< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/08/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة (1254 ) المشهور أن المرأة الاجنبية المزني بها تحرم على آياء الزاني وأبنائه، مسألة ( 1255 ) و ( 1256 ) و( 1257 ) – ما يحرم بالمصاهرة - كتاب النكاح.

 

مسألة ( 1254 ):- المشهور أن المرأة المزني بها تحرم على آباء الزاني وأبنائه إذا كان الزنا سابقاً على العقد وإلا لم تحرم، ولكن الظاهر عدم التحريم حتى فيما إذا كان الزنا سابقاً على العقد وإن كان الأحوط الترك في هذه الصورة.

 

لعل مضمون المسألة فيه شيء من الخفاء ولكن المقصود هو أنه لو زنا شخص بامرأة اجنبية فالمشهور حرمتها على أبيه وأولاده إذا كان الزنا قبل العقد وأما إذا تأخر عن العقد - بأن كان الأب أو الابن عاقداً عليها - فلا تحرم بسببه، فالزنا لا يحرّم العقد الواقع قبله، ولكن السيد الماتن صار إلى عدم الحرمة في كلا الموردين، ومنشأ هذا الخلاف هو الروايات حيث توجد طائفتان الأولى تحرم والثانية لا تحرّم وبعد التعارض والتساقط يكون المرجع هو عموم قوله تعالى:- ﴿ وأحل لكم ما وراء ذلكم ﴾ حيث نشك أنَّ هذه المرأة خرجت من هذا العموم أو لا فمقتضى العموم هو الشمول لها.

وأما الروايات: - فنذكر لكل طائفة منها رواية واحدة: -

الطائفة الأولى: - من قبيل ما رواه محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبيه عن محمد بن عيسى بن عبد الله الأشعري عن محمد بن عمير عن أبي بصير قال: - ( سألته عن الرجل يفجر بالمرأة أتحل لابنه أو يفجر بها الابن أتحل لأبيه؟ قال:- لا، إن كان الأب أو الابن مسّها واحدٌ منهما فلا تحل )[1] .

وسند الشيخ إلى محمد بن الحسن الصفار معتبر، وأما بقية السند فقد يقال إن فيه تأمل من ناحية أن الوارد فيه هو تعبير ( عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبيه عن محمد بن عيسى بن عبد الله الأشعري ) فإن أحمد بن محمد بن عيسى يروي عن أبيه وأبيه يروي عن محمد بن عيسى والحال أن أبو أحمد - ( أبيه ) - هو نفسه محمد بن عيسى فكيف جاءت كلمة ( عن ) بين احمد بن محمد وبين ( أبيه )؟ قد علق صاحب الوسائل على ذلك وقال:- ( لا توجد كلمة [ عن ] في المصدر )، وبذلك يصير السند:- ( عن احمد بن محمد بن عيسى عن ابيه محمد بن عيسى بن عبد الله الأشعري عن محمد بن عمير عن أبي بصير ) وحينئذٍ لا مشكلة في البين.

وهي قد دلت على عدم الفرق بين الأب والابن وأنها لا تحل لأب الزاني أو ابنه.

الطائفة الثانية:- من قبيل معتبرة زرارة، وهي ما رواه محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن موسى بن بكر عن زرارة قال:- ( قال أبو جعفر عليه السلام:- إن زنى رجل بامرأة أبيه أو بجارية أبيه فإن ذلك لا يحرّمها على زوجها ولا يحرّم الجارية على سيدها، إنما يحرم ذلك منه إذا أتى الجارية وهي له حلال فلا تحلّ تلك الجارية لابنه ولا لأبيه )، والشاهد هو قوله عليه السلام:- ( إنما يحرم ذلك إذا أتى الجارية وهي له حلال )[2] ، يعني ليس زنا وإنما هو عاقد عليها فإذا عقد عليها فحينئذٍ لا تحل لابنه ولا لأبيه.

وحينئذٍ يحصل التعارض بين الطائفتين ومع التعارض والتساقط نرجع إلى عموم ﴿ وأُحلَّ لكم ما وراء ذلكم ﴾ فيثبت الجواز.

 

مسألة ( 1255 ):- لو ملك الأختين فوطأ إحداهما حرمت الأخرى جمعا فلو وطأها أيضا لم تحرم الأولى إلا أن يكون عالما بالحرمة و الموضوع فتحرم حينئذ،ثم انه ان أخرج الأولى عن ملكه حلت الثانية مطلقا و إن أخرج الثانية عن ملكه لم تحل الأولى إلا إذا كان إخراجه للثانية لا بقصد الرجوع إلى الأولى، والأحوط في وطء الثانية جهلا ان لا تحل له الأولى إلا بالشرط المذكور.

 

تبين هذه المسألة أحكام ملكية الاختين - كما لو اشتراهما - وهي ليست من المسائل الابتلائية في زماننا فالأجدر حذفها.

 

مسألة ( 1256 ):- يحرم على الحر في الدائم ما زاد على أربع حرائر وفي الإماء ما زاد على الأمتين وله أن يجمع بين حرتين وأمتين أو ثلاث حرائر وامة ويحرم على العبد ما زاد على أربع إماء وفي الحرائر ما زاد على حرتين، وله أن ينكح حرة وأمتين ولا يجوز نكاح الأمة على الحرة إلا بإذنها ولو عقد بدونه كان باطلا بدون إجازتها وأما معها فالأظهر الصحة ولو أدخل الحرة على الأمة ولم تعلم فلها الخيار في عقد نفسها ولو جمعهما في عقد واحد صح عقد الحرة وتوقف عقد الأمة على إجازة الحرة.

 

تشتمل المسألة على قضيتين: -

الأولى: - لا يجوز للحر الزواج بأكثر من اربع زوجات، وهي مسألة ابتلائية إلا أنها واضحة وقد ذكر والقرآن الكريم هذا الحكم بشكل صريح حيث قال: - ﴿ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ﴾[3] ، فهذه الآية الكريمة دلت بالصراحة على أنه لا يجوز للرجل أن يتزوج بأكثر من أربع نساء.

الثانية: - إنها دخلت في بيان حكم الإماء وأنه كم يجوز للرجل أن يتزوج من الاماء، وهذه مسألة ليست ابتلائية فلا تستحق الخوض فيها أيضاً.

 

مسألة ( 1257 ):- يحرم العقد على ذات البعل أو المعتدة ما دامتا كذلك، ولو تزوجها جاهلا بالحكم أو الموضوع بطل العقد، فان دخل حينئذ حرمت‌ عليه أبداً والولد له وعليه مهر المثل للمرأة مع جهلها والأحوط ان تتم عدة الأول إن كانت معتدة وتستأنف عدة الثاني والأظهر التداخل ولو عقد عالما بالحكم والموضوع حرمت عليه أبدا بالعقد وكذا إذا كانت المعتدة المعقود عليها عالمة بهما وأما ذات البعل فلا أثر لعلمها ولا فرق في العدة بين عدة الطلاق بائنا أو رجعياً وعدة الوفاة وعدة وطء الشبهة ولا فرق في المعتدة بين الحرة والأمة ولا في الدخول بين أن يكون في القبل والدبر ولا يلحق بالعدة مدة استبراء الأمة ولا بالعقد وطء الشبهة ولا الوطء بالملك ولا بالتحليل والمدار على علم الزوج فلا يقدح علم وليه أو وكيله.

 

تشتمل المسألة على ثلاثة عشر حكماً: -

الحكم الأول: - يحرم العقد على ذات البعل مادامت كذلك.

وجاء في العروة في مسألة التاسعة من فصل عدم جواز التزويج في عدة الغير ما نصه: - ( يلحق بالتزويج في العدّة في إيجاب الحرمة الأبدية تزويج ذات البعل )، فتزويج ذات البعل حرام يلحق بالتزويج في العدة، فكما أن التزويج في العدة يحرّم مؤبداً كذلك التزويج بذات البعل يوجب الحرمة المؤبدة أيضاً.

ولكن تعبير صاحب العروة بالإلحاق فيه مسامحة حيث قال إنَّ التزويج بذات البعل يلحق بالتزويج بذات العدة في الحرمة المؤبدة والحال أنَّ كل واحدٍ منهما له دليله الخاص، فجعل التزويج بذات البعل محلق بالتزويج بذات العدة لا معنى له بعد وجود الدليل الخاص في كل مورد منهما، والانسب التعبير هكذا: - ( يحرم بالحرمة المؤبدة التزويج بذات العدة وبذات البعل ).

وليس من البعيد أنه أخذ هذا التعبير من قواعد العلامة حيث قال العلامة(قده): - ( ولو تزوج بذات البعل ففي إلحاقه بالمعتدّة اشكال ينشأ من عدم التنصيص ومن أولوية التحريم )[4] .

وفي التعليق على كلام العلامة نقول: - إنه قال: - ( ففي إلحاقه بالمعتدة ينشأ من عدم التنصيص ) أي لا يوجد نص في المورد والحال أنَّ كلا الموردين قد ورد فيه النص الخاص كما سنبين.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo