< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/08/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 1250 ) تحرم اخت الزوجة جمعاً وكذا تحرم بنت اخ الزوجة أو اختها من دون إّنها - الحرمة بالمصاهرة ، الفصل الثالث ( المحرمات النسبية والسببية ) – كتاب النكاح.

 

مسألة ( 1250 ) تحرم اخت الزوجة جمعاً لا عيناً. وكذا بنت اختها وأخيها إلا مع إذن العمة والخالة. ولو عقد من دون إذنهما فأجازتا صح على الأقوى وإن كان الاحوط تجديد العقد.

..........................................................................................................

تشتمل المسألة على أربعة أحكام: -

الحكم الأول: - يحرم الجمع بين الاختين.

ومن الواضح أنَّ التعبير بـ ( يحرم الجمع بين الاختين ) أسهل مما ذكره السيد الماتن حيث قال: - ( تحرم أخت الزوجة جمعاً لا عيناً ).

الحكم الثاني: - لا يجوز الزواج على العمَّة والخالة بابنة أخيها أو ابنة اختها إلا بإذنهما.

الحكم الثالث: - لو وقع العقد على بنت أخ الزوجة أو بنت أختها بطل العقد مادامت العمّة أو الخالة في زوجيته فإن رضيت العمة أو الخالة صحَّ العقد.

الحكم الرابع: - لو تزوج ببنت أخ الزوجة أو بنت أختها من دون إذن العمّة أو الخالة ثم اجازتا صح العقد ولكن الأحوط تجديده.

أما الحكم الأول: - فهو واضح، وينبغي أن يكون المقصود من الجمع بين الأختين هو الجمع بين بينهما في آنٍ واحدٍ لا الجمع بينهما على نحو التفريق في الآن، فلو تزوج الأولى ثم طلقها أو ماتت فتزوج بالثانية جاز ذلك ولا محذور فيه، فصحيح أنَّ هذا نحوٌ من الجمع بين الاختين إلا أنه جائر، وأما الذي لا يجوز فهو الجمع بينهما مع اجتماعهما معاً في زوجيته، ولذلك عبر السيد الماتن عن ذلك بقوله ( يحرم الجمع بينهما جمعاً لا عيناً )، فذات الأخت الثانية لا تحرم عليه وإنما الذي يحرم هو الجمع بنيهما.

والمدرك لهذا الحكم هو الكتاب الكريم حيث قال تعالى: - ﴿ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾[1] يعني يحرم ذلك بنحو الجمع لا بنحو التفريق، وأما المستند لجواز الزواج بأخت الزوجة حالة التفريق فهو الكتاب الكريم أيضاً فأنه عبر بالجمع فقال ﴿ وأن تجمعوا ﴾ والجمع يصدق مع وجودهما معاً عنده، وأما إذا طلّق التي عنده أو ماتت فتزوج بالثانية فلا يصدق حينئذٍ الجمع بين الاختين فيكون زواجه من الثانية صحيحاً حينئذٍ، وهذه مسألة واضحة ولا كلام فيها.

وأما الحكم الثاني: - فواضح أيضاً، فإنَّ الذي لا يجوز هو أن يُدخِل الرجل بنت الأخ أو بنت الأخت على العمَّة أو الخالة، وأما العكس - بأن يدخل العمَّة أو الخالة على بنت الأخ أو بنت الأخت - فهذا جائز، والوجه في الجواز هو أنَّ الروايات قد دلت على عدم جواز تزوّج ببنت الأخ أو بنت الأخت على العمة أو الخالة من دون إذنهما ولم تدل على عدم جواز ادخال العمة أو الخالة على بنت الأخ أو بنت الأخت فيكو هذا جائزاً، وهذه قضية واضحة ولا كلام فيها أيضاً.

وقال صاحب الجواهر حينما ذكر هذا الحكم: - ( بلا خلاف معتد به أجده في شيء من ذلك بل الاجماع مستفيضاً أو متواترا عليه كالنصوص )[2] .

وإن كان يشكل عليه بوجود الخلاف من البعض كما سنرى، ولكن يجاب بإنَّ المخالف واحد - أو أكثر - وأما الطابع العام فهو عدم الخلاف كما ذكره.

أما روايات المسألة: - فهي متعددة ننقل منها روايتين: -

الرواية الأولى: - ما رواه محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن ابن بكير عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: - ( لا تزوج ابنة الأخ ولا ابن الأخت على العمة ولا على الخالة إلا بإذنهما. وتزوج العمة والخالة على ابنة الأخ وابنة الأخت بغير إذنهما )[3] ، وهي موثقة بابن بكير والحسن بن علي بن فضال فتكون معتبرة، وقد رواها الشيخ الصدوق أيضاً، وقد دلت على المطلوب بوضوح.

الرواية الثانية: - ما وراه محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن بنان بن محمد عن موسى بن القاسم عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال: - ( سألته عن امرأة تزوج على عمتها وخالتها؟ قال:- لا بأس، وقال:- تزوج العمة والخالة على ابنة الأخ وابنة الأخت ولا تزوج بنت الأخ والاخت على العمة والخالة إلا برضا منهما فمن فعل فنكاحه باطل )[4] . ورجال سندها معتبرون حتى بنان فإنه ثقة أيضاً، ودلالتها على المطلوب واضحة

وقد يقال: -كيف جوز الامام عليه السلام ذلك في بداية الرواية وقال يجوز ذلك ثم لم يجوز بعد ذلك وقال لا يجوز فإنَّ هذا تنافٍ بين ما ذكره الامام ليه السلام في صدر الرواية وبين ما ذكره فيما بعده؟

قلنا: - إنَّ الامام عليه السلام قال أولاً ( لا بأس ) يعني يصح الزواج من بنت الأخ أو بنت الأخت إذا رضيت العمَّة والخالة، وإما مع عدم رضاهما فلا يجوز حينئذٍ لا أنه لا يجوز أبداً وهذا ما وضحه الامام عليه السلام بعد صدر الرواية حيث قال ( إلا برضا منهما ) يعني إذا رضين جاز حينئذٍ، وعليه فلا تنافي في البين. وهذا هو الرأي المعروف بين اصحابنا.

هذا وذهب الاسكافي والعماني إلى الجواز مطلقاً على ما نسب إليهما: - وذلك تمسكاً بإطلاق قوله تعالى:- ﴿ وأحل لكم ما وراء ذلكم ﴾[5] فإنَّ آية:- ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾[6] ذكرت جملة من النساء المحرّمات وأما الزواج من بنت أخ الزوجية أو بنت أختها على العمة أو الخالة فليس من جملة المحرمات المذكورة في هذه الآية الكريمة فيكون اطلاق آية ﴿ وأحل لكم ما وراء ذلكم ﴾ شاملاً للزواج من بيت أخ الزوجة أو بنت أختها على العمة أو الخالة فيكون صحيحاً.

ويضاف إلى ذلك ما نقله العلامة في المختلف أو غيره عن ابن عقيل: - من أنه توجد رواية تدل على ذلك، وهي ما روي بسندٍ مرسل عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال:- ( سألت أخي موسى عن رجلٍ يتزوج المرأة على عمتها أو خالتها؟ قال:- لا بأس لأنَّ الله عزَّ وجل يقول " وأحل لكم ما وراء ذلكم " )[7] .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo