< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/05/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الدليل الخامس ( ما دل على جواز النظر إلى من يريد التزويج بها لا عن تلذذ )، الحكم التاسع ( يحرم على الرجل واللمرأة لمس بدن غير المحارم ) - الادلة على جواز نظر المرأة الاجنبية إلى الرجل الاجنبي ومناقشتها- مسألة ( 1232 ) - الفصل الأول – كتاب النكاح.

 

الدليل الخامس:- مرسلة الفضل، وهي ما رواه الشيخ الكليني عن عدّة من اصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن عبد الله بن الفضل عن بيه عن رجلٍ عن أبي عبد الله عليه السلام:- (قلت:- أينظر الرجل إلى المرأة يريد تزويجها فينظر إلى شعرها ومحاسنها، قال:- لا بأس بذلك إذا لم يكن متلذذاً)[1] .

وتقريب الدلالة واضح:- حيث يقال إنَّ الامام عليه السلام قال إذا كان يريد تزويجها فلا يجوز النظر إليها بتلذذ وبالأولى لا يجوز النظر إلى الاجنبية التي لا يراد التزويج بها، فدلالتها على المطلوب تامة إلا أنها ضعيفة السند بالارسال.

وفي الجواب عنها نقول:- إنها خاصة بالمرأة الأجنبية، فهي تثبت أن النظر إليها بتلذذ حين الخطبة غير جائز ولا تشمل النظر بتلذذ إلى المحارم فإنها ساكتة عنه، وعليه فتكون قاصرة الدلالة على المطلوب، إلا أن يدّعى أنَّ ذلك ثابت بالأولوية فإنه إذا لم يجز النظر إلى المرأة الاجنبية التي يريد الزواج بها عن تلذذ فبالأولى لا يجوز ذلك في المحارم. ولكن نقول إنَّ هذه الأولوية ليست بثابتة ولكن رغم ذلك يكفينا في عدم الأخذ بها ضعف سندها.

وبهذا اتضح أنَّ جميع المستندات المذكور قابلة للمناقشة سنداً ودلالة.

والمناسب في المقام أن يقال:- إنَّ عدم جواز النظر بتلذذ حتى إلى المحارم - أي في غير الزوجين - هو من المرتكزات المتشرعية الواضحة ولا يحتمل أحد تجويزه من قبل الشارع، إذ من المعلوم أنه إذا جوّز ذلك فسوف يحصل من العوقب ما لا يحمد عقباه، وعليه فيمكن اثبات عدم جواز النظر بشهوة شرعاً من دون حاجة إلى الروايات والمطلب أوضح من أن يحتاج إلى آية أو رواية بل يكفينا هذا الارتكاز المتشرعي، وهذه نكتة يجدر الالتفات إليها.

وقد ذكر السيد الحكيم(قده) عبارة لعله يقصد بها نفس ما ذكرناه حيث قال:- (إنَّ الظاهر من المرتكزات الشرعية حرمة النظر مع التلذذ)[2] .

 

الحكم التاسع:- يحرم على الرجل والمرأة لمس بدن غير المحارم.

وهذا الحكم يختص بغير المماثل، والمقصود هو أنَّ يكون اللمس من دون شهوة - وإلا عدنا إلى الحكم السابق، - كما لو وضع الشخص اصبعه على يد بنت عمه مثلاً أو ما شاكل ذلك فهل، وما ذكرناه من مدركٍ في الحكم السابق من الارتكاز المتشرعي لا يأتي هنا لأنَّ اللمس هنا من غير شهوة، ولكن نقول: إنَّ هذا اللمس لا يجوز أيضاً مادامت المرأة من غير المحارم، وقد يتمسك لهذا الحكم بالوجوه التالية:-

الوجه الاول:- ما دل على حرمة مصافحة الاجنبية، من قبيل معتبرة ابي بصير، وهي ما رواه محمد بن يعقوب عن علي بن ابراهيم عن ابيه عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب الخزاز عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( قلت له:- هل يصافح الرجل المرأة ليست بذات محرم؟ فقال:- لا إلا من وراء الثوب )[3] .

ومن قبيل موثقة سماعة، وهي ما رواه محمد بن يعقوب عن عدّة من اصحابنا عن احمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن سماعة بن مهران قال:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن مصافحة الرجل المرأة، قال:- لا يحل للرجل أن يثافح المرأة إلا امرأةً يحرم عليه أن يتزوجها اخت أو بنت أو عمة أو خالة أو بنت اخت أو نحوها، وأما المرأة التي يحل له أن يتزوجها فلا يصافحها إلا من وراء الثوب ولا يغمز كفها )[4] .

وقد يقول قائل:- إنَّ هاتين الروايتين خاصتان بالمصافحة وأما إذا كان اللمس بغير المصافحة فلا تدل على حرمته وحينئذٍ نجري أصل البراءة.

وجوابه واضح:- حيث نقول لا خصوصية للمصافحة، بل بحسب الفهم العرفي أنَّ المصافحة مثال وإلا فالمقصود هو مطلق ملامسة بدن الشخص بدن غير المحرم.

وربما يؤكد ذلك روايات بيعة النساء للنبي صلى الله عليه وآله وسلم حين فتح مكة:- وهي ما رواه علي بن ابراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( لما فتح رسول الله صلى الله عليه وآله مكة بايع الرجال ثم جاءه النساء فقالت أم حكيم ... يا رسول الله كيف نبايعك؟ فقال:- إني لا اصافح النساء فدعى بقدح من ماء فأدخل يده ثم أخرجها فقال ادخلن أيديكن في هذا الماء فهي البيعة )[5] .

وسندها معتبر، وتقريب دلالتها على المطلوب هو أنَّ وضع اليد في الماء يدل على حرمة الملامسة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo