< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/06/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الحكم الثالث ( يجب على الاحوط وجوباً ستر المرأة وجهها وكفيها عن الرجال الاجانب ) - مسألة (1233) - الفصل الأول – كتاب النكاح.

 

الدليل الثاني:- التمسك بمعتبرة الفضيل، وهي ما رواه محمد بن يعقوب عن عدة من اصحابنا عن احمد بن محمد عن ابن محبوب عن جميل عن الفضيل قال:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الذراعين من المرأة هما من الزينة التي قال الله "ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن"؟ قال:- نعم، وما دون الخمار من الزينة وما دون السوارين )[1] ، وذلك بتفسير فقرة ( ما دون الخمار ) بالوجه وفقرة ( ما دون السوارين ) بالكفين وحينئذٍ يثبت وجوب ستر الوجه والكفين، وقد ذهب إلى هذا التفسير السيد الخوئي(قده)[2] حيث فسَّر ما دون الخمار بالوجه فإنَّ الخمار يصير على الوجه والجبهة فما دونه هو الوجه، كما فسَّر ما دون السوارين بالكفين فإن ما دونها يعني الذي يقع اسفلهما وهو عبارة عن الكفين.

وفي التعليق نقول:-

أولاً:- لو كان هذا التفسير هو المقصود من الرواية فكان المناسب للامام عليه السلام أن يعبر بتعبيرٍ آخر اسهل واخصر من هذا التعبير وذلك بأن يقول ( المرأة بجميع بدنها يجب ستره ) ولا داعي لأن يخصص وجوب الستر بما دون الخمار ويقصد بذلك الوجه وما دون السوار ويقصد بذلك الكف.

ثانياً:- إذا كان مقصود الامام عليه السلام هذا المعنى فيلزم أن لا يعبر بتعبير فيه خفاء فإن تعبير ( ما دون الخمار ) في خفاء بل كان المناسب له أن يعبر بدلاً عنه بتعبير ( الوجه ) كما يعبر بدل ( ما دون السوارين ) بـ( الكفين )، وعليه فهذا يشهد على كون المقصود من الرواية ليس ما أفاده السيد الخوئي(قده) وإنما هو شيء آخر.

ثالثاً:- لو تنزلنا عما ذكرناه ولكن نقول لا أقل من كون الرواية ذات احتمالين، فيحتمل أن يكون المقصود ما أفاده السيد الخوئي(قده)، ويحتمل أيضاً أن يكون المقصود من تعبير ( ما دون الخمار ) الرأس وشعر الرأس والرقبة فهذا الذي يلزم ستره، ويكفينا الاجمال في عدم امكان التمسك بها لاثبات وجوب ستر الوجه والكفين من خلالها.

الدليل الثالث:- ما نقله الشيخ الاعظم(قده)[3] ، وهو دعوى انعقاد سيرة المتشرعة على ستر المرأة وجهها وكفيها عن الاجنبي وهذا يكشف عن وجوب الستر.

وفي الجواب نقول:-

أولاً:- إنَّ كون هذه السيرة موجودة وجارية على ذلك في زمن المعصوم عليه السلام يصعب اثباته، نعم ربما توجد شريحة من السناء كنَّ يفعلن هذا ولكن لا نتمكن من خلال ذلك اثبات أنَّ كل المشترعة كانوا يفعلون ذلك فإنَّه لا مثبت له، وحتى لو سلَّمنا بأنَّ السيرة كانت قائمة على كذلك ولكن ذلك أعم من لزوم الستر؛ إذ لعله من باب رجحان الستر وليس من باب لزومه.

وعليه فجميع هذه الادلة قابلة للمناقشة.

وفي المقابل قد يستدل على جواز اظهار المرأة وجهها وكفيها بوجهين:-

الوجه الاول:- التمسك بقوله تعالى:- ﴿ وليضربن بخمرهنَّ على جيوبهنَّ ﴾ والجيب هو الصدر، يعني فليكن الخمار على الصدر، فلو كان الوجه يلزم ستره لكان المناسب للآية الكريمة أن تقول (وليضربن بخمرهن على وجوههن وجيوبهن) لا أنها تذكر الجيب فقط، وعليه فتخصيص الجيب بألقاء الخمار عليه يكشف عن عدم وجوب ستر الوجه.

الوجه الثاني:- ما دل على أنَّ احرام المرأة في وجهها[4] ، وهذا معناه أنه لابد أن تبرز وجهها حال احرامها، وإلا فهي في غير حالة الاحرام هي ساترة لجميع بدنها ولكن حالة الاحرام يلزمها ان تكشف عن وجهها وهذا يتناسب مع جواز ابراز الوجه وإلا من البعيد انه في غير حالة الاحرام يجب ستر الوجه أما في حالة الاحرام فيجب ابرازه.

وإذا قلت:- صحيح أنَّ الرواية دلت على أنَّ احرام المرأة في وجهها يعني يلزم أن تبرز وجهها ولكن هذه خصوصية للاحرام أما غير الاحرام فالامر بالعكس اي لا يجوز لها االابراز، ففي حالة الاحرام يجب ابراز الوجه وفي غير الاحرام يحرم الابرراز.

قلنا:- إنَّ هذا وإن كان شيئاً ممكناً إلا أنه بعيد

وعلى هذا الاساس يثبت أنَّه يجوز ابراز الوجه في غير حالة الاحرام غاية الأمر أنه يجب ابرازه في حالة حالة الاحرام لا أنه يجوز ابرازه فقط.

وأما صاحب الجواهر(قده)[5] :- فقد ذكر أنَّ احرام المرأة في وجهها هو حكم خاص في حالة الاحرام فيجب عليها أن تبعد ثوب الاحرام عن وجهها، فهو يمتد على وجهها ولكن يلزمها أن تبعده عنه حتى يصدق عنوان احرام المرأة في وجهها فتسدله على وجهها ولكن مع ابعاده وعدم مسّه للوجه، فالستر لازم ولكن مع ابعاده عن الوجه.

وفي التعليق نقول:- إذا كان هذا هو المقصود فالآنسب أن يعبر ويقال ( على المرأة أن تبعد الساتر عن وجهها ) أو يقال ( يجب في احرام المرأة ابعاد الساتر عن وجهها ) لا أن يقال ( احرام المرأة في وجهها ).

وعليه فمن خلال هذا كله انتهينا إلى أنَّ المرأة يجوز لها ابراز وجهها وكفيها - من دون زينةٍ اضافية عليهما - لكن الاحوط وجوباً عدمه.


[2] مباني العروة الوثقى، السيد الخوئي، كتاب النكاح، ج1، ص57، 62.
[3] تراث الشيخ الانصاري ( كتاب النكاح )، الشيخ الانصاري، ج1، ص45.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo