< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/08/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الحكم الخامس ( الوطئ بالشبهة ملحق بالزنا ) - مسألة ( 1251 ) - الحرمة بالمصاهرة - الفصل الثالث ( المحرمات النسبية والسببية ) – كتاب النكاح.

الحكم الخامس: - الوطئ بالشبهة ملحق بالزنا على أحد قولين.

تقدم أنَّ من زنا بخالته حرمت عليه بنتها، السؤال: إذا وطأ خالته - أو امرأة اجنبية - شبهةً هل تحرم عليه بنتها أيضاً أو لا؟

والجواب: - ربما ينسب إلى المشهور اللحوق، وربما يستدل له بثلاثة وجوه: -

الوجه الأول: - التمسك بالأولوية، ببيان: انَّ الزنا بالخالة إذا أوجب حرمة بنتها فوطئ الشبهة يلزم أن يكون موجباً لحرمتها بالأولى، باعتبار أنَّ وطئ الشبهة شيء حلال وليس بمحرم فإذا كان الزنا الذي هو حرام وأشد عقوبة يوجب تحريم بنت الخالة فوطئ الشبهة الذي هو ليس بحرام ولا أثم فيه يكون أولى بأن يكون محرّماً لبنتها، والدليل الدال على حرمت بنت الخالة عند وطئ الخالة بالزنا هو بالأولى يكون موجباً لحرمة بنتها أيضاً لو وطأ الخالة شبهةً.

والجواب عليه واضح: - فإنَّ من زنا بخالته قد يكون الحكم بحرمة بنتها عليه من باب العقوبة والتشديد عليه بخلاف من وطأ خالته شبهةً فإنه ليس بقاصد للحرام وهو لم يفعل حراماً وحينئذٍ يمكن أن تكون النتيجة بلحاظه أخف من الزاني، فالقياس هنا في غير محله.

الوجه الثاني: - التمسك بالاستقراء، بمعنى أنَّ المتتبع لأحكام الفقه يجد أنَّ أحكام النكاح الصحيح كالمهر والعدَّة لحوق الولد هي ثابتة أيضاً لمن وطأ امرأة شبهة، وبما أنَّ النكاح الصحيح يوجب حرمة بنت امرأته عليه - إذا دخل بالأم - يلزم يكون وطئ الشبهة مثل النكاح الصحيح أيضاً يوجب حرمة بنتها.

والجواب عليه واضح: - فإنَّ احكام النكاح الصحيح لم تثبت بأجمعها لوطئ الشبهة وإنما الثابت له هو بعضها كالمهر والعدة ولحوق الولد وأما بقية الاحكام فليست بثابتة كجواز النظر إلى أم الزوجة التي وطئت بالنكاح الصحيح فإنه لم يثبت لأم الموطوءة شبهةً، وعليه فهذا الوجه ليس بتام أيضاً.

الوجه الثالث: - الروايات الدالة بالمفهوم على كون الحلال يحرّم الحلال، وحينئذٍ نقول بما أنَّ وطئ الشبهة حلال فيكون موجباً لتحريم الحلال، يعني إذا وطأ الخالة شبهةً فسوف تحرم عليه بنتها فإنَّ الحلال الذي هو وطئ الشبهة يحرّم الحلال الذي هو الزواج بالبنت، والروايات هي: -

الرواية الأولى: - ما رواه محمد بن منصور الكوفي قال: - ( سألت الرضا عليه السلام عن الغلام يعبث بجارية لا يملكها ولم يدرك أيحل لأبيه أن يشتريها ويمسها؟ فقال: - لا يحرّم الحرام الحلال )[1] .

الرواية الثانية: - ما رواه صفوان: - ( رجل فجر بامرأة حراماً أيتزوج بابنتها؟ قال:- لا يحرم الحرام الحلال )[2] .

فهاتان الروايتان تقولان إنَّ الحرام لا يحرّم الحلال وبمفهومهما العرفي يدلان على أنَّ الذي يحرم الحلال هو الحلال فقط، ووطئ الشبهة حيث إنه حلال فبمقتضى هذه القاعدة يكون محرِّماً للحلال وحينئذٍ تثبت حرمة بنت الخالة الموطوءة شبهة.

وفي التعليق نقول: - إنَّ مفهوم قاعدة ( لا يحرم الحرام الحلال ) ليس ثابتاً بمستوى الموجبة كلية، يعني ليس كل حلال جزماً يحرّم الحلال وإنما يراد أن يقال إذا كان يوجد ما يحرم الحلال فليس هو الحرام فإنَّ الحرام لا يحرم الحلال وإنما الذي يحرمه هو الحلال ولكن لا يستفاد من هذه القاعدة أنه يحرّمه في جميع الموارد وعلى نحو الموجبة الكلية فإنه هذا لا يمكن الالتزام بذلك،.

ومن امثلة بطلان هذه النتيجة الزواج بمرأة فإنه حلالٌ ولكن هذا الحلال لا يحرّم الزواج بأختها إذا ماتت الأولى أو طلقها يكون الزواج حلالا.

فإذاً ليس المفهوم من قاعدة ( الحرام لا يحرم الحلال ) هو أنَّ الحلال يحرم الحلال على الاطلاق وإنما يحرمه بنحو الموجبة الجزئية، وعليه فلا يمكن أن نستفيد من هذه القاعدة تحريم بنت الموطوءة شبهة، فمن وطأ الخالة شبهة لا تحرم عليه بنتها كرحمة بنتها حالة الزنا لعدم ثبوت ذلك بأحد المدارك المتقدمة وحينئذٍ نتمسك بعموم ﴿ وأحل لكم ما وراء ذلكم ﴾ لاثبات حلية بنت الخالة الموطوءة شبهة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo