< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/08/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 1249 ) تحرم ام المعقود عليها وإن علت مؤبداً وتحرم بنتها على الاحوط وإن نزلت مادامت الأم في العقد - الحرمة بالمصاهرة ، الفصل الثالث ( المحرمات النسبية والسببية ) – كتاب النكاح.

 

مسألة ( 1249):- من عقد على امرأة ولم يدخل بها حرمت عليه أمها وإن علت أبداً، وتحرم بنتها على الاحوط وإن نزلت من بنتٍ كانت أو من ابنٍ مادامت الأم في عقده. فإن فارقها قبل الدخول جاز له العقد على بنتها، ولو دخل حرمت عليه البنت أبداً ولم تحرم، البنت على أبيه ولا على ابنه.

..........................................................................................................

مضمون المسألة واضح إلا أن متنها ينتابه شيء من الخفاء، هي تشتمل على ستة أحكام: -

الحكم الأول: - من عقد على امرأة ولم يدخل بها حرمت عليه أمها بمجرد العقد.

وقد مر هذا الحكم في مسألة ( 1247 ) حيث كانت تشتمل على حكمين الثاني منهما هو هذا الحكم وقد قلنا سيأتي ذكره مرة اخرى في مسألة ( 1249 )، وهو حكم واضح فإنَّ من عقد على امرأةٍ ولم يدخل بها حرمت عليه أمها بمجرد العقد، والمدرك في ذلك قوله تعالى:- ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ ﴾[1] فإنها لم تقيد النساء بما إذا كانت مدخولاً بها، فبمقتضى بإطلاقها تثبت حرمة أم المعقود عليها وإن لم يدخل بالزوجة، ولا يوجد مخالف في المسألة إلا ابن أبي عقيل على ما نقل صاحب الحدائق(قده).

الحكم الثاني: - تحرم أم الزوجة وإن علت حرمة مؤبدة على زوج بنتها وإن لم يدخل بالزوجة.

والمقصود أنَّ من عقد على امرأة وإن لم يدخل بها حرمت عليه أمها حرمة مؤبدة ولكن لا خصوص الأم المباشرية بل حتى الأم غير المباشرية وهي أم الأم وأم أم الأم ... وهكذا، فكل هذه الأمهات تحرم على الزوج الذي عقد على هذه البنت، والمدرك لذلك هو التمسك بالاطلاق الآية الكريمة حيث قالت:- ﴿ وامهات نسائكم ﴾ فإن كلمة ( أم ) مطلقة ولم تقيد بالأم المباشرية، فهي كما تصدق على الأم المباشرية للزوجة تصدق أيضاً على أمها غير المباشرية، وحينئذٍ يتمسك بإطلاقها لاثبات حرمة الأمهات غير المباشريات للمعقود عليها.

هذا مضافاً إلى أنه قد تجعل صيغة الجمع في الأمهات الواردة في الآية الكريمة كمؤيدٍ لذلك، لكن المهم هو التمسك بالاطلاق كلمة الأم فإنها لا تختص بالأم المباشرية وإنما تشمل غير المباشرية ايضاً.

الحكم الثالث: - تحرم بنت المعقود عليها على الاحوط وإن نزلت من بنتٍ كانت أو من ابن مادامت الأم في العقد.

فمن عقد على امرأة حرمت عليه بنتها ولكن لا خصوص البنت المباشرية بل تحرم أيضاً بنت البنت وبنت بنت البنت ... وهكذا - أي وإن نزلن - من بنتٍ كنَّ أو من ابن مادامت هذه المرأة في عقده.

الوجه فيه واضح على ما تقدم فإنَّ الرجل لا يمكنه أن يجمع بين الأم وبنتها فإنَّ أم الزوجة حرامٌ على زوج البنت وإن لم يدخل ببنتها بمقتضى اطلاق قوله تعالى: - ﴿ وامهات نسائكم ﴾، وعليه فكلا العقدين لا يمكن أن يقعا صحيحين بل لابد وأن يكون أحدهما صيحاً دون الآخر، وعليه فلابد وأن يفارق احداهنَّ، فإما أن يفارق البنت وتكون الأم في عقده أو يفارق الأم ويبقي البنت في عقده وحينئذٍ لا مشكلة في البين، أما الجمع بينهما فليس بممكن بمقتضى هذه الآية الكريمة وهذا مطلب واضح.

وقد احتاط السيد الماتن في حرمة الزواج بالبنت في حال كون أمها في عقده، وعليه فلو دار الأمر بين حرمة الأم أو حرمة البنت والمفروض أنَّ الأم كانت في عقده أولاً ويريد أن يتزوج ببنتها فيلزمه أن يفارق واحدةً منهما والأحوط أن لا يتزوج بالبنت لأنَّ أمها في عقده، نعم إذا أراد أن يتزوج بالبنت فعليه أن يطلق الأم أولاً ثم يتزوج ببنتها بعد ذلك؛ إذا مادامت زوجية الأم تامة ومتقدمة على زوجية البنت فعليه أن لا يتزوج ببنتها لأنَّ ذلك يحتاج إلى ابطال عقد الأم أولاً ثم الزواج بالبنت.

الحكم الرابع: - إذا فارق الزوج الأم قبل الدخول بها جاز له الزواج من بنتها لأنها لا تكون من الربائب المحرمة، فإنَّ الربيبة هي بنت الزوجة المدخول بها والمفروض أنه فارق الأم قبل الدخول فيتمكن حينئذٍ من الزواج ببنتها من دون حاجةٍ إلى الاحتياط.

الحكم الخامس: - ولو دخل الزوج بالأم حرمت عليه بنتها مؤبداً.

والوجه في ذلك هو أنَّ بنت الزوجة سوف تصير ربيبته وهي من المحرمات الأبدية بنص الآية الكريمة التي تقول:- ﴿ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ﴾[2] .

الحكم السادس: - لا تحرم بنت الزوجة على أبيه ولا على ابنه.

فإذا دخل الزوج بالأم فبنتها وإن حرمت عليه مؤبداً لأنها أصبحت ربيته إلا أنه يجوز لأبيه وابنه الزواج من البنت، والوجه في ذلك هو القصور في مقتضي التحريم، فإنَّ دليل التحريم وهو الآية الكريمة التي حرمت الربيبة على زوج أمها المدخول بها فإنها قالت:- ﴿ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ ﴾، وعنوان ﴿ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ ﴾ ينطبق على زوج أم الربيبة فتكون الربيبة حرام عليه ولم تذكر الآية الكريمة تحريم الربيبة على أبيه أو ابنه فنتمسك بعمومات حلّية كل امرأة على كل رجل - إن كانت هناك عمومات - وإلا يكفينا التمسك بأصل الحلّية، وعليه يكون زواج الأب أو الابن من بنت الزوجة ممضي ويشمله عموم ﴿ أوفوا بالعقود ﴾.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo