< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/07/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسألة ( 1244 ) يصح عقد الفضولي في النكاح -الفصل الثاني في اولياء العقد – كتاب النكاح.

 

مسألة ( 1244 ):- كما يصح عقد الفضولي في البيع يصح في النكاح فإذا عقد شخص لغيره من دون إذنه فأجاز المعقود له صح العقد وإذا لم يجز بطل.

تشتمل المسألة على حكم واحد، وهو أنَّ عقد الفضولي في باب النكاح يصح بالاجازة، فلو فرض أنَّ شخصاً قال لآخر زوجتك بنت فلان - الميت وليها أو الثيب مثلاً - فقبل وبعد ذلك إذا اطلعت هذه البنت على ذلك فأجازت صح العقد، والوجه في ذلك أمران:-

الامر الأول:- التمسك بمقتضى القاعدة فإنها تقتضي صحة كل عقد فضولي بالاجازة، حيث ينتسب العقد بسبب الاجازة إلى المجيز - وهو البنت في مثالنا - وإذا انتسب العقد إليه فيشمله عموم ﴿أوفوا بالعقود﴾.

الامر الثاني:- ورود بعض الروايات نذكر منها ثلاثة:-

الرواية الاولى:- صحيحة أبي عبيدة المتقدمة، وهي ما وراه محمد بن يعقوب عن عدَّة من اصحابنا عن سهل بن زياد وعن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعن علي بن إبرهيم عنه أبيه جميعاً عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبيدة قال:- (سألت أبا جعفر عليه السلام عن غلام وجارية زوجهما وليان لهما وهما غير مدركين، قال فقال:- النكاح جائز أيهما أدرك كان له الخيار[1] ، فإن ماتا قبل أن يدركا فلا ميراث بينهما ولا مهر إلا أن يكونا قد أدركا ورضيا، قلت:- فإن أدرك أحدهما قبل الآخر، قال:- يجوز ذلك عليه إن هو رضي، قلت:- فإن كان الرجل الذي أدرك قبل الجارية ورضي النكاح ثم مات قبل أن تدرك الجارية أترثه؟ قال:- نعم يعزل ميراثها منه حتى تدرك وتحلف بالله ما دعاها إلى أخذ الميراث إلا رضاها بالتزويج ثم يدفع إليها الميراث ونصف المهر، قلت:- فإن ماتت الجارية ولم تكن ادركت أيرثها الزوج المدرك؟ قال:- لا لأن لها الخيار إذا أدركت، قلت:- فإن كان ابوها هو اذلي زوجها قبل أن تدرك؟ قال:- يجوز عليها تزوج الاب ويجوز على الغلام والمهر على الأب للجارية )[2] ، ومن يقرأ هذه الرواية قد يفهم بادئ ذي بدء أنَّ الذي زوجهما وأجرى العقد هما الوليان وليس الفضولي وعليه فالفضولية ليست موجودة والرواية من البداية تبين أنَّ المورد ليس مورد الفضولي فلا يمكن الاستفادة منها في المقام.

وفي الجواب نقول:- لإن المقصود من كلمة ( وليان لهما ) هنا هو الولي العرفي وليس الولي الشرعي وذلك لقرائن متعددة موجود في نفس الرواية، فالولي هنا بمعنى القائم بالشؤون وهو قد يكون العم أو الخال أو الجار أو غيرهمم، فهو فضولي إذاً، فتصير الرواية شاهداً لموردنا، ونذكر قرائن أربعة على كون المقصود من الولي هنا هو الولي العرفي وليس الشرعي فإذا تمت الاجازة صح العقد حينئذٍ:-

القرينة الاولى:- قوله عليه السلام: (أيهما ادرك كان له الخيار) فلو كان العقد صادراً من الولي الشرعي ما كان هنا معنى لهذا الكلام؛ إذ عقد الولي يكون لازماً، وهذا قرينة على كون المقصود من الولي هنا هو الولي العرفي وليس الشرعي.

القرينة الثانية:- قوله عليه السلام: (فإن ماتا قبل أن يدركا فلا ميراث بينهما ولا مهر إلا أن يكونا قد ادركا ورضيا) فإنه لو فرض أنَّ الولي الشرعي هو الذي زوجهما فبموت أحدهما سوف يثبت الارث لأنَّ الزاواج قد تم بينهما ولا يحتاج إلى اجازتهما، فتوقف صحة العقد على ادراكهما واجازتهما يدل على أنَّ الذي زوجهما هو الولي العرفي وليس الشرعي، وهذه قرينة واضحة جداً.

القرينة الثالثة:- قوله عليه السلام: ( قلت:- فإن أدرك أحدهما قبل الآخر؟ قال:- يجوز ذلك عليه إن هو رضي ) ومن المعلوم أنه إذا كان الزواج صادر من الوليين الشرعيين فالرضا منه لا معنى له.

القرينة الرابعة:- إنَّ الرواية قالت بعد ذلك:- ( قلت:- فإن كان أبوها هو الذي زوجها قبل أن تدرك؟ قال:- يجوز عليها تزويج الأب ويجوز على الغلام والمهر على الأب للجارية ) فمن هنا فرض أنَّ الأب هو المزوّج للصبي أو الصبية والامام عليه السلام حكم بأنَّ المهر سوف يستقر مادام المزوّج هو الأب ولا يتوقف على الاجازة، أما الفقرات السابقة فهي لم تفرض كون المزوّج لهما هو الولي الشرعي.

وعليه تكون دلالة الرواية على كون المقصود من الولي هو الولي العرفي دون الوالي الشرعي واضحة لأجل هذه القرائن وبذلك يثبت أنَّ عقد الفضولي يصح في باب النكاح فإذا تمت الاجازة وقع العقد صحيحاً فإنَّ دلالة الرواية على ذلك واضحة.

الرواية الثانية:- ما رواه محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمرو بن أذينة عن زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال:- (سالته عن مملوك تزوج بغير إذن سيده ، فقال:- ذاك إلى سيده إن شاء أجازه وإن شاء فرّق بينهما، قلت:- اصلحك الله إنَّ الحكم بن عتيبة وإبراهيم النخعي واصحابهما يقولون إنَّ اصل النكاح فاسد ولا تُحِلّ اجازة السيد له، فقال أبو ججعفر عليه السلام:- إنه لم يعص الله وإنما عصى سيده فإذا اجازه فهو له جائز )[3] ، وسندنا تام ودلالتها على المطلوب واضحة.


[1] أي الخيار في اجازة العقج وعدمه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo