< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/07/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الحكم الرابع ( سكوت البكر يكفي في ثبوت إذنها إلا مع القرينة على الخلاف )، الحكم الخامس ( هل تعد المرأة ثيباً إذا زالت بكارتها بوطئ الشبهة أو الزنا أو الوثبة؟ ) - مسألة ( 1237 ) عدم ثبوت ولاية الابوين على الابن البالغ والبنت الثيب وثبوتها على البنت الباكر - الفصل الثاني: في اولياء العقد – كتاب النكاح.

الحكم الرابع:- سكوت البكر يكفي في اثبات إذنها إلا مع قيام القرينة على الخلاف.

ويمكن اثبات هذا الحكم بطريقين:-

الطريق الأول:- مقتضى القاعدة.

الطريق الثاني:- الروايات.

أما مقتضى القاعدة:- فذلك باعتبار أنَّ البنت إذا سكتت والمفروض أنه لا يوجد من تحذر منه إذا رفضت فنفس سكوتها يدل عرفاً على رضاها، وهذا نحو دلالة عرفية كما هو واضح، ولكن ينبغي أن نستثني شيئاً وهو أنَّ هذا يكفي فيما إذا كانت تعيش في محيط ايماني، وأما إذا فرض أنها كانت تعيش في بلاد الغرب مثلاً فسكوتها لا يكون موجبا ًللدلالة على رضاها، والسيد الماتن لم يستثن هذه الحالة لوضوحها.

وأما الروايات:- فهي متعددة:-:-

الرواية الاولى:- ما رواه الشيخ الصدوق باسناده عن داود بن سرحان عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( في رجل يريد أن يزوج اخته، قال:- يؤامرها فإن سكتت فهو اقرارها وإن ابت لم يزوجها ... )[1] ، وقد رواها الشيخ الكليني والطوسي أيضاً، ودلالتها على المطلوب جيدة.

الرواية الثانية:- محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال:- ( قال أبو الحسن عليه السلام في البكر:- إذنها صماتها والثيب أمرها إليها )، وسندها معبر، ودلالتها على المطلوب واضحة.

الرواية الثالثة:- ما ورد في أمالي الشيخ الطوسي بسند ينتهي إلى الضحاك بن مزاحم قال:- ( سمعت علي بن أبي طالب يقول - وذكر حديث تزويج فاطمة وأنه طلبها من رسول الله صلى الله عليه وآله - فقال:- يا علي إنه قد ذكرها قبلك رجال فذكرت ذلك لها فرايت الكراهة في وجهها ولكن على رسلك حتى اخرج إليك فدخل عليها فأخبرها وقال إن علياً قد ذكر من امرك شيئاً فما ترين؟ فسكتت ولم تولي وجهها ولم ير فيه رسول الله صلى الله عليه وآله كراهة فقام وهو يقول الله أكبر سكوتها اقرارها )[2] .

وعلى هذا فالحكم المذكور واضح لا خفاء فيه وهو أنَّ سكوت البكر قرينة على رضاها ما لم تقم قرينة على الخلاف.

الحكم الخامس:- إذا زالت البكارة بغير الوطئ الزواج كأن زالت بوطئ الشبهة أو زنا أو زالت بسبب الوثبة فهل تعد هذه المرأة بكراً ويكفي سكوتها واعتبار إذن وليها أو أنها تعد ثيباً فلا يكفي سكوتها ولا يعتبر إذن وليها؟

وفي توضيح ذلك نقول:- إنَّ الروايات دلت على أنَّ الباكر يكفي سكوتها ولكن لو فرض أن البكارة قد زالت بغير الزواج وإنما بسبب وطئ الشبهة أو الزنا أو بغيرهما كما لو زالت بسبب الوثبة فهل تعد هذه المرأة باكراً ويكفي سكوتها كما يعتبر إذن الأب أيضاً في زوجيها أو أنها تعد ثيباً فلا يعتبر إذن والدها؟

والجواب:- قد وقع الكلام بين الفقهاء المقام، والاحتمالات فيه ثلاثة:-

الاحتمال الأول:- أن يكون المدار في صيرورتها ثيباً على الوطئ الشرعي فقط دون غيره من الاسباب.

الاحتمال الثاني:- إنَّ يكون المدار على ذهاب البكارة بالدخول ولو من خلال الزنا أو وطئ الشبهة.

الاحتمال الثالث:- أن يكون المدار على ذهاب البكارة ولو من دون دخول كما لو تحقق ذلك من خلال الوثبة.

وقال السيد اليزدي(قده) في العروة الوثقى في المسألة الثانية من كتاب النكاح من فصل أولياء العقد ما نصه:- ( إنَّ المتبادر من البكر من لم تتزوج، وعليه فإذا تزوجت ومات عنها أو طلقها قبل أن يدخل بها لا يلحقها حكم البكر ).

وما ذكره غريب.

ولو رجعنا إلى الروايات وجدنا رواية لعلي بن جعفر يفهم منها أنَّ المدار على الدخول، وهي ما رواه صاحب الوسائل عن علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال:- ( سألته عن الرجل هل يصلح أن يزوج ابنته بغير إذنها؟ قال:- نعم لو ليس يكون للولد أمر إلا أن تكون امرأةً قد دخل بها قبل ذلك فتلك لا يجوز نكاحها إلا أن تستأمر )[3] .

وسندها معتبر، فإنَّ كتاب علي بن جعفر قد وصل إلى صاحب الوسائل بشكلين، الأول إنه وصل إليه من خلال الشيخ الطوسي بطريق معتبر وقد ذكره صاحب الوسائل وهو يمر بالشيخ الطوسي والشيخ عنده طريق معتبر أيضاً عن علي بن جعفر[4] ، والثاني أنَّ نفس كتاب علي بن جعفر قد وصل إلى يد صاحب الوسائل من طريق شخصٍ لا عن طريق الشيخوخة، ومن الواضح الطريق الثاني ليس بمعتبر لاحتمال التزوير في هذه النسخة أو الاشتباه والاخطاء في هذه النسخة من الكتاب، وأما طريق الشيخ الطوسي فهو المعتبر، وعليه فتكون هذه الرواية معتبرة السند.

وأما دلالتها:- فهي قد جعلت المدار في الثيبوبة على الدخول، ولكن هل المدار على الدخول ولو بالزنا أو طئ الشبهة أو المدار على الدخول عن زواجٍ شرعي؟ أنَّها ساكتة عن ذلك، ومن الواضح أنه يخرج من ذلك زوال البكارة بالوثبة لأنه لا يوجد دخول والقدر المتيقن من الدخول هو أن يكون عن الوطئ الشرعي وإنما الكلام فيما إذا زالت البكارة من خلال الزنا أو وطئ الشبهة فإنَّ الدخول متحقق ولكن هل يكفي في ثبوت الثيبوبة للمرأة حتى تملك أمرها ويسقط إذن وليها أو لا يكفي ذلك؟


[1] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج20، ص268، أبواب عقد النكاح، ب3، ح3.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج20، ص275، أبواب عقد النكاح، ب5، ح3.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج20، ص286، أبواب عقد النكاح، ب9، ح8.
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج30، ص162، رقم26.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo