< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/07/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 1240 ) هل تثبت الوللاية للحاكم الشرعي على المجنون والصبي في تزويجهما عند فقد الاب أو لا؟، مسألة ( 1241 ) هل يصح زواج السفيه إذا زوج نفسه أو لا؟- الفصل الثاني في اولياء العقد – كتاب النكاح.

 

مسألة ( 1240 ):- للحاكم الشرعي الولاية لعلى المجنون إذا لم يكن له ولي مع ضرورته للتزويج. وفي ولايته على الصبي في ذلك اشكال والاظهر الجواز مع ضرورته إليه.

 

تشتمل المسألة على حكمين:-

الحكم الأول:- من حق الحاكم الشرعي أن يزوج المجنون بشرطين، الأول: إذا لم يكن للمجنون ولي، والثاني: إذا كان الزواج في حقه ضرورياً.

الحكم الثاني:- هل للحاكم الشرعي الولاية على الصبي - بعد فقد الأب - في تزويجه إذا كان الزواج ضرورياً له أو ليس له الولاية.

أما الحكم الاول:- فالمناسب ثبوت الولاية للحاكم الشرعي، والوجه في ذلك أنه إذا كان له ولي فالنوبة لا تصل إلى الحاكم الشرعي وإنما تصل إلى وليه وقد تقدم الحديث عن ذلك في مسألة (1236 )، وإنما كلامنا مع فقد الولي وكان الزواج ضرورياً له فالمناسب هنا انتهاء النوبة إلى الحاكم الشرعي من باب الحسبة، والمقصود من الحسبة هو كل معروفٍ يريده الشرع ولم ينطه بشخصٍ معين، وفي مقامنا إذا كان المجنون بحاجة إلى زواج - كما لو فرض أن جنونه يزداد إذا لم يتزوج - فحينئذٍ سوف تكون هناك مصلحة في زواجه وهذا هو باب الحسبة وحينئذٍ تصل النوبة إلى الحاكم الشرعي فيجوز له تزويجه.

وثبوت الولاية للحاكم الشرعي هنا ليس من باب التمسك بالحديث النبوي الذي يقول:- (السطان ولي من لا ولي له) فإنَّ هذا الحديث لا مستند له عندنا وإنما ورد في مسند احمد[1] وسنن ابن ماجة[2] ، ولا يناقشنَّ احد ويقول:- إنَّ هذا الحديث لا ينفعنا لأنه قال ( السلطان ) ولم يقل الحاكم الشرعي والسلطان غير الحاكم الشرعي، وإنما نقول:- إنه حتى لو ثبت هذا الحديث لكن المقصود منه ليس هو سلطان البلاد وأن الولاية تثبت له فإنه لا ولاية له وإنما المقصود هو من له السلطة الشرعية وهو عبارة عن الحاكم الشرعي، بل المستند في ثبوت الولاية للحاكم الشرعي هو أنَّ المورد من باب الحسبة والقدر المتيقن في الأمور الحسبية هو الحاكم الشرعي.

ومن باب الكلام يجر الكلام نقول:- إذا فرض فقد الحاكم الشرعي ولا يمكن الاتصال به فحينئذٍ تصل النوبة الى عدول المؤمنين مادمنا نعلم بأنَّ الشرع يريد هذا الأمر ولا نحتمل أنه يريد ابقاء المجنون متأذياً.

وأما الحكم الثاني:- فقد استشكل السيد الماتن(قده) في جواز ولاية الحاكم الشرعي على الصبي أو المجنون مع حاجته إلى التزويج ثم استظهر الجواز، والوجه في الجواز واضح، وذلك باعتبار أنَّ تزويج الصبي أو المجنون ضرورة نجزم بأنَّ الشرع يريدها وفي مثل هذه الحالة سوف تنتهي الولاية إلى الحاكم الشرعي كما هو واضح فإنَّ الحاكم الشرعي تناط به كل قضية نعلم بأنَّ الشرع يريدها بعد فرض عدم اناطتها بشحصٍ معين.

وأما تردد السيد الماتن(قده) قال في عبارة المتن - حيث قال ( فيه اشكال والأظهر الجواز ) - فلا نرى له وجهاً، فإنه إذا فرضنا أننا جزمنا بأنَّ الحاكم الشرعي قد نصب لمثل هذه الأمور فلا داعي حينئذٍ إلى الاشكال هنا، وأما إذا ترددنا في ذلك فسوف نجزم بالعدم، فالتعبير بالاشكال لا وجه له بل كان المناسب الجزم بانتهاء النوبة إلى الحاكم الشرعي وبالتالي يجوز له تزويجه لأنَّ المفروض أنَّ المورد من موارد الضرورة ومع وجود الضرورة تنتهي النوبة إلى الحاكم الشرعي ولا مورد للاشكال، وأما مع عدم الضرورة فالجزم بالعدم هو المناسب.

 

مسألة ( 1241 ):- في صحة تزويج السفيه اشكال فالاحوط أن لا ينكح إلا بإذن الأب إن كان وإلا فالحاكم. وأما كان رشيداً في المال غير رشيد في التزويج فالاحوط له الاستئذان من الحاكم في تزويجه.

 

تشتمل المسألة على حكمين:

وقبل بيان الاحكام التي تشتمل عليها المسألة نقول:- إنَّ متن المسألة ينتابه شيء من الغموض وكان المناسب ادخال بغض التغيير عليه بأن يقال:- ( في صحة تصدي السفيه تزويج نفسه اشكال، والاحوط أن لا ينكح إلا بإذن الأب إن كان وإلا فالحاكم ).

وأما مسألة السفيه فقد وردت فيها رواية ابي الحسين الخادم أو رواية عبد الله بن سنان وهي جوزت الزواج، وهي ما رواه الشيح الصدوق في الخصال عن أبيه عن سعد عن احمد بن محمد عن ابن أبي نصر عن أبي الحسين الخادم بياع الؤلؤ عن أبي عبد الله عليه السلام[3] [ عن ابي الحسن الخادم بياع اللؤلؤ عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام ][4] قال:- ( سأله أبي وأنا حاضر عن اليتيم متى يجوز امره؟ قال:- حتى يبلغ أشده، قال:- وما أشده؟ قال:- احتلامه، قال قلت:- قد يكون الغلام ابن ثمان عشرة سنة أو اقل أو أكثر ولم يحتلم، قال:- إذا بلغ وكتب عليه الشيء جاز عليه أمره إلا أن يكون سفيها أوضعيفاً )[5] ، وسندها تام وقد دلت في ذيلها على أنَّ السفيه لا يجوز أمره، ومعه إذا صدر منه عقد النكاح لا يجوز أمره بمقتضى هذه الرواية، وكان المناسب الجزم بالحكم من قبل السيد الماتن لا الاشكال فيه.

والغريب أن السيد الحكيم(قده)[6] أنه قال:- ( ووجه عدم نفوذ نكاحه أنَّ النكاح تصرف في المال لما يترتب عليه من المهر والنفقة والسفيه محجورٌ عن ذلك اجماعاً ).

ويرد على ما افاده:-

أولاً:- إنه بعد وجود الرواية لا معنى حينئذٍ للتعليل بما ذكره من أنه ( لما يترتب عليه من المهر والنفقة والسفيه محجورٌ عن ذلك اجماعاً ).

ثانياً:- قد لا يكون المهر مالاً وإنما يكون من قبيل تعليم سورة من القرآن الكريم مثلاً، وهذا ليس فيه تصرف في الاموال حتى يرد ما ذكره.

أما قوله:- ( لما يترتب عليه من المهر والنفقة ) فنقول:- إنَّ النفقة مترتبة على العقد الصحيح، فإذا كان العقد صحيحاً فحينئذٍ تكون النفقة واقعة في محلها ولا يوجد اشكال من ناحيتها، نعم المهر هو تصرف في المال والتصرف في المال قبل تمامية العقد لا يجوز من السفيه، أما بعد أن تم العقد فالنفقة لا يوجد اشكال من ناحيتها فتكون واجبة عليه.


[1] مسند احمد، ج6، ص165.
[2] سنن ابن ماجة، ج1، ص605، ح1879.
[3] هكذا موجود في الوسائل، .
[4] هذا هو الموجود في الخصال، ولكن هذا لا يؤثر على الرواية شيئاً فإنَّ ابي الحسن الخادم وعبد الله بن سنان كلاهما ثقة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo