< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/07/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 1245 ) إذا اكره الزوجان على العقد ثم اجازا صح العقد وكذا الحال في اكراه احدهما ، الفصل الثالث ( المحرمات النسبية والسببية ) – كتاب النكاح.

ويمكن أن يستدل على رأي المشهور بقوله تعالى: - ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾[1] ، فهي حرمت أمهات النساء حيث قالت ﴿ وأمهات نسائكم ﴾ ولكن الكلام هل يلزم في تحقق الحرمة المؤبدة لأم الزوجة الدخول ببنتها أو لا يلزم ذلك؟

قد يقال: - إنَّ الآية الكريمة مطلقة من هذه الناحية فإنها قالت ﴿ وأمهات نسائكم ﴾ ولم تقل أم الزوجة المدخول بها ومقتضى اطلاقها حرمة أم الزوجة مؤبداً على زوج بنتها سواء تحقق الدخول بالزوجة أم لم يتحقق.

وفي المقابل قد يتمسك نصرة إلى ابن أبي عقيل بفقرة:- ﴿ وربائكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ﴾ فإنه إذا أرجعنا فقرة ﴿ من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ﴾ إلى فقرة ﴿ وربائكم اللاتي في حجوركم ﴾ التي وردت فيها الربائب فهذا يعني أنَّ الربائب إنما تحرم على زوج أمها فيما إذا دخل بأمها ولكن هذا هو الحكم الثاني الوارد في المسألة وليس الحكم الأول الذي نحن فيه صدده الآن، أما أم الزوجة فهي تحرم على زوج البنت دخل بالبنت أو لم يدخل بها، وكلامنا هو أننا لأجل أن ننتصر لابن ابي عقيل لابد وأن نقول أن فقرة ﴿ من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ﴾ ترجع إلى الاثنين معاً لا خصوص الربائب - يعني أنَّ فقرة ﴿ من نسائكم ﴾ ترجع كلتا الجملتين من فقرة ﴿ وامهات نسائكم ﴾ وفقرة ﴿ وربائكم اللاتي في حجوركم ﴾ - فإذا بنينا على هذا فسوف تصير النتيجة هي أنَّ الربيبة حرام على زوج أمها بشرط الدخول بأمها - وهذا شيء مسلَّم - وهكذا تحرم أم الزوجة بشرط الدخول بالزوجة أيضاً وبذلك يثبت ما أراده ابن أبي عقيل.

هذا وقال السيد الخوئي(قده)[2] :- إذا أرجعنا فقرة ﴿ من نسائكم ﴾ إلى فقرة ﴿ أمهات نسائكم ﴾ فسوف يصير المعنى ( وامهات نسائكم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ) وبذلك تصير كلمة ( من ) هنا بيانية، يعني أنها تدل على البيان فيصير المعنى ( وامهات نسائكم من السناء اللاتي دخلتم بهن ) فهي تصير بيانية لأمهات النساء وهي أمهات النساء اللاتي دخلتم بهن، وأما إذا أرجعناها إلى فقرة ﴿ ورباكم اللاتي في حجوركم من نسائكم ﴾ فسوف تصير نشوئية، فيصير المعنى ( وربائكم اللاتي في حجوركم التي نشأت وحصلت وتكونت - هذه الربيبة - من نسائكم اللاتي دخلتم بهن )، ومن المعلوم إنَّ استعمال كلمة ( من ) الواحدة في معنيين - النشوئية والبيانية - خلاف الظاهر ولا يصار إليه إلا بقرينة تعيّن ذلك ولا قرينة في البين فنقتصر على القدر المتيقن وهو رجوعها إلى الجملة المتصلة بها وهي جملة ﴿ وربائكم اللاتي في حجوركم ﴾.

وفي العليق نقول:- إنَّ هذا وجيه فيما إذا فرض أنَّ كلمة ( من ) كانت واحدة وليست متعددة، ولكن احتمال تعددها موجود، يعني أنَّ كلمة ( من ) بلحاظ الجملة الأولى هي موجودة حيث قيل فيها ﴿ من نسائكم اللاتي في حجوركم ﴾ كما توجد كلمة ( من ) أخرى مقدرة في جملة ﴿ وربائكم اللاتي في حجوركم ﴾ ولكنها حذفت بقرينة ( من ) الموجودة في الفقرة الثانية، وإذا قبلنا بهذا فحينئذٍ لا يصير الاستعمال للكلمة الواحدة هو استعمال لها في معنيين وحتى يأتي محذور عدم امكان استعمال اللفظ الواحد في معنيين بل يوجد احتمال آخر كما ذكرنا، ولكن نقول إنَّ هذا مجرد احتمال لا مثبت له، وعليه فالذي ثبت بالآية الكريمة هو رجوع كلمة ( من ) إلى الفقرة الاخيرة جزماً وأما رجوعها إلى الفقرة الأولى فلا مثبت له فيتمسك حينئذٍ بالاطلاق وسوف تصير النتيجة في صالح المشهور وليس في صالح ابن ابي عقيل، لأنَّ ما افاده مجرّد احتمال لا مثبت وحينئذٍ إما أن نقول إنَّ الفقرة الأولى مطلقة فنتمسك بإطلاقها، أو نقول قد احتفَّ بها ما يصلح للقرينية فتصير مجملة والمرجع في ذلك هو الروايات.

ولو رجعنا إلى الروايات وجدناها على طائفتين.


[2] تراث السيد الخوئي ( مباني العروة )، تسلسل32، ص265.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo