< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/04/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الحكم الخامس ( يجوز لشخص واحد تولي طرفي عقد النكاح حتى لو كان هو الزوج أو الزوجة )، مسألة ( 1228 )، مسألة ( 1229 ) لا يشترط الشهود في عقد النكاح - الفصل الأول – كتاب النكاح.

 

الحكم الخامس:- يجوز لشخصٍ واحد تولي طرفي العقد حتى الزوج نفسه لكن الاحوط استحباباً أن لا يتولى الزوج الايجاب عن الزوجة والقبول عن نفسه.

وهذا الحكم له قسمان:-

القسم الأول:- يجوز لشخصٍ ثالث - غير الزوج والزوجة - تولي طرفي العقد، فليس من اللازم أن يجري الزوج والزوجة العقد بنفسيهما بل يكفي أن يتولاه طرف ثالث بأن يأخذ الوكالة منهما ثم يتولى العقد عن الطرفين فيقول زوجت موكلتي فلانة موكلي فلان على مهر كذا ثم يقول قبلت الزواج عن موكلي، وحينئذٍ يتم العقد.

القسم الثاني:- يجوز أن يكون المتولي لطرفي العقد هو الزوج نفسه وليس شخصاً ثالثاً، فالزوج يأخذ الوكالة من الزوجة ثم يقول زوجت موكلتي فلانه نفسي على مهر كذا ثم يقول قبلت، فهذا جائز أيضاً.

ويوجد شيء يسجل على عبارة المتن:- وهو أنَّ السيد الماتن(قده) ذكر أنه يجوز حتى للزوج نفسه أن يتولى طرفي العقد، ولكن يمكن أن يعلق على ما ذكره ويقال:- بل يجوز الزوجة أيضاً تولي طرفي العقد، فلو أخذت الزوجة وكالةً من الزوج ثم قالت زوجت نفسي من موكلي فلان على مهر كذا ثم قالت قبلت فهذا يكفي أيضاً، فكان من المناسب للسيد الماتن أن يذكر هذا أيضاً.

ثم إنَّ السيد الماتن احتاط في ذلك وقال:- ( لكن الاحوط استحباباً أن لا يتولى الزوج طرفي العقد )، وهذا تراجع جزئي منه، ومنشأ التراجع وجود وراية قد يستفاد منها ذلك، وهي ما وراه محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب عن أحمد بن الحسن عن عمر بن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمار الساباطي قال:- ( سألت أبا الحسن عليه السلام عن امرأة تكون في أهل بيت فتكره أن يعلم بها أهل بيتها أيحل لها أن توكل رجلاً يريد أن يتزوجها تقول له قد وكلتك فاشهد على تزويجي؟ قال:- لا، قلت له:- جعلت فداك وإن كانت أيماً؟ [1] ، قال:- وإن كانت أيماً، قلت:- فإن وكّلت غيره بتزويجها منه؟ قال:- نعم )[2] .

ما سندها:- فهي موثقة، فإنَّ سند الشيخ إلى الحسن بن محبوب معتبر، ومحمد بن محبوب ثقة، واحمد بن الحسن فهو ابن علي بن فضال الثقة، وعمر بن سعيد فهو المدائني الثقة، ومصدق بن صدقة ثقة أيضاً، وعمّار الساباطي ثقة أيضاً إلا أنه فاسد المذهب، وعليه فتكون موثقة.

وأما دلالتها:- فيمكن أن يقال إنها دلت على أنه لا يصح للزوج أن يصير وكيلاً عن الزوجة ثم يجري العقد بنفسه، ولكن إذا جعلت الزوجة وكيلاً غير الزوج ثم أجرى الزوج صيغة العقد مع وكيلها جاز ذلك، وعليه فنستنتج من ذلك أنَّ الزوج لا ينبغي له أن يتولى طرفي العقد - عن نفسه بالاصالة وعن الزوجة بالوكالة - لأجل هذه الرواية فإنه قد يفهم منها عدم الجواز، ولذلك احتاط الفقهاء في ذلك استحباباً.

إن قلت:- لماذا احتاط الفقهاء استحباباً ولم يفتوا بذلك بل لا أقل أن يحتاطوا وجوباً؟

قلت:- يمكن إن يقال إنَّ السبب في عدم القول بالاحتياط الوجوبي وانتقالهم إلى الاحتياط الاستحبابي هو أنَّ الرواية قالت:- ( تقول له:- قد وكلتك فاشهد على تزويجي ) فلعل الامام عليه السلام لم يجوز ذلك من ناحية أنَّ الزوجة أرادت من الزوج أن يشهد على العقد، وحينئذٍ لا يمكن أن يصير أحد طرفي العقد هو مجرياً للعقد وشاهداً عليه في نفس الوقت فالامام عليه السلام لم يجوز من هذا الباب، نعم إذا وكلت غيره بتزويجها منه جاز ذلك حيث قالت الرواية ( فإن وكّلت غيره بتزويجها منه؟ قال:- نعم )، يعني من دون أن يشهد، فلعل النكتة هي وجود الشهادة والامام عليه السلام لم يجوز ذلك في حال طلب الزوجة الشهادة من الزوج مع اجرائه للعقد بنفسه، وأما إذا لم تجعله شاهداً جاز ذلك، وعلى هذا يكون المصير إلى الاحتياط الاستحبابي أولى.

 

مسألة ( 1229 ):- لا يشترط الشهود في صحة النكاح. ولا يلتفت إلى دعوى الزوجية بغير بينة مع حلف المنكر وإن تصادقا على الدخول، فلو ردَّ اليمين فحلف المدعي حكم بها، كما أنه يلزم المقر بإقراره على كل حال، ولو تصادقا على الزوجية ثبتت.

تشتمل المسألة على خمسة احكام:-

الحكم الاول:- لا تشترط الشهود في صحة الزواج على مذهبنا بعكس الطلاق.

والدليل على عدم اشتراط الشهادة في باب الزواج ثلاثة أمور:-

الأمر الأول:- عدم الدليل على اعتبار الشهادة، فنتمسك باطلاق ﴿ وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم ﴾ فهو لم يقيد بالشهادة .

الأمر الثاني:- ورود بعض الروايات:-

من قبيل:- ما رواه علي بن إبراهيم عن أبيه وعن محمد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان عن ابن عمير عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( في الرجل يتزوج بغير بيَّنة، قال:- لا بأس )[3] ، وهي معتبرة السند، ودلالتها على عدم اعتبار الشهادة في النكاح واضحة.

ومن قبيل:- ما رواه الشيخ الكليني عن عدّة من اصحابنا عن سهل بن زياد عن داود النهدي عن ابن أبي نجران عن محمد بن الفضيل قال:- ( قال أبو الحسن عليه السلام لأبي يوسف القاضي:- إنَّ الله قد أمر بكتابه بالطلاق وأكد فيه بشاهدين ولم يرضَ بهما إلا عدلين، وأمر في كتابه بالتزويج فأهمله بلا شهود، فأثبتم شاهدين فيما اهمل، وأبطلتم الشاهدين فيما أكَّد )[4] .

أما سندها:- ففيه كلام من ناحية في سهل بن زياد وداود النهدي فإنه يحتاج إلى مراجعة.

وأما دلالتها على المضمون فواضحة، وهي ذات مضمون قوي قد يكون سبباً في حصول الوثوق بصدروها.

كما توجد روايات اخرى في هذا المورد.

الأمر الثالث:- السيرة، فإنها جرت بيننا على عدم الإشهاد في النكاح، نعم قد يحضر جملة من المؤمنين ويستمعون إلى العقد وهذا شيء لا بأس به ولكن أحياناً يجري وكيلي الزوجين صيغة العقد من دون حضور الشهود، وهذه سيرة ليست حادثة وإنما هي مأخوذة يداً بيد من زمن المعصوم عليه السلام، ولو كانت السيرة سابقاً قائمة على الإشهاد اللزومي في عقد النكاح لانتقل إلى سيرتنا والحال أنه لم ينتقل فيدل ذلك على أنَّ السيرة السابقة كانت كذلك أيضاً.

ومن الغريب أنَّ ابن أبي عقيل أوجب الإشهاد في عقد النكاح على ما نقل عنه صاحب الجواهر(قده)[5] .


[1] الأيم: - من ليس له زوج.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo