< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/05/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حكم النظر الى بدن غير البالغة المميزة، مسألة ( 1233 ) ما الذي يجب على المرأة ستره من بدنها - الفصل الأول – كتاب النكاح.

 

حكم النظر الى بدن غير البالغة المميزة:

إذا لم تكن البنت بالغة فهل يجوز النظر إلى بدنها غير العورة ومن دون تلذذ[1] ؟

الجواب: - لا يوجد نص يدل على الحرمة في هذا المورد وعليه فالمرجع هو البراءة.

وقد يضاف إلى الأصل معتبرة ابن الحجاج[2] ، وهي ما رواه الشيخ الكليني عن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان وعن أبي علي الاشعري عن محمد بن عبد الجبار جميعاً عن صفوان بن يحيى عن عبد الرحمن بن الحجاج قال:- ( سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الجارية التي لم تدرك متى ينبغي لها أن تغطي رأسها ممن ليس بينها وبينه محرم ومتى يجب عليها أن تقنّع رأسها للصلاة؟ قال:- لا تغطي رأسها حتى تحرم عليها الصلاة[3] )[4] .

ومحل الشاهد هو قوله عليه السلام: - ( لا تغطي رأسها حتى تحرم عليها الصلاة ) يعني أنها قبل بلوغها يجوز لها عدم تغطية رأسها أمام الأجانب وبهذا ثبت جواز النظر إليها.

ولكن نقول: - صحيح أنها دلت على هذا ولكن ما نريد اثبات جوازه هو أكثر من ذلك هو جواز النظر إلى بدنها كصدرها وساقيها، وجواز النظر إلى الرأس لا يلازم جواز النظر إلى بقية مواضع البدن، وعليه فلا يمكن التمسك بهذه المعتبرة وبذلك ينحصر مدرك الحكم بالأصل العملي.

وقد تقول: - هل يجوز مسّ بدنها من دون تلذذ أو لا يجوز ذلك؟

قلنا: - إنه بعد عدم الدليل على الحرمة فالمناسب هو الجواز أيضاً تمسكاً بأصل البراءة، فإذا أرادت الصبية أن تزرق ابرة مثلاً عند الممرض الرجل جاز له ذلك وإن مسَّ بدنها مادام المسّ من دون تلذذ وشهوة.

 

مسألة ( 1233 ):- يجب على المرأة ستر ما زاد على الوجه والكفين عن غير الزوج والمحارم. بل يجب عليها ستر الوجه والكفين عن غير الزوج حتى المحارم مع تلذذه. بل عن غير المحارم مطلقاً على الأحوط. ولا يجب على الرجل الستر مطلقاً.

 

تشتمل المسألة على أربعة أحكام: -

الحكم الأول: - يجب على المرأة ستر الزائد عن الوجه والكفين من بدنها عن غير الزوج والمحارم سواء كان عن تلذذٍ أو من دونه.

الحكم الثاني: - يجب على المرأة ستر الوجه والكفين أيضاً إذا فرض تلذذ غير الزوج من المحارم بالنظر إليها.

الحكم الثالث: - الأحوط وجوباً أنَّ تستر حتى الوجه والكفين عن غير الزوج والمحارم.

الحكم الرابع: - لا يجب الستر على الرجل.

أما الحكم الأول: - فالمستند له هو الضرورة الإسلامية المسلّمة، فإنَّ من واضحات الإسلام أنَّ غير الزوج أو غير المحارم لا يجوز له النظر إلى بدن الأجنبية كصدرها وساقيها وما شاكل ذلك.

مضافاً إلى الضرورة الإسلامية قد يستدل لهذا الحكم بوجهين آخرين: -

الوجه الأول: - قوله تعالى: - ﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾نور[5] ، بتقريب: أنه مرة نفسّر كلمة الزينة الواردة في الآية الكريمة بمواضع الزينة، وأخرى نفسّرها بنفس الزينة كالقلادة مثلاً، فإنَّ فسرناها بمواضع الزينة - وهي كالصدر مثلاً - فحينئذٍ يثبت أنَّ المواضع التي توضع عليها الزينة لا يجوز للمرأة ابداؤها، وبضم عدم الفصل بين هذه المواضع وبين المواضع الأخرى من البدن التي لا توضع عليها الزينة كالساقين مثلاً يثبت حينئذٍ وجوب ستر هذه المواضع أيضاً، وإن فسّرنا الزينة بنفس الزينة كالقلادة مثلاً وأنه لا يجوز بداؤها إلا لهؤلاء الذين ذكرتهم الآية الكريمة فحينئذٍ نقول إذا لم يجز ابداء نفس الزينة فبالأولى لا يجوز ابداء مواضعها، فعلى كلا التقديرين يتم الاستلال بالآية الكريمة على لزوم ستر ما زاد على الوجه والكفنين عن غير الزوج والمحارم.


[1] وهذا الشرطان - أي غير العورة وعدم التلذذ - لابد من أخذهما في المقام.
[2] ومن الواضح أنه إذا تمت دلالة المعتبرة على المطلوب فسوف لا تصل النوبة إلى الاصل العملي.
[3] ومعنى تحرم عليها الصلاة يعني حتى تحيض أي حتى تصل إلى سن البلوغ.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo