< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/07/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 1247 ) - الحرمة بالمصاهرة ، الفصل الثالث ( المحرمات النسبية والسببية ) – كتاب النكاح.

وأما الطائفة الثانية:- وهي تشتمل على ثلاث أو اربع روايات:-

الرواية الأولى:- موثقة اسحاق بن عمار، وهي ما وراه الشيخ باسناده عن الصفار عن محمد بن عبد الجبار عن العباس بن معروف عن صفوان بن يحيى عن محمد بن اسحاق بن عمار:- ( قلت له:- رجل تزوج امرأة ودخل بها ثم ماتت أيحل له أن يتزوج أمها؟ قال:- سبحان الله كيف تحل له أمها وقد دخل بها، قال قلت له:- فرجل تزوج امرأة فهلكت قبل أن يدخل بها تحل له أمها؟ قال:- وما الذي يحرم منها ولم يدخل بها )[1] .

وسندها معتبر فإنَّ طريق الشيخ الطوسي إلى الصفار معتبر، وبقية رجال السند معتبرون، ودلالتها على المطلوب صريحة حيث دلت على أنه إذا لم يدخل زوج البنت بالنبت لا تحرم أمها.

الرواية الثانية:- ما وراه الشيخ باسناده عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج وحمّاد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( الأم والبنت سواء إذا لم يدخل بها يعني إذا تزوج المرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها فإنه أن شاء تزوج أمها وإن شاء ابنتها )[2] .

وهي صحيحة السند فإنَّ سند الشيخ إلى الحسين بن سعيد نعتبر وبقية السند كلهم معتبرون أيضاً، والشاهد فيها هو قوله عليه السلام:- ( فإن شاء تزوج أمها مادام لم يدخل بالزوجة )، فإنَّ دلالة هذه العبارة على المطلوب صريحة.

الرواية الثالثة:- ما وراه محمد بن علي بن الحسين باسناده عن جميل بن دراج:- ( أنه سئل أبو عبد الله عن رجل تزوج امرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها هل تحل له ابنتها؟ قال:- الأم والابنة في هذا سواء إذا لم يدخل بإحداهما حلت له الاخرى ).

وهي معتبرة فإنَّ طريق الشيخ الصدوق إلى جميل بن دراج معتبر وبقية السند معتبرون أيضاً، وأما دلالتها على المطلوب فصريحة، إذ مادام الزوج لم يدخل بالبنت فالأم تكون حلالاً عليه.

الرواية الرابعة:- ما رواه منصور بن حازم[3] ، ونحن لم نذكر نص هذه الرواية لاشتمالها على تعقيدٍ لفظي.

وعليه سوف تتعارض الطائفتين تعارضاً مستقراً فماذا نصنع؟

وفي الجواب نقول:- يمكن أن يقال إنَّ الطائفة الأولى التي حرمت الأم مطلقاً هي المقدمة - يعني مادام الرجل قد عقد على امراة فسوف تحرم عليه أمها دخل بالبنت أو لم يدخل بها - والمرجح لهذه الطائفة هو موافقتها للكتاب الكريم، فإنها موافقة لاطلاق قوله تعالى:- ﴿ وامهات نسائكم ﴾ حيث لم تقيد هذه الآية الكريمة حرمة أم الزوجة بشرطية الدخول بالزوجة وإنما اطلقت من هذه الناحية فيصير هذا الاطلاق مرجحاً للطائفة الأولى فتتقدم على الطائفة الثانية ويكون الحكم هو حرمة أم الزوجة مطلقاً دخل بالزوجة أو لم يدخل بها.

هذا ولكن السيد الحكيم(قده) قال:- إنَّ التعارض الموجود بين الطائفتين غير مستقر وحينئذٍ يمكن الجمع العرفي بينهما وذلك بحمل روايات الطائفة الأولى - التي منعت مع عدم الدخول - على الكراهة، قال:- ( إنَّ ذلك إنما يتم بعد تعذر الجمع العرفي بين النصوص وهو ممكن بحمل المنع مع عدم الدخول على الكراهة )[4] .

ولكن نقول:- المناسب هو الرجوع إلى الروايات وملاحظة لسانها هل يقبل الجمع العرفي أو لا يقبله، وإذا رجعنا إلى الروايات وجدنا أنَّ الرواية الأولى - التي هي لاسحاق بن عمّار - تقول:- ( إنَّ علياً عليه السلام كان يقول:- الربائب حرام من الامهات اللاتي قد دخل بهن هنَّ في الحجور وغير الحجور سواء والامهات مبهمات ) يعني أنَّ حرمة الامهات غير مقيدة بالدخول بالبنت، والرواية هنا عبرت بلفظ الحرام حيث قال الامام عليه السلام الربائب حرام بشرط الدخول وأما الامهات فحرمتهن مبهمة يعني أنها مطلقة وغير مقيدة بقيد، وعليه فحمل تعبير كلمة الحرمة الواردة هنا على الكراهة شيءٌ صعب.

وهكذا الرواية الثانية فإنها قالت:- ( قال:- إذا تزوج الرجل المرأة حرمت عليه ابنتها إذا دخل بالأم، فإذا لم يدخل بالأم فلا بأس أن يتزوج بالابنة، وإذا تزوج بالانبة فدخل بها أو لم يدخل بها فقد حرمت عليه الأم )، فهي قالت:- ( حرمت عليه الأم ) ولا يمكن حمل كلمة ( حرمت ) على الكراهة أيضاً.

وهكذا الرواية الثالثة فإنها قالت:- ( سألته عن امراة تزوجها فطلقها قبل أن يدخل بها، قال:- لا تحل له أمها )، فالامام عليه السلام قال هنا ( لا تحل ) ولا يمكن حمل هذه العبارة على الكراهة.

وعليه فما ذكره السيد الحكيم(قده) غريب والمناسب هو تقديم الطائفة الأولى - كما قلنا - لأنها وافقة للكتاب الكريم.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo