< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/05/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الدليل الثالث والرابع على جواز النظر ( وهو بعض الروايات )/ الأدلة على جواز النظر إلى وجه الاجنبية وكفيها/ شروط جواز النظر للمرأة التي يراد التزويج به /مسألة ( 1232 ) /الفصل الأول / كتاب النكاح

 

وفي الجواب عن هذا الدليل نقول: - إنَّ هذا وجيه فيما إذا كان المقصود من نفي الصلاحية في قوله عليه السلام ( لا يصلح ) هو عدم الصلاحية شرعاً، وحينئذٍ تكون الرواية دالة على أنَّ بعض مواضع بدن المرأة يصلح شرعاً النظر إليه وأما بعضها الآخر فلا يصلح شرعاً النظر إليه، وحيث لا يحتمل إن يكون الذي يصلح شرعاً النظر إليه غير الوجه والكفين فيثبت أن الذي يصلح النظر إليه هو الوجه والكفان والامام عليه السلام قد أقر ما أفاده أبو حمزة الثمالي وسكت عنه، ولكن يوجد احتمال آخر وهو أن يكون المقصود أنه لا يصلح عرفاً النظر، كأن يكون الجرح قريباً من الفرج أو في المناطق المجاورة فمثل هذه الأماكن لا يصلح أن ينظر إليها الرجل حتى في حق غير المتشرّع، فإخراج المرأة لتلك المواضع لا يصلح النظر إليه عرفاً، فعدم الصلاحية عرفية لا شرعية، وحيث إنَّ الرواية مردّدة بين الاحتمالين فحينئذٍ لا يمكن التمسك بها.

وأما سندها: - ففيه مشكلة من ناحية علي بن الحكم، فإنَّ أبي حمزة الثمالي من أصحاب أئمة ثلاثة السجاد والباقر والصادق عليهم السلام وعلي بن الحكم - والمفروض أنه يروي عن أبي حمزة الثمالي - من تلاميذ ابن أبي عمير، وابن أبي عمير معاصر للإمام موسى بن جعفر عليه السلام، فإذا كان علي بن الحكم من تلاميذ ابن أبي عمير فمن البعيد أن يروي عن أبي حمزة الثمالي بالمباشرة، وعليه فيلزم أن تكون بينه وبين أبي جمزة واسطة ولكنها سقطت من السند، ولكن لا نحتاج إلى هذا في عدم الاخذ بالرواية بل يكفينا أنها قابلة للمناقشة من جهة الدلالة.

الدليل الثالث: - ما رواه محمد بن يحيى عن احمد بن محمد[1] عن علي بن الحكم عن علي بن سويد قال:- ( قلت لأبي الحسن أني مبتل بالنظر إلى المرأة الجميلة فيعجبني النظر إليها، فقال:- يا علي لا بأس إذا عرف الله من نيتك الصدق وإياك والزنا فإنه يمحق البركة ويهلك الدين )[2] .

وتقريب الدلالة: انَّ علي بن سويد قال للإمام عليه السلام: - ( اني مبتلٍ بالنظر إلى المرأة الجميلة ... ) فقال له الامام عليه السلام ( لا بأس إذا عرف الله من نيتك الصدق ) أي كان نظرك من دن شهوة فلا مشكلة في النظر.

وفي مقام التعليق نقول:- كما يوجد في الرواية هذا الاحتمال - وهو الذي أشار إليه الشيخ الأعظم(قده) في كتاب النكاح[3] وبناءً عليه تتم دلالة الرواية على جواز النظر إلى الوجه والكفين من دون تلذذ وشهوة - يوجد احتمال آخر أشار إليه صاحب الجواهر(قده)[4] وهو أن الامام عليه السلام حينما قال:- ( إذا علم الله من نيتك الصدق ) يعني علم منك أنَّ عينك ستقع على المرأة عفواً من دون تعمّد فهنا لا بأس به وأما إذا تعمّدت ذلك ففيه بأس، وبناءً على هذا الاحتمال لا يجوز النظر إلى وجه المرأة ولو من دون تلذذ، وحيث إنَّ الرواية مرددة بين الاحتمالين فتصير مجملة ولا يصح التمسك بها لاثبات جواز النظر من دون تلذذ وشهوة، والحقٌّ أنها مجملة من هذه لناحية فالتمسك بها شيء صعب.

الدليل الرابع:- ما وري عن جابر بن عبد الله الانصاري حيث ورد أنه كان في خدمة النبي صلى الله عليه وآله في أحد الأيام حين ذهابه إلى دار الزهراء عليها السلام فرأى جابر وجه الزهراء عليها السلام، وبذلك تدل هذه الرواية على جواز النظر، وقد تمسك بها صاحب الحدائق(قده)[5] ، كما تمسك بها الشيخ الأعظم(قده) في كتاب النكاح[6] ، وهي ما رواه محمد بن يعقوب عن عدَّة من اصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن إسماعيل بن مهران عن عبيد بن معاوية بن شريح عن سيف بن عميرة عن عمرو بن شمر قال:- ( خرج رسول الله صلى الله عليه وآله يريد فاطمة وأنا معه لما انتهينا إلى الباب وضع يده عليه فدفعه ثم قال:- السلام عليكم، فقالت فاطمة:- وعليك السلام يا رسول الله، قال:- أدخل؟ قالت:- ادخل يا رسول الله، قال:- ادخل وانا ومن معي؟ قالت:- ليس علي قناع، فقال:- يا فاطمة خذي فضل ملحفتك فقنعي به رأسك، ففعلت، ثم قال:- السلام عليك، فقالت:- وعليك السلام يا رسول الله، قال:- أدخل؟ قالت:- نعم يا رسول الله، قال:- انا ومن معي؟ قالت:- ومن معك؟ قال:- جابر، فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله ودخلت وإذا وجه فاطمة عليها السلام اصفر كأنه بطن جرادة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله:- مالي أرى وجهك اصفر؟ قالت:- يا رسول الله الجوع، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله:- اللهم مشبع الجوعة ودافع الضيعة اشبع فاطمة بنت محمد، قال جابر:- فوالله نظرت على الدم ينحدر من قصاصها حتى عاد وجهها أحمر فما جاعت بعد ذلك اليوم )[7] [8] .

وسندها ليس بمعتبر؛ إذ ورد فيه عمرو بن شمر وهو ضعيف - أو لم يوثق -.

ودلالتها على المطلوب تامة، ولكن يرد عليه ما أفاده صاحب الجواهر(قده) من أنه حتى لو جاز للمرأة أن تبرز وجهها وجاز للأجنبي أن ينظر إليها لكن مقام الزهراء عليها السلام مقام آخر؛ إذ لا يحتمل أن تكشف الزهراء عن وجهها وينظر إليها الأجانب، قال:- ( وخبر فاطمة عليها السلام يمكن أن يكون بالنظر الاتفاقي أو لغير ذلك وإلا فمن المستبعد نظره العمدي إليها بمحضر من رسول الله صلى الله عليه وآله بل يمكن القطع بعدمه ضرورة معلومية كون الأولى خلافه من سائر النساء والرجال فضلاً عن سيدة نساء العالمين وجابر، بل في حديثٍ أنها قالت للنبي صلى الله عليه وآله:- خير للنساء أن لا يرين الرجال ولا يراهن الرجال، فقال صلى الله عليه وآله:- فاطمة مني )[9] ، ونِعمَ ما قال.


[1] واحمد بن محمد فهو إما ابن عيسى أو ابن خالد البرقي وكلاهما ثقة.
[8] وقد رواها الكافي، الكليني، ج5، ص528.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo