< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/08/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الحكم الرابع ( الاحوظ استحباباً عدم الزواج ببنت المزني بها مطلقاً ) - مسألة ( 1251 ) حكم الزواج ببنت العمة والخالة المزني بهما قبل العقد أو بعده وما يلحق بهما- الحرمة بالمصاهرة - الفصل الثالث ( المحرمات النسبية والسببية ) – كتاب النكاح.

 

وأما الطائفة الثانية التي تدل على الجواز فهي: -

الرواية الأولى: - ما رواه محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى وعلي بن النعمان جميعاً عن سعيد بن يسار قال: - ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل فجر بامرأة يتزوج بنتها؟ قال:- نعم يا سعيد إنَّ الحرام لا يفسد الحلال )[1] .

وسندها معتبر فإنَّ طريق الشيخ إلى الحسين بن سعيد معتبر، وكذلك بقية السند معتبرون، وهي صريحة في جواز الزواج من بنت المزني بها.

الرواية الثانية: - الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد عن هشام بن المثنى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: - ( أنه سئل عن الرجل يأتي المرأة حرماً أيتزوجها؟ قال:- نعم وأمها وبنتها )[2] .

وسندها معتبر أيضاً فإنَّ طريق الشيخ إلى الحسين بن سعيد معتبر، والقاسم بن محمد هو الجوهري الثقة وليس الاصفهاني الذي لم يوثق فإنَّ الحسين بن سعيد يروي عن الجوهري الثقة ولا يروي عن الاصفهاني.

الرواية الثالثة: - أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير عن هشام بن المثنى قال: - ( كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فقال له رجل:- رجل فجر بامرأة أتحل له ابنتها؟ قال:- نعم، إنَّ الحرام لا يفسد الحلال )[3] ، وسندها معتبر.

الرواية الرابعة: - احمد بن محمد بن عيسى عن الحسين[4] عن صفوان عن حنَّان بن سدير قال: - ( كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ سأله سعيد عن رجل تزوج امرأة سفاحاً هل تحل له ابنتها؟ قال: - نعم، إنَّ الحرام لا يحرم الحلال )[5] .

الرواية الخامسة: - ما وراه الشيخ بإسناده عن الصفار عن محمد بن عبد الجبار عن العباس بن معروف عن صفوان قال: - ( سأله المرزبان عن رجل يفجر بالمرأة وهي جارية قوم آخرين ثم استرى ابنتها أيحل لها ذلك؟ قال:- لا يحرّم الحرام الحلال. ورجل فجر بامرأة حراماً أيتزوج ابنتها؟ قال: -لا يحرم الحرام الحلال )[6] ، وهي معتبرة فإنَّ سند الشيخ إلى الصفار معتبر، وكذلك بقية السند معتبرون.

هذه روايات المسألة وقد اتضح أنها على طائفتين الأولى مجوزة والثانية مانعة وبذلك يحصل التعارض المستقر فيما بينهما فماذا نصنع؟

قال صاحب الجواهر(قده) في حل هذا التعارض ما حاصله: - إنَّ روايات الطائفة الثانية الدالة على الجواز قاصرة عن معارضة الطائفة الأولى المجوّزة من حيث السند والعدد والعامل بها والدلالة؛ إذ يحتمل كون المراد من كلمة ( فجر ) هو الفجور بغير الجماع لا الجماع، قال ما نصه:- ( إلا أنَّ الجميع كما ترى قاصرة عن معارضة ما عرفت سنداً وعدداً وعاملاً ودلالةً لاحتمال الجميع الفجور بغير الجماع أو به ولكن بعد التزويج أو التقية وهو أحسن المحامل )[7] .

والاشكال عليه واضح: - فإنَّ الطائفتين متقاربة من حيث العدد كما أنَّ الجميع معتبر من حيث السند ومن حيث الدلالة، وأما قلَّة العامل وكثرته فقد يكون موجوداً ولكن هذه قضية جانبية لسنا بصددها لأنها لا ترفع التعارض، نعم إذا عجزنا عن الجمع بين الطائفتين فحينئذٍ لو فرض أنَّ العامل بأحد الطائفتين كان قليلاً وغير مشهور وكان العامل بالأخرى هو المشهور فحينئذٍ يمكن أن يكون هذا نحواً من المرجحات ولكن لا يوجد مثل هذا الشيء.

والأجدر أن يقال: - إنَّ التعارض بين الطائفتين مستقر، وإذا قلت: - فلنحمل الروايات المانعة على الكراهة بقرينة الروايات المجوزة؟ قلت:- إنَّ المورد من الأحكام الوضعية وهي لا تقبل الحمل على الكراهة، والحمل على الكراهة إنما يختص بالأحكام التكليفية؛ إذ من المناسب أن يقال إنَّ بعض الاحكام التكليفية مكروه أو واجب أو ما شاكل ذلك، فالكراهة في باب الاحكام التكليفية أمرٌ وجيه وأما في الاحكام الوضعية - كالصحة والبطلان - فلا معنى لاتصافها بالكراهة، وعليه فالحمل على الكراهة شيء مستبعد، وبالتالي يكون التعارض مستقراً ومعه نرجع إلى اطلاق قوله تعالى:- ﴿ وأحل لكم ما وراء ذلكم ﴾ إما من باب أنه مرجح للطائفة المجوزة حيث لم يذكر في الكتاب الكريم حرمة الزواج ببنت المزني بها أو من باب أنه يكون مرجعاً بعد التعارض والتساقط، وعلى كلا التقديرين تكون النتيجة واحدة وهي أنَّ المناسب هو الجواز كما ذهب إليه السيد الماتن والمشهور.


[4] والحسين هنا هو الحسين بن سعيد فإن احمد بن محمد بن عيسى يروي عنه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo