< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/08/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الرأي الثالث في صحة عقد بنت الاخ الزوجة أو بنت اختها إذا أجاتهاه فيما بعد - مسألة ( 1250 ) _ الحرمة بالمصاهرة - الفصل الثالث ( المحرمات النسبية والسببية ) – كتاب النكاح.

 

وهناك رأي ثالث: - وهو المنع مطلقاً، وهو ما يظهر من الشيخ الصدوق(قده) في المقنع حيث قال: - ( ولا تنكح المرأة على عمتها او على خالتها )[1] فإنَّ عبارته هذه مطلقة ولم تقيد بإذن العمة والخالة فيظهر منها المنع مطلقاً.

وربما يستدل لهذا الرأي بمعتبرة أبي عبيدة الحذّاء، وهي ما رواه الشيخ الكليني عن محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبيدة قال: - ( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:- لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ولا على أختها من الرضاعة )[2] فإنها مطلقة حيث قالت:- ( لا تنكح المرأة على عمتها ) ولم تقيد بإذنهما فيدل ذلك على عدم الجواز مطلقاً.

وما هو الموقف بعد وجود هذه الآراء الثلاثة في المسألة وكل منها يستند إلى طائفة من الروايات؟

الجواب: - مادامت توجد طائفة مفصّلة من هذه الروايات فسوف تصلح أن تكون وجهاً للجمع بين الطائفتين الأخريين، فنحمل التي جوزت مطلقاً على حالة الإذن، ونحمل التي منعت مطلقاً على حالة عدم الإذن، والدليل على صحة هذا الجمع هو وجود هذه الطائفة المفصِّلة وهي قرينة صالحة عرفاً بأن تكون وجه جمعٍ بين الطائفتين الاخريين، وعليه فلا مشكلة من هذه الناحية وما ذهب إليه المشهور هو المناسب والصحيح.

وأما الحكم الثالث: - فيمكن أن قال: -

أما بمقتضى القاعدة: - فإنها تقتضي بطلان العقد حتى لو اجازت العمة أو الخالة فيما بعد، والوجه في ذلك هو أنَّ العقد منذ البداية قد وقع باطلاً لأنه وقع من دون إذن من العمّة أو الخالة، والرضا البعدي لا ينفع في تصحيح ما وقع باطلاً ولا ينقلب العقد إلى كونه واجداً للشرط بعد أن انعقد وهو فاقدٌ له.

ونظير ذلك ما لو تعاقد المتبايعان وهما يجهلان مقدار الثمن أو المثمن ثم بعد أن تم العقد حصل لهما العلم بهما فهنا لا يقع العقد صحيحاً لاشتراط العلم بالعوضين حين العقد أما توفر الشرط بعد وقوع العقد لا يقلبه من البطلان إلى الصحة.

فإن قلت: - كيف صححتم عقد الفضولي والحال أنه حينما وقع العقد لم يكن مع واقعاً مع اجازة المالك فكيف صححت اجازة المالك المتأخرة له واحال أنه وقع من دون رضاه؟!! فإنه إذا أمكن للإجازة المتأخرة أن تصحح عقد الفضولي أمكن لها أن تصحح عقد النكاح السابق على رضا العمة أو الخالة أيضاً من دون فرق؟

قلنا:- إنَّ عقد الفضولي حينما صدر فهو لم ينتسب إلى المالك وإنما ينتسب إليه حين اجازته، والمفروض أنَّ الرضا موجودٌ حين الاجازة - أي حين انتساب العقد إلى المالك - وعليه فلا مشكلة حينئذٍ، وهذا بخلافه في مقامنا فإنَّ العقد على بنت الأخ أو بنت الأخت حينما صدر فهو قد صدر من دون إجازة العمَّة أو الخالة فكيف نثبت أنَّ إجازة العمة أو الخالة المتأخرة تصحح العقد المتقدّم والحال أنَّه حينما صدر هو منتسب الصادر منه وهو للعاقد - أي زوج العمة أو الخالة الذي يريد أن يتزوج ببنت أخيها أو بنت أختها - ولكنه فاقدٌ لشرطه - وهو رضا العمة أو الخالة - وحينئذٍ حصول الرضا بعد العقد لا يكون كافياً بمقتضى القاعدة الأولية، بخلافه في الفضولي فإنَّ العقد ينتسب إلى المالك حين الاجازة فيكون صحيحاً.

ولكن رغم هذا يوجد مخرج عن هذه المشكلة، وهو التمسك بصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: - ( سألته عن مملوك تزوج بغير إذن سيده، قال:- ذاك إلى سيده إن شاء أجازه وإن شاء فرق بينهما، قلت: - اصلحك الله إنَّ الحكم بن عيينة وإبراهيم النخعي واصحابهما يقولون إنَّ أصل النكاح فاسد ولا تحل إجازة السيد له؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: - إنه لم يعص الله وإنما عصى سيده فإذا أجازه فهو له جائز )[3] ، فإنَّ المستفاد منها أنه متى ما كانت المعصية لله عزَّ وجل فالعقد يكون باطلاً، ومتى ما كان هناك سلب لحق طرفٍ من الأطراف فمتى ما أجاز ذلك الطرف صح العقد، وهنا الحق ثابتٌ للعمة أو الخالة فمتقضى هذه الرواية هو صحة العقد عند اجازتهما له.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo