< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/06/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الحكم الثالث( يجب على الاحوط وجوباً ستر المرأة وجهها وكفيها عن الرجال الاجانب ) - مسألة (1233) - الفصل الأول – كتاب النكاح.

 

الحكم الثالث:- يجب على الاحوط وجوباً ستر المرأة وجهها وكفيها عن الرجال الاجانب.

وقد يستدل على وجوب ستر المرأة وجهها وكفيها عن الرجال الاجانب مطلقاً ولو من دون تلذذ بثلاثة أدلة:-

الدليل الاول:- ما ذكره السيد الخوئي(قده)، وهو التمسك بقوله تعالى:- ﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾[1]

وينبغي الالتفات إلى أنَّ السيد الخوئي(قده) له رأيان في هذه المساألة، الأول ذهابه إلى جواز النظر وهذا ما ذكره في مستند العروة الوثقى في كتاب الصلاة[2] ،والثاني عدوله في كتاب النكاح إلى الحرمة حيث وتمسك بهذه الآية الكريمة لاثبات لزوم ستر المرأة لوجهها وكفيها عن الرجال الاجانب.

وحاصل ما ذكره في رأيه الثاني:- إنَّ فقرة ﴿ ولا يبدين زينتهن ﴾ قد تكررت في الآية الكريمة مرتين وعليه فلابد وأن نفسر كل واحدةٍ منهما بتفسر يغاير الآخر حتى لا يحصل التكرار في المعنى وذلك بأن نقول: تارةً يفترض أنَّ المرأة تكون في مكان خالٍ الرجال الاجانب - كما لو كانت تسير في زقاق فارغ - وأخرى يفترض أنها تكون في مكان يوجد فيه رجال اجانب -كما لو كان تمشي في شارع مملوء بالرجال الاجانب - فالنهي الأول الوارد في تعبير تعبير (لا يبدين) الاولى ناظر إلى حالة ما إذا لم تكن المرأة في معرض رؤية الرجال الاجانب فهنا يمكن لها أن تكشف عن وجهها وكفيها، نعم إذا ظهر أمامها رجل اجنبي فعليها أن تسترهما في الحال، وأما النهي الثاني الوارد في تعبير ( لا بيدين ) الثانية فهو ناظر إلى حالة كون المرأة في معرض رؤية الرجال الاجانب فإذا كانت كذلك وجب عليها ستر وجهها وكفيها فإنَّ النهي الثاني الوارد في تعبير ﴿ ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ﴾ فيه قرينة على ذلك وهو اللام الواردة في تعبير ( لبعولتهن ) يعني أنَّ هذا النهي الثاني فرض فيه وجود رجال، وبالتالي يصير النهي الاول هو نهي عن ابداء الزينة في نفسها بقطع النظر عن الرجال فإذا كانت المرأة تسير في زقاق خالٍ الرجال الاجانب فالآية الكريمة استثنت ما ظهر من الزينة وقالت إذا كانت المرأة تسير في مكان لا يوجد فيه رجال اجانب جاز لها كشف وجهها وكفيها، وأما إذا كان هناك رجال - وهذا فهمه من اللام الواردة في تعبير ( إلا لبعولتهن ) - فلابد وأن تستر وجهها كفيها، وهذا التعبير الثاني ليس معه استثناء ( إلا ما ظهر ) الذي هو الوجه والكفان وإنما هذا الاستثناء جاء في النهي الأول وهو أنه إذا كانت تسير في مكانٍ لا يوجد فيه رجال اجانب فيجوز لها أن تشكف وجهها وكفيها وأما إذا كانت في مكانٍ فيه رجال أجانب فهنا لابد أن تستر جميع بدنها حتى الوجه والكفين إلا للبعولة والمحارم.

وفي التعليق نقول:-

أولاً:- إنه كما يحتمل في التفرقة بين النهيين بالشكل الذي ذكره كذلك يوجد احتمال آخر في التفرقة بينهما، وهو أنَّ النهي الاول ناظر إلى الزينة الظاهرة، وحينئذٍ يكون معنى ﴿ ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ﴾ أنه لا يجوز الابداء إلا ما ظهر من الزينة وهما الوجه والكفان، وأما النهي الثاني فهو ناظر عدم جواز ابراز ما زاد على الزينة الظاهرة أيضاً إلا أمام الزوج والمحارم - فإنَّ الزينة الظاهرة هي عبارة عن الوجه والكفين وأما الزينة غير الظاهر فيه مثل كامل اليد أو الساق أو الرأس والعنق وشعر الرأس وما شاكل ذلك - ونحن لا نريد أن نجزم بكون ما ذكرناه من احتمالٍ هو المقصود من الآية الكريمة وإنما هو احتمالٌ وجيه، وبذلك تصير الآية الكريمة مجملة ومردَّدة بين احتمالين ويكفينا التردد في عدم امكان الأخذ بها والفتوى على طبق ما افاده السيد الماتن.

ولعله يوجد شاهد على ما ذكرناه، وهو معتبرة الفضيل المتقدمة حيث تعرضت إلى هذه الآية الكريمة ولكنها لم تشر إلى التفصيل الذي ذكره السيد الخوئي(قده) والحال أنَّه إذا كان مقصوداً لاحتاج إلى بيانٍ ولنبَّه عليه الامام عليه السلام بخلاف ما ذكرناه فإنه لا يحتاج إلى بيان، فإنَّ الوارد في المعتبرة:- ( سألت أبا عبد الله عن الذراعين من المرأة هما من الزينة التي قال الله ﴿ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن﴾ ؟ قال:- نعم، وما دون الخمار من الزينة وما دون السوارين ) فلو كان ما ذكره السيد الخوئي(قده) هو المقصود لبيّنه الامام عليه السلام، فعدم بيانه يدل على أنه ليس بمقصود وإنما المقصود هو المعنى الظاهر الذي أشرنا إليه وهو أنَّ الزينة الظاهرة يجوز للمرأة ابداؤه للجميع وأما الزينة التي هي أكثر من الوجه والكفين - أي غير المقيدة بالزينة الظاهرة ككامل اليد أو شعر الرأس أو العنق - فهذا لا يجوز ابداؤها إلا للزوج والمحارم.

ثانياً:- إنَّ الظهور الذي ادّعاه هو ظهورٌ خفيٌّ ولا يظهر من الآية الكريمة إلا بصعوبة فيحتاج إلى تنبيه ومؤونة والحال أنَّ الآية الكريمة لا يوجد فيها هذا التنبيه والمؤونة الزائدة، وفي مثله نشك في شمول دليل حجية الظهور - وهو السيرة العقلائية غير المردوع عنها - لمثل المقام.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo