضاً )، فإنَّ الاشارة إلى هذا لا بأس به أيضاً.

الحكم الثاني:- إذا وكلت الوزجة وكيلاً قال الوكيل للزوج زوجتك موكلتي هنداً مثلاً بمهر دينار فيقول الزوج قبلت.

وهذه الصيغة لا أشكال فيها ولكنها بالوكالة.

وهنا يأتي ما ذكرناه في الحكم الأول أيضاً، فلا يلزم أن يقول وكيل الزوجة للزوج ( زوجتك موكلتي هنداً بمهر كذا )، بل يمكن للزوج أن يقول لوكيل الزوجة زوجت موكلتك نفسي على مهر كذا فيقول وكيلها قبلت فإنَّ هذا صحيح أيضاً.

الحكم الثالث:- إذا وكل الزوج وكيلاً فيمكن أن تقول الزوجة لوكيل الزوج زوجت موكلك زيداً نفسي بمهر دينار فيقول الوكيل قبلت، وكذلك يصح العكس وهو أن يقول وكيل الزوج للزوجة زوجتك موكلي فلان على مهر كذا فتقول الزوجة قبلت.

الحكم الرابع:- إذا جعل كل واحد منهما وكيلاً قال وكيل الزوجة لوكيل الزوج زوجت موكلك زيداً موكلتي هنداً بمهر دينار مثلاً فيقول وكيل الزوج قبلت.

وهذا لا مشكلة فيه فإنه مشمول لاطلاقات الأدلة، والعكس يأتي هنا أيضاً، فيقول وكيل الزوج لوكيل الزوجة زوجت موكلي من موكلتك على مهر كذا فيقول وكيل الزوج قبلت فهذا صحيح أيضاً.


[2] الأعراف، الاية19.
[3] الحدائق الناضرة، البحراني، ج23، ص156.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo