< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/05/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حكم النظر الى قدمي المرأة، حكم نظر الطبيب الى بدن المرأة لأجل علاجها، حكم نظر الطبيب أو الطبيبة إلى داخل عورة المرأة لأجل التشخيص والعلاج / مسألة ( 1232 ) / الفصل الأول / كتاب النكاح.

 

حكم النظر إلى قدمي المرأة الأجنبية: -

بعد أن ثبت جواز النظر إلى وجه وكفي المرأة الأجنبية يقع الكلام في النظر إلى قدميها، وقد يستدل على جوازه بوجهين:-

الأول:- التمسك بما رواه محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن مِرْوَك بن عبيد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- (قلت له:- ما يحل للرجل أن يرى من المرأة إذا لم يكن محرماً ؟ قال:- الوجه والكفان والقدمان)[1] .

وهي وإن كانت واضحة الدلالة على جواز النظر إلى القدمين إلا أنها مرسلة، فإنَّ مِرْوَك وإن كان ثقة حيث قال عنه الكشي:- ( قال محمد بن مسعود[2] سألت علي بن الحسن[3] عن مروك بن عبيد بن سالم بن أبي حفص فقال ثقة شيخ صدوق ) [4] إلا أنه يرويها عن بعض اصحابنا.

بل قد يقال:- لا يوجد قائل بمضمونها، فهي معرض عنها ولازم اعراض الاصحاب عنها أنه حتى لو صح سندها لا يؤخذ بها بسبب هذا الاعراض فإنَّ الاعراض يسقطها عن الاعتبار، وقد ادعى صاحب الحدائق(قده) هذا المعنى حيث قال:- ( ظاهر كلامهم تخصيص الاستثناء بالوجه والكفين )[5] .

الثاني: - التمسك لجوزا النظر بأصل البراءة بعد قصور مقتضي الحرمة عن شمول القدمين.

ويرد عليه:- انه توجد بعض الروايات التي تدل على حصر ما يجوز ابرازه للمرأة بالوجه والكفين، وهي صحيحة عبد الله بن جعفر في قرب الاسناد عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن زياد قال:- ( سمعت جعفراً وسئل عمّا تظهر المرأة من زينتها، قال:- الوجه والكفين)[6] .

وهي معتبرة السند.

إلا أنه قد يقال في دلالتها: - إنها اجنبية عن المقام، فإنها ناظرة إلى ما تظهره المرأة والامام عليه السلام أجاب بأنَّ ما تظهره هو الوجه والكفان، وليست ناظرة إلى جواز نظر الرجل، بل هاتان مسألتان مختلفتان، فما تبرزه المرأة مسألة وما يجوز نظر الرجل إليه في حق المرأة مسألة أخرى.

والجواب:- إنها حصرت ما يجوز للمرأة أن تظهره بالوجه والكفين وهذا معناه أنه لا يجوز لها أن تظهر القدمين، وإذا لم يجز ذلك فبضم الملازمة العرفية بين عدم جواز اظهار الشيء - كالقدمين - وبين عدم جواز نظر الأجنبي يثبت عدم جواز نظر الأجنبي إليه، نعم شبهة جواز النظر والملازمة قد يقال بها فيما إذا جاز للمرأة اظهار القدمين، فإنه إذا جاز اظهار القدمين فهنا تأتي شبهة جواز النظر، وإن قلنا في أبحاثٍ قلنا إنه حتى إذا جاز اظهار الشيء لا يدل بالملازمة العرفية على جوز النظر، ولكن لو قلنا بالملازمة فهي تقال هناك ولا تقال فيما إذا فرض أنه يحرم عليها ابراز القدمين، فإنه إذا كان يحرم عيها الابراز فجواز النظر ليس بموجود جزماً.

حكم النظر إلى بدن الأجنبية عند الحاجة[7] : -

قد يفترض ابتلاء الطبيب بذلك كما لو كانت المرأة ذات علّة في بدنها ولأجل أن يحقق الطبيب الحال لابد وأن ينظر إلى موضع المرض، والنظر إلى الموضع يستدعي النظر إلى قسمٍ من بدن المريضة فهل يجوز له النظر إليه لأجل علاجها أو لا يجوز ذلك؟

قد يقال في الجواب: - تارةً نفترض أنَّ المرض شديد وتتأذى المرأة بسببه كأن يسبب لها آلاماً شديدة، ففي مثل هذه الحالة يجوز للطبيب النظر لأجل العلاج مادامت في حرجٍ شديد، إذ لا نحتمل حرمة نظر الطبيب والحكم عليها بأن تبقى على حالها إلى آخر عمرها، بل لا أقل هذ الحكم حرجي عليها وفيه ضرر عليها فربما يتمسك بقاعدة نفي الحرج أو نفي الضرر لاثبات جواز نظر الطبيب.

ولكن نقول: - إنَّ التمسك بقاعدة نفي الحرج أو الضرر باطل؛ إذ الضرر والحرج ثابت في حق المرأة وليس في حق الطبيب، ومشكلتنا ليس في المرأة وإنما هي في الطبيب وأنه كيف يجوز له النظر، فثبوت الحرج في حق المرأة لا يلازم جواز نظر الطبيب فإنَّ قاعدة الضرر أو الحرج يمكن تطبيقهما فيمن يثبت في حقه الضرر أو الحرج دون غيره وهو الطبيب في مقامنا فإنه لا يوجد في حقه ضرر ولا حرج، فلا معنى حينئذٍ لتطبيق هاتين القاعدتين في حقه، بل تبقى الحرمة ثابتة في حقه ولا يمكن اثبات الجواز في حقه تمسكاً بهاتين القاعدتين.

ولكن رغم ذلك يمكن اثبات جواز نظره إلى بدن المرأة، إذ لا نحتمل في حقق الشريعة الإسلامية التي هي شريعة سمحة سهلة أن تحكم على الطبيب بعدم جواز النظر وبالتالي تبقى المرأة على حالها حتى تموت بسبب مرضها، وعلى هذا الأساس نقول يجوز للطبيب أن ينظر إلى بدن هذه المرأة الأجنبية ويعالجها لا لقاعدة نفي الضرر والحرج أو الضرر وإنما لأجل ما نعرفه من روح الشريعة.

وأما إذا كان الضرر والحرج ليس موجوداً، كأن كانت آلام المرض خفيفة ويمكن للمرأة تحملها ولكنها آلام مؤذية أيضاً فليس من البعيد جواز نظر الطبيب لنفس النكتة السابقة، وعليه يجوز للطبيب النظر في كلتا الحالتين.

حكم النظر إلى داخل العورة[8] :- إذا فرض أنَّ المرأة احتاجت في العلاج إلى نظر الطبيب - بل وحتى الطبيبة - إلى داخل عورتها فهل يجوز ذلك أو لا؟

والجواب: - إنَّ النظر إلى داخل العورة هو بالتالي نظر إلى العورة فلا يجوز حينئذٍ، اللهم إلا إذا فرض وجود ضررٍ يصيب المرأة لو لم ينظر الطبيب - أو الطبيبة إلى - داخل عورتها ويرى الحال ففي مثل هذه الحالة يجوز لهما النظر لأجل الضرورة.

إن قلت: - إنَّ الضرورة ثابتة في حق المرأة المريضة فهي يجوز لها الكشف عن عورتها أو داخل عورتها لأجل الضرورة وليست ثابتة في حق الطبيب - لأنه ليس هو المريض- فكيف يجوز له - أو الطبيبة - النظر إلى داخل عورة المرأة؟

الجواب: - إننا أيضاً لا نحتمل في حق الشريعة تحكم على المرأة بالبقاء على هذا الحال إلى نهاية عمرها، وعليه فيجوز للطبيب والطبيبة النظر إلى داخل العورة استناداً إلى هذا الدليل، فإنّ داخل العورة معدود من العورة ولكن رغم ذلك يجوز النظر، نعم إذا كان الضرر خفيفاً وليس مؤذياً بتلك الدرجة فمن الممكن هنا التوقف فلا يجوز حينئذٍ للمرأة الابراز كما لا يجوز للطبيب أو الطبيبة النظر.


[2] العياشي الثقة.
[3] ابن فضال.
[7] وهذه المسألة م يتعرض إليها السيد الماتن ونحن نذكرها من باب الكلام يجر الكلام.
[8] وهذا لم يذكره السيد الماتن أيضاً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo