< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/07/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 1239 ) للوصي ولاية النكاح على الصبي إذا نصَّ الموصي على ذلك - الفصل الثاني: في اولياء العقد – كتاب النكاح.

أما الحكم الأول:- فالمدرك له بعد فرض عدم وجود رواية في المقام هو أنه إذا أوصى الأب أو الجد شخصاً بذلك فيكون المورد مشمولاً لعموم قوله تعالى:- ﴿ فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إنَّ الله سميع عليم ﴾[1] والمقصود من تعبير ( بدّله ) الوارد في الآية الكريمة أي بدّل ما أوصى به الميتلإ فإذا بدّل وغيّر وحرّف في الوصية فحينئذٍ يشمله الحكم المذكور في الآية الكريمة، وعلى هذا تكون الوصية نافذة ورشرعية بمقتضى هذا العموم.

وهنا يوجد سؤالان:-

السؤال الأول:- إنَّ هذه الآية الكريمة جاءت عقيب آية أخرى وهي وقوله تعالى:- ﴿ كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين ﴾[2] فتكون هذه الآية الكريمة قرينة على كون المقصود من الوصية الواردة في الآية االتالية لها هو الوضية المالية للوالدين والاقربين لأنَّ الآية السابقة عليها قالت:- ﴿ إن ترك خيراً الوصية للوالدين والاقربين ﴾ حيث عبرت عن الأموال بالخير، وعليه فيكون عموم قوله تعالى ﴿ فمن بدله من بعد ما سمعه ﴾ خاص بالوصية في الأموال ومعه فلا يصح التمسك بهذا العموم لأنَّ كلامنا في وصية الأب في تزويج ابنته والتزويج ليس من الاموال فلا يكون مشمولاً لهذا العموم.

والجواب:- إنَّ ما ذكر وجيه بيد أنَّ الأئمة عليهم السلام تمسكوا بقانون ﴿ فمن بدّله بعد ما سمعه ﴾ وطبقوه في غير الوصية بالمالية وحينئذٍ لا يعود هناك محذور في التمسك بهذه الآية الكريمة في المقام، والروايات من قبيل:-

الرواية الأولى:- ما رواه محمد بن يعقوب عن علي بن ابراهيم عن ابيه عن الريان بن شبيب قال:- ( أوصت ماردة لقوم نصارى فراشين بوصية فقال اصحابنا اقسم هذا في فقراء المؤمنين من اصحابك فسألت الرضا عليه السلام فقلت:- إن اختي أوصت بوصية لقوم نصارى وأردت أن اصرف ذلك إلى قوم من اصحابنا مسلمين؟ فقال:- امض الوصية على ما أوصت به قال الله تعالى " فإنهما إثمه على الذين يبدلونه " )[3] .

وهي قد دلت على أنَّ الامام عليه السلام طبق هذا القانون على غير الوالدين والاقربين فيكون شاملاً للوصي.

وسندها معتبر، فإنَّ الريان شخصان الأول هو الريان بن شبيب والثاني هو الريان بن الصلت وكلاهما ثقة.

الرواية الثانية:- ما وراه محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن حمّاد بن عيسى عن حريز عن محمد بن مسلم قال:- (سألت أبا جعفر عن الرجل أوصى بماله في سبيل الله، قال:- اعطه لمن أوصى له به وإن كان يهودياً أو نصرانياً إن الله عزَّ وجل يقول " فمن بدّله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه ")[4] .

كما توجد رواية أخرى مؤيدة:- وهي ما رواه علي بن موسى بن طاووس في كتابه غياث سلطان الورى نقلاً من كتاب الحسين بن سعيد بسنده إلى محمد بن مسلم قال:- ( ... قال:- اعطه لمن أوصى له وإن كان يهودياً او نصرانياً فإن الله يقول " فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه " )[5] .

وقد يقال:- إنَّ هذه الآية الكريمة لا تنفعنا في المقام لأنها خاصة بالوصية للوالدين والاقربين ولا تنفعنا في غيرهما فإنها جاءت عقيب قوله تعالى:- ﴿ كتب عليكم إذا حضر احدكم الموتت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف حقاً على المتقين ﴾ ثم جاءت هذه الآية الكريمة وقالت ﴿ فمن بدله بعد ما سمعه ﴾ فيكون المقصود منها أنَّ من بدل هذه الوصية الخاصة بالوالدين والاقربين فله كذا، وعليه كيف نعمم ذلك للوصية لغير الوالدين والاقربين فإن الأب أوصى شخصاً اجنبياً أن يزوج ابنته الصبية وهذه وصية لغير الوالدين والاقربين فكيف نثبت جواز ذلك؟

قلنا:- إنَّ الامام عليه السلام في الروايات المتقدمة قد تمسك بهذه الاية الكريمة لاثبات صحة الوصية وإن لم تكن للوالدين والاقربين وهذا يدل على أنها عامة من هذه الناحية.

السؤال الثاني:- إنَّ التمسك بهذا العموم إنما يختص بالأشياء القابلة للنقل إلى الغير كبعض الحقوق ومحل كلامنا في وصية الأب لشخص في أن يزويج ابنته الصبية بعد موته ومن المعلوم أنَّ هذا ليس من قبيل نقل الحق إلى الغير وعليه كيف يمكن التمسك بهذا العموم لاثبات صحة هذه الوصية؟

وفرق هذا الاشكال عن سابقه أن الاول كان يقول إنَّ العمومات خاصة بالوصية للوالدين والاقربين، وأما هذا الاشكال فهو يقول إنَّ صحة نقل حق الأب في تزويج بنته إلى الغير محل إشكال ولا مثبت له، وعليه فكيف نتمكن أن ثبت كون هذا الحق قابلاً للنقل إلى الغير.


[1] سورة البقرة/ الآية 181.
[2] سورة البقرة/ الآية 180.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج19، ص343، كتاب الوصايا، ب35، ح1.
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج19، ص337، كتاب الوصايا، ب32، ح1.
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج19، ص345، كتاب الوصايا، ب35، ح.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo