< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/06/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الفصل الثاني ( اولياء العقد )، مسألة ( 1236 ) في ولاية الاب والجد – كتاب النكاح.

 

وبعد اتضاح ما نسب إلى ابن ابي عقيل نقول:- إن فرض أن ابن أبي عقيل كان يقصد من كلمة ( الأب ) حصر الولاية بالأب ونفيها عن الحاكم الشرعي والوصي عند وجود الأب فالامر كذلك فإنَّ الولاية تثبت أولاً للأب والجد ثم بعد ذلك تنتقل إلى الوصي أو الحاكم الشرعي، وإن كان يقصد من كملة ( الأب ) المقابلة مع الجد فيرد عليه أنَّ هذا مخالف للروايات المتعددة التي دلت على ثبوتها للأب والجد، وعليه فما افاده مقبول على التقدير الاول دون الثاني.

وأما الروايات الثمان[1] الواردة في المقام فهي تدل على ثبوت الولاية للاب والجد، وعليه فلابد من تفسير كلمة الآباء الواردة في معتبرة ابن أبي يعفور والتي استند إليها ابن أبي عقيل بما يشمل الاجداد، وهذه قضية لا تستحق التطويل أكثر من هذا المقدار.

وهل يعتبر في ولاية الأب والجد وجود المصلحة للصبية في تزويجها أو لا؟

الجواب:- إنَّ هذه مسألة لم يتعرض إليها السيد الماتن، ولعل المناسب عدم اعتبار المصلحة فإنَّ الروايات على كثرتها لم تشر إلى اعتبار ذلك فيتمسك بالاطلاق، نعم يعتبر عدم المفسدة.

ولابد من التفرقة بين المطلبين، فمرة نتكلم عن أنه هل يلزم وجود مصلحة في تزويجها والجواب أنَّ وجود المصلحة ليس بلازم لاطلاق الروايات، وأخرى نتكلم عن المفسدة وأنه هل يلزم عدم وجود مفسدة في تزويجها أو أنه يصح تزويجها تمسكاً باطلاق الروايات كما تمسك به لاثبات عدم اعتبار المصلحة؟ والجواب:- قد يقال يمكن التمسك بها لحالة وجود المفسدة فإنَّها مطلقة من هذه الناحية ولم تشترط عدم المفسدة، فنتمسك باطلاقها كما تمسكنا به بلحاظ المصلحة، ولكن نقول هنا لا يمكن التمسك بالاطلاق فإنَّ المفسدة تضر في صحة العقد، لأننا لا نحتمل من الشرع المقدس أنه يجعل الولاية للأب أو الجد في تزويج غير البالغة مع فرض وجود المفسدة، نعم المصلحة ليست لازمة وأما المفسدة فهي تضر بحالها فلا نحتمل صحة العقد وثبوت الولاية حتى في مثل هذه الحالة، وهذا دليل وصلنا إليه من طريق القطع العقلي.

والمستند في صحة الاستناد إلى العقل كدليل هو إنَّ المقصود من العقل هو القطع الحاصل بتوسط العقل، فإذا فرض أنا قطعنا بأنَّ الشريعة لا يمكن أن تجعل الولاية للأب في حال المفسدة فحينئذٍ يكون هو الحجة ونأخذ به من باب حجية كل قطع فإنَّ حجية القطع ذاتية.

وأما الحكم الثاني:- وهو ثبوت الولاية للاب على الصغيرين والمجنونين البالغين كذلك.

فالولاية ثابتة للأب على من كان مجنوناً في صباه واستمر جنونه إلى ما بعد البلوغ، والسبب في تقييد استمرار جنونه إلى ما بعد البلوغ هو إنَّه إذا فرض أنَّ الجنون كان قبل البلوغ فالولاية ثابتة عليه للأب والجد من باب أنه صبي لأنَّ المورد الأول لثبوت الولاية هو كون الطرف الآخر غير بالغ، فحينما افترضنا الآن جنونه فلابد وأن نغض النظر عن الصباوة وإلا كفتنا الصباوة المؤونة في ثبوت الولاية عليه، فإذاً لابد وأن فترض بلوغه استمر جنونه منذ زمان صباوته إلى ما بعد البلوغ ففي مثل هذه الحالة تكون الولاية ثابتة للأب والجد - أما من حدث جنونه بعد بلوغه من دون استمرار له من قبل البلوغ فهذا سيأتي بيانه فيما بعد - وربما يصعب العثور على رواية تدل على ذلك ولكن بقطع النظر عن الرواية نقول إنَّ الولاية ثابتة للأب تمسكاً بالاستصحاب الحكمي، فنشير إلى هذا الشخص المجنون ونقول إنه قبل بلوغه بيوم مثلاً كانت الولاية ثابتة عليه للأب والجد ونشك بعد بلوغه هل تلك الولاية بَعدُ باقية أو ارتفعت فنجري استصحاب بقاءها، وهذا ما يعبر عنه بالاستصحاب الحكمي.

وحينئذٍ يأتي ما ذهب اليه النراقي(قده) وبنى عليه السيد الخوئي(قده):- من أنَّ الاستصحاب لا يجري في الاحكام الكلية للمعارضة بين اصالة بقاء الحكم مع اصالة عدم الجعل الزائد، فصحيح أنَّ الولاية كانت ثابتة للأب قبل البلوغ على هذا المجنون وبعد البلوغ نشك في بقائها ومقتضى الاستصحاب بقاء الولاية ولكن هذا الاصل معارض بأصلٍ آخر حيث نشك أنَّ الشرع هل جعل الولاية للأب والجد على المجنون بعد بلوغه أو لا والقدر المتيقن أنه جعلها لهما في فترة ما قبل البلوغ أما فترة ما بعد البلوغ فنشك هل جعلها فيها وهذا شك في الجعل الزائد ومقتضى الاستصحاب عدم الجعل الزائد فيقع هذا الأصل طرفاً للمعارضة مع استصحاب بقاء الولاية، فقبل أن تولد هذه الصبية لم تكن ولاية الاب والجد مجعولة في حقها، وحينما ولدت فولايتهما قد جعلت شرعاً بمقدار ما قبل البلوغ وأما أنها جعلت لما بعد البلوغ أيضاً فالأصل عدم هذا الجعل الزائد.

مضافاً إلى أنه ذكر في تقريرات السيد الخلخالي(قده) اشكالاً آخر حيث قال:- إنَّ الموضوع قد تغير، يعني أنَّ هذه البنت كانت أولاً ليست بالغة - صبية - وأما الآن فقد صارت بالغة - امرأة - ومع تغير الموضوع لا يجري الاستصحاب حينئذٍ لأن شرط جريانه وحدة الموضوع.


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج20، ص289، أبواب عقد النكاح أولياء العقد، باب11، ح1، ط آل البيت. وهو معتبرة محمد بن مسلم، ومعتبرة عبيد بن زرارة المتقدمة، ومعتبرة هشام بن سالم ومحمد بن حكيم ح3، ومعتبرة الفضل بن عبد الملك ح4، ومعتبرة أبي العباس ح6، ومعتبرة علي بن جعفر ح8، وغيرها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo