< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/06/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسألة ( 1237 ) عدم ثبوت ولاية الابوين على الابن البالغ والبنت الثيب وثبوتها على البنت الباكر - الفصل الثاني: في اولياء العقد – كتاب النكاح.

 

مسألة ( 1237 ): لا ولاية للأب والجد على البالغ الرشيد، على البالغة الرشيدة عدى البكر فإنَّ الاحوط لزوماً في تزويجها اعتبار إذن أحدهما وإذنها معاً كما مر، ويكفي في اثبات إذنها سكوتها، إلا إذا كانت هناك قرينة على عدم الرضا، وإذا زالت بكارتها بغير الوطئ فهي بمنزلة البكر بخلاف ما إذا زالت بالوطئ شبة أو زنا على الاظهر.

 

تشتمل المسألة على الاحكام التالية:-

الحكم الاول:- لا ولاية للأب والجد على الولد البالغ الرشيد.

الحكم الثاني:- لا ولاية للاب والجد على البالغة الرشيدة الثيّب.

الحكم الثالث:- الاحوط لزوماً في البكر اعتبار الجمع بين إذنها وإذن أحد الابوين.

الحكم الرابع:- يكفي سكوتها في اثبات إذنها إلا إذا قامت القرينة على الخلاف.

الحكم الخامس:- إذا زالت البكارة بغير الوطئ فهي بمنزلة الباكر، وأما إذا زالت بوطئ الشبهة أو الزنا فهي بمثابة الثيب على الاظهر.

أما الحكم الأول:- فيمكن أن يستدل له بالأدلة التالية:

الدليل الاول:- الروايات، حيث توجد ثلاث روايات - أو اكثر - دلت على عدم احتياج الولد البالغ في زواجه إلى إذن أبويه، احدها موثقة[1] زرارة، وهي ما رواه محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن ابن فضال عن ابن بكير عن زرارة عن ابي جعفر السلام:- (إنه أراد أن يتزوج امرأة قال:- فكره ذلك أبي فمضيت فتزوجتها)[2] ، ومن الواضح أنه لا يحتمل أنَّ الامام الباقر عليه السلام يتزوج بامرأة مع كراهة والده لذلك وعليه فلابد وأن نفسر هذه الكراهة بعدم الاستحسان من دون نهيٍ ولا كراهة، وهي قد دلت بوضوح على عدم لزوم إذن الابوين في زواج البالغ الرشيد، وأما الروايتان الروايتين الثانية والثالثة لم نذكرهما لإمكان التأمل في سنديهما وإن كانت دلالتهما على المطلوب قد تكون أوضح.

الدليل الثاني:- تكيفنا الاطلاقات من دون الحاجة إلى الدليل الخاص، من قبيل اطلاق قوله تعالى:- ﴿ وأنكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم ﴾ وما شاكله، فإنَّ هذه الآية الكريمة باطلاقها تدل على أنَّ النكاح ممضي ولا يلزم فيه شيء والشروط إنما ثبتت بدليلٍ خارجي، وموردنا لم يدل الدليل الخارجي على اعتبار إذن الابوين في زواج الولد الرشيد فتكفينا هذه الاطلاقات من دون حاجة إلى دليل خاص.

الدليل الثالث: التمسك بإطلاق حديث ( الناس مسلطون على أموالهم )[3] ، وهو من حيث السند مرسل إلا أن مضمونه عقلائي مقبول بلا اشكال، وحينئذٍ نقول إذا كان الانسان مسلّط على ماله فبالأولى يكون مسلطاً على نفسه إذا أراد أن يتزوج بامرأة.

الدليل الرابع: إنَّ المسألة ابتلائية فلو كان اعتبار إذن أحد الوالدين في زواج الابن البالغ لاشتهر ذلك وذاع بين الفقهاء وفي الوسط الاسلامي بشكل عام فعدم الشياع يدل على ثبوت هذا الحكم.

وما الحكم الثاني:- فالمعروف عدم اعتبار إذن احد الابوين في زواج الثيب ولكن نقل الخلاف عن ابن عقيل، قال صاحب المسالك:- ( وإن كانت ثيباً رشيدة فلا خلاف بين اصحابنا في سقوط الولاية عنها إلا ما نقل عن الحسن بن ابي عقيل من بقاء الولاية وهو شاذ)[4] .

والدليل على هذا الحكم هو الروايات المتعددة، منها معتبرة الحلبي، وهي ما وراه الشيخ الكيلني عن علي بن إبراهيم عن أبيه وعن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعاً عن ابن أبي عمير عن حمّاد بن عثمان عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال:- ( في المرأة الثيّب تخطب إلى نفسها، قال:- هي أملك بنفسها تولي أمرها من شاءت إذا كان كفؤاً بعد أن تكون قد نكحت رجلاً قبله[5] )[6] ، وما وراه محمد بن الحسن باسناده عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن حمّاد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( سألته عن البكر إذا بلغت مبلغ النساء ألها مع أبيها أمر؟ فقال:- ليس لها مع أبيها أمر ما لم تُثيَّب)[7] .

هذا مضافاً إلى امكان التمسك بالمطلقات، من قبيل قوله تعالى: ﴿وانكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم﴾ فإنها مطلقة ولا تعتبر إذن أحدٍ فيمكن التمسك باطلاقها لاثبات هذا الحكم.

وأما الحكم الثالث:- فالاحوط لزوما في زواج البكر إذنها وإذن أحد أبويها.

وقبل الدخول في بيان هذا الحكم نقول:- إنَّ مقتضى الاصل الأولي هو أنه لا ولاية لأحدٍ على آخر واثبات الولاية هو الذي يحتاج إلى دليل وأما نفيها فهو مقتضى الاصل الأولي.

وبناءً على هذا نقول:- لا اشكال في عدم ثبوت الولاية في موردين واختلف في مورد الثالث، والموردان هما الولاية على الولد البالغ الرشيد فقد اتفق على عدم ثبوت ولاية الوالدين عليه والبالغة الرشيدة إذا كانت ثيباً، وأما مورد الخلاف فهو البالغة الرشيدة البكر وأنه هل تلزم موافقة ابويها أو لا تلزم؟


[1] لأن ابن فضال وابن بكير ليسا اماميين ولكنهما ثقتان.
[5] يعني حتى تكون ثيباً، ومن الواضح أنه نكاح مع الدخول وإلا لم تكن ثيباً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo