< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/06/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الحكم الثالث ( إذا بلغ الصبي والصبية لا خيار لهما في فسخ العقد اذا زوجهما الولي حال صباهما ) – مسألة ( 1236 ) أولياء العقد- الفصل الثاني: في اولياء العقد – كتاب النكاح.

وهل للصبية إذا بلغت حق فسخ العقد الذي اجراه أحد ابويها حال صغرها أو لا يجوز لها ذلك، كما هل يجوز ذلك للصبي إذا بلغ أيضاً أولا؟

والجواب:-

أما بالنسبة إلى البنت:- فليس لها حق الفسخ بعد بلوغها فإنَّ الروايات الثلاث المتقدمة التي دلت على أنَّ لوالديها تزويجها هي قد دلت على أن تزويج الأب ماضٍ عليها فإنَّ الراوي حينما سأل الامام عليه السلام عن الفسخ وأنه هل لها الفسخ فأجابه الامام عليه السلام بأنَّ تزويج أبيها ماضٍ عليها وهذا يستفاد منه أنه لا خيار لها في الفسخ، وهذه مسألة اتفاقية ولا كلام فيها.

ونلفت النظر إلى شيء:- وهو أنه لا ينبغي الخلط بين مسألة حق الفسخ وبين حق الطلاق، فإنَّ الصبي إذا بلغ فحينئذٍ يثبت له حق الطلاق بلا اشكال وهذا ليس هو محل كلامنا وإنما محل كلامنا هو في حق الفسخ، كما أنَّ من الواضح أنَّ الطلاق له آثاره وشروطه الخاصة فمن شروطه أن تكون الزوجة طاهرة وأن يقع بالصيغة الخاصة وبالشهود وما شاكل ذلك من الشروط والآثار، وأما الفسخ فلا يحتاج إلى شهود كما أنَّ له آثاره الخاصة به أيضاً.

وأما الصبي:- فقد ذهب المشهور عدم ثبوت حق الفسخ له، قال صاحب الجواهر(قده):- (إذا زوج الابوان الصغيرين ... لزمهما العقد ... للنصوص المعتبرة بل لا خلاف أجده فيه في الصبية ... نعم خالف فيه جماعة من الاصحاب في الصبي فأثبتوا له الخيار عملاً ببعض الاخبار القاصر عن ... )[1] ، وقريب من ذلك ما ورد في الحدائق حيث قال:- (ظاهر الاصحاب الاتفاق على أنه لا خيار للصبية بعد البلوغ إذا عقد الاب أو الجد وإنما الخلاف في الصبي فإن المشهور أنه كذلك ليس له الخيار)[2] .

وحاول صاحب الحدائق(قده) استفادة نفي ثبوت الخيار للصبي إذا بلغ من رواية واردة في باب الارث، وهي معتبرة الحلبي، وهي ما رواه الشيخ الصدوق بسنده إلى الحسن بن محبوب عن علي بن الحسن بن رباط عن ابن مسكان عن الحلبي قال:- ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام:- الغلام له عشر سنين فيزوجه أبوه في صغره أيجوز طلاقه وهو ابن عشر سنين؟ قال فقال:- أما تزويجه فهو صحيح وأم طلاقه فينبغي أن تحبس عليه امرأته حتى يدرك )[3] ، ولكنه لم يذكر تقريب دلالتها على نفي الخيار وإنما ذكر هذه العبارة فقط حيث قال:- ( وهو ظاهر في المراد ولم اقف على من استدل به من الاصحاب بل ولا غيره من الاخبار ).

ونحن نقول:- إنَّ دلالة الرواية على المطلوب فيها خفاء، فإنَّ اقصى ما تدل عليه هو أنَّ طلاق الصبي لا يجوز حتى يبلغ وهذا لا ينفع المقام لأنَّ كلامنا ليس في الطلاق وإنما في الخيار وذلك بأن يفسخ العقد بعد بلوغه - حتى لا يترتب عليه مهر ولا يحتاج إلى شهود عدول ولا إلى غير ذلك من شروط الطلاق وآثاره - وإنما قصى ما تدل عليه هو أنه يلزم انتظار الصبي إلى حين بلوغه فإن أراد الطلاق بعد بلوغه صح ذلك ولا تدل على ثبوت الخيار له في الفسخ.

وقد اشار السيد الحكيم(قده) في مستمسكه إلى ما ذكرناه حيث قال:- ( استدل في الحدائق لكن دلالته على نفي الخيار غير ظاهرة لأن صحة العقد لا تنافي الخيار بل هي موضوع للخيار)[4] ، وعليه فالرواية ليست فيها دلالة على المطلوب.

هذا ولكن السيد الخوئي(قده) حاول أن يتمم الاستدلال بها على عدم ثوبت الخيار بما حاصله:- إنَّ الرواية حكمت بأنَّ الزواج صحيح ولم تحدد الصحة بفترةٍ معينة ومقتضى اطلاقها ثبوت صحة الزواج حتى مع تحقق فسخ الزوجية من قبل الصبي إذا بلغ ولازم ذلك هو بطلان الفسخ وعليه فسوف ينتفي الخيار، قال:- ( ودعوى عدم الملازمة بين الصحة واللزوم[5] وإن كانت صحيحة لكن في مورد ثبوت الصحة في الجملة[6] وأما ثبوت الصحة على الاطلاق[7] يلازم الحكم باللزوم. وبعبارة اخرى الزوم يستفاد من اطلاق الحكم بالصحة لا من نفس الصحة ليقال بأن الصحة لا تلازم اللزوم بل الحكم بالصحة على الاطلاق واستمرار العقد حتى بعد البلوغ يلازم عدم الخيار ولزوم العقد )[8] .


[5] ومقصود من اللزوم هنا هو نفي الخيار.
[6] ومقصوده من الجملة هو إلى فترة محددة لا أنه إذا كان مقتضى الاستصحاب إلى الابد.
[7] يعني من دون تقييد بفترة.
[8] تقرير السيد محمد رضا الخلخالي، ج2، ص492.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo