< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/07/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسألة ( 1244 ) يصح عقد الفضولي في النكاح -الفصل الثاني في اولياء العقد – كتاب النكاح.

 

الرواية الثالثة:- ما رواه محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن علي بن الحكم عن معاوية بن وهب قال:- ( جاء رجل إلى أبي عبد الله عليه السلام فقال:- إني كنت مملوكاً لقوم وإني تزوجت امرأة حرة بغير إذن مواليَّ ثم اعتقوني بعد ذلك فأجدد نكاحي إياها حين اعتقت؟ فقال له:- أكانوا علموا أنك كنت تزوجت امرأة وأنت مملوك لهم؟ فقال:- نعم وسكتوا عني ولم يغيروا علي، فقال عليه السلام:- سكوتهم عنك بعد علمهم اقرار منهم، اثبت على نكاحك الأول )[1] .

أما سندها: فإنَّ علي بن الحكم هو الأنباري وهو متحد مع علي بن الحكم بن الزبير على ما قيل، وهو علي بن الحكم الكوفي أيضاً وقد قال عنه الشيخ بأنه ( ثقة جليل القدر له كتاب ) وأما بقية السند فمعتبر.

وأما دلالتها على المطلوب:- فواضحة جداً ولا تحتاج إلى تقريب.

 

مسألة ( 1245 ):- إذا وكّلت المرأة شخصاً على تزويجها لم يصح له أن يتزوجها إلا مع عموم اذن منها. بل لوأذنت له في أن يتزوجها فالاحوط له استحباباً أن لا يتولى الايجاب والقبول بنفسه بل يوكّل عنها من يتولى الايجاب عنها. ولا بأس به أن يوكّلها فتتولى الايجاب منها والقبول عنه.

 

تشتمل المسألة على ثلاثة احكام:-

الحكم الأول:- إذا وكّلت المرأة شخصاً في تزويجها فلا يصح له أن يزوجها من نفسه، ولو قيل:- لماذا لا يصح ذلك والمفروض أنها لم تشترط أن يكون الزوج غيره؟ فالجواب:- إنه قد يدّعى وجود انصراف عرفي، فحينما تقول المرأة له زوجني فالمقصود من ذلك أنه يزوجها من غيره وعليه فلا يصح أن يزوجها من نفسه لأجل هذا الانصراف، فإذا جزم الفقيه بهذا الانصراف أفتي بعدم الجواز وإن احتمله بدرجة متعد بها دون الجزم احتاط في ذلك، وهذا وجيه فيما إذا تم هذا الانصراف، وأما إذا فهم عرفاً أن لا خصوصية لغيره عليه فحينئذٍ يجوز له أن يزوجها من نفسه، والقضية قضية استظهار عرفي فإذا لم تساعد القرائن على التعميم زوجها من الغير وإن ساعدت وفهم أنها تريد الزواج من أيَّ رجلٍ فحينئذٍ يصح له أن يزويجها من نفسه.

الحكم الثاني:- لو إذنت المرأة للوكيل في أن يزوجها من نفسه فالأحوط استحباباً أن لا يتولى هو طرفي العقد من الايجاب والقبول بل يوكل شخصاً آخر عنها في الايجاب ويكون القبول من نفسه بالاصالة، والسبب في ذلك وجود رواية في المقام فالاحتياط للأجلها يكون حسناً، وهي موثقة عمّار الساباطي، وهي ما رواه محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب عن أحمد بن الحسن[2] عن عمرو بن سعيد[3] عن مصدق بن صدقة[4] عن عمّار الساباطي قال:- ( سألت أبا الحسن عليه السلام عن امرأة تكون في أهل بيت فتكره أن يعلم بها أهل بيتها أيحل لها أن توكل رجلاً يريد أن يتزوجها تقول له قد وكّلتك فأَشهِد على تزويجي، قال:- لا، قلت له:- جعلت فداك وإن كانت أيماً[5] ؟ قال:- وإن كانت أيماً، قلت:- فإن وكّلت غيره بتزويجها منه؟ قال:- نعم )[6] .

وهذه الموثقة وإن كانت مضطربة في بعض تعابيرها إلا أنها دلت في ذيلها على أن الزوج لا يصير وكيلاً عن المرأة في تزويج نفسه منها وإنما توكّل غيره، فالغير يصير وكيلاً عنها في الايجاب والزوج يكون أصيلاً عن نفسه في القبول والامام عليه السلام جوّز ذلك، وحينئذٍ لا ينبغي أن يتولى الشخص الواحد الايجاب عن المرأة والقبول عن نفسه، ولكن لابد من حملها على الكراهة أو الاحتياط لأنه لم يقل قائل منا بعدم جواز تولى الزوج طرفي العقد من الايجاب عنها بالوكالة والقبول عن نفسه بالأصالة، فحيث لا قائل بذلك فتحمل على الكراهة أو الاحتياط الاستحبابي.

الحكم الثالث:- يجوز أن يوكل الرجل المرأة عن نفسه فتجري هي صيغة العقد وذلك بأن تجري الايجاب عن نفسها فتقول ( زوجت نفسي من فلان على مهر كذا ) ثم تقبل عنه فتقول ( قبلت الزواج على المهر المذكور عن موكلي فلان ) فإنَّ مقتضى العمومات هو الجواز ولا يوجد مانع في البين حتى بنحو الاحتياط الاستحبابي، ولذلك لم يحتط السيد الماتن هنا لأنه لا توجد رواية مانعة في المقام.


[2] ابن فضّال.
[3] المدائني الثقة.
[4] وهو ثقة أيضاً.
[5] الأيم: - هو من لا زوج له وهو يطلق على الذكر والانثى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo