< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/05/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - حكم النظر الى الاجنبية من خلال التلفاز أو المرآة ونحوهما - مسألة ( 1232 ) - الفصل الأول – كتاب النكاح.

النظر إلى المرأة الاجنبية من خلال التلفاز ونحوه:-

مما تقدم يتضح أنه يمكن أن يحكم بجواز النظر إلى المرأة الاجنبية من خلال التلفاز - مع عدم الاثارة والشهوة وأن لا تكون من اللواتي لا نتهين إذا نهين[1] - وذلك باعتبار أنَّ ما دل على حرمة النظر إلى المرأة الاجنبية في غير وجهها كفيها - أو فيهما على الخلاف - هو ناظر إلى النظر المباشري لها ومنصرف إليه وأما النظر غير المباشري فلا أقل من الشك في شمول دليل المنع له فيتمسك بأصل البراءة.

حكم النظر بواسطة المرآة:- لو فرض أنا وضعنا مرآةً وكانت في مقابلها مرأة أجنبية فظهرت صورتها في المرآة فهل يجوز للرجل الاجنبي النظر إلى صورتها المنطبعة - المنعكسة - في المرآة بالشروط المتقدمة أو لا يجوز ذلك بعد الفراغ عن عدم جواز النظر المباشري إليها لأنَّ الأدلة قد منعت من ذلك؟

الجواب:- فصَّل بعضٌ بين ما إذا بنينا على فكرة الانطباع وبين ما إذا بنينا على فكرة الانكسار، فحينما ننظر إلى المرآة ونرى صورتنا فيها فتفسير ذلك على رأيين، الأول الانطباع ويعني أنَّ صورة الشخص تنطبع في المرآة وبعد انطباعها يكون النظر إليها هو نظر إلى الصورة المنطبعة في المرآة وليس نظراً إلى ذات الشخص، والثاني الانعكاس ويعني أنَّ هناك شعاع يخرج من العين فيصيب المرآة ثم ينعكس على ذلك الشيء المرئي وحينئذٍ نراه، فرؤية الأشياء في المرآة تكون بسبب الانعكاس، فإن بني على الأول جاز النظر، لأنه بناءً عليه سوف تتعلق الرؤرية بالصورة لا بذي الصورة - أي بصورة الجسم الذي وقف أمام المرآة - وهذا لا محذور فيه فإنَّ الدليل قد دل على حرمة النظر إلى ذي الصورة - وهو في مقامنا نفس المرأة الأجنبية – وليس إلى الصورة، وأما الصورة فلم يدل الدليل على حرمة النظر إليها، وفي مقامنا النظر هو نظر إلى الصورة وليس إلى ذات المرأة الاجنبية فيجوز حينئذٍ.

وإن بني على الثاني فالمناسب هو الحرمة، لأن النور يخرج من العين فيقع على المرآة ثم ينعكس إلى نفس الجسم المرئي، فإذا كانت المرأة جالسة أمام المرآة فسوف ينعكس ذلك الشعاع على نفس المرأة والنظر في المرآة يكون نظراً إلى نفس المرأة الاجنبية، فيكون النظر إلى الصورة المنطبعة في المرآة حراماً لأنه نظر إلى نفس المرأة الاجنبية، إذ على فكرة الانعكاس يصير النظر متعلقاً بذي الصورة وليس بالصورة.

والمناسب أن يقال:- تارةً يفترض أنَّ الصورة الموجودة في المرآة تحكي معالم المرأة بشكلٍ يكاد يكون كاملاً، وأخرى لا تحكيها كذلك، فإن فرض الأول فالمناسب هو حرمة النظر، وإن فرض الثاني فيجوز حينئذٍ النظر، أما عدم الجواز في الأول فإنه بحسب الارتكاز العرفي لا فرق بين أن ننظر إلى المرأة بالمباشرة الذي هو حرام وبين أن ننظر إلى الصورة التي تحكيها بشكل يكاد يكون كاملاً؛ إذ الخصوصية تكون ملغاة عرفاً، والمهم هو النظر العرفي دون النظر الفيزيائي أو ما شاكل ذلك، وأما الجواز في الثاني فلأجل التمسك بالبراءة.

إن قلت:- لماذا لم تتمسك بالبراءة في النحو الاول كتمسك بها في النحو الثاني فإنَّ المفروض فيه أنَّ النظر ليس نظراً إلى نفس المرأة وإنما هو نظر إلى الصورة؟

قلت:- إنَّ الجواب قد اتضح، وهو أنَّ الصورة مادامت تحكي المرأة بشكلٍ يكاد يكون كاملاً فخصوصية الحرمة للنظر إلى ذاتها تكون ملغاة فإنه لا فرق بين النظر إلى ذاتها أو صورتها فإنَّ النظر إلى صورتها هنا يحكي نفس النظر إلى ذاتها فهما متطابقان أو متقاربان فتكون الخصوصية ملغاة عرفاً وعليه فالمناسب هو الحكم بالحرمة، وأما إذا لم تكن الحكاية عنها كاملة فنشك في ثبوت الحرمة وحينئذٍ فنتمسك بالبراءة.

وبهذا اتضح أنه لا معنى لادخال نظرية الانعكاس والانطباع في المسألة، بل مادامت حكاية المرآة عن المرأة تكاد تكون متكاملة فالعرف يلغي الخصوصية بين النظر إلى ذات المرأة وبين النظر إلى صورتها فتثبت الحرمة، وأما إذا فرض أنَّ حكاية المرآة للذات المرئية لم تكن كاملة أو قريبة من الكاملة فالمناسب هو الجواز تمسكاً بالبراءة بلا فرق بين نظرية الانعكاس أو الانطباع فإنَّ الصورة هي شيء آخر غير نفس المرئي والنظر إليها هو نظر إلى شيءٍ آخر غير نفس الجسم المرئي أو ما يقاربه فيكون الجواز هو المناسب.


[1] وأما اللاتي لا ينتهين إذا نهين فيجوز النظر إليهن بالمباشرة فضلاً عن كونه من خلال التلفاز.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo