< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/08/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الحكم الثاني والثالث والرابع - مسألة ( 1257 ) – ما يحرم بالمصاهرة - كتاب النكاح

 

الحكم الثاني: - يحرم العقد على المعتدة مادامت في العدة.

القصود من العدة مطلق العدة سواء كانت عدة طلاق أو وفاة أو غير ذلك، وقد دل على هذا الحكم الكتاب الكريم والسنَّة الشريفة والاجماع[1] ، ونحن نذكر بعض الآيات الكريمة وأما الروايات فستأتي في ثنايا البحث.

أما الآيات الكريمة: -

فمنها:- قوله تعالى:- ﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ، وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَٰكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ﴾[2] أي لا تجروا العقد حتى تنتهي العدة وهي مطلقة أي سواء كانت عدة طلاق أو عدة وفاة أو غير ذلك.

ومنها: - قوله تعالى: - ﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ﴾[3] ، يعني لا تتزوج المرأة إلا بعد أن تنتهي عدتها.

ومنها: - قوله تعالى: - ﴿ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ ﴾[4] ، وهي وعبرت بـ (ازواجهن ) باعتبار ما يؤول، فصحيح أنَّ الرجل لم يصبح زوجاً لها بعد ولكن اطلق عليه ذلك باعتبار ما يؤول.

ومنها: - قوله تعالى: - ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ﴾[5] ، أي أنَّ شروع العدة يكون من بداية الطلاق ولابد من ضبط العدة، وضبط العدة هو لأجل أنَّ الزواج منها حين العدة يكون حراماً.

ومنها: - قوله تعالى: - ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾[6] .

 

الحكم الثالث: - من تزوج امرأة وهي في العدة - أي عقد عليها - جاهلاً بالحكم أو الموضوع بطل العقد وله تجديد العقد عليها بعد انقضاء العدة.

والمدرك لهذا الحكم هو الروايات، من قبيل ما رواه أبو علي الاشعري عن محمد بن عبد الجبار وعن محمد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان عن صفوان عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم عليه السلام قال: - ( سألته عن الرجل يتزوج المرأة في عدتها بجهالة أهي ممن لا تحل له أبداً؟ فقال: - لا أما إذا كان بجهالة فليتزوجها بعدما تنقضي عدتها وقد يعذر الناس في الجهالة بما هو أعظم من ذلك، قلت:- بأي الجهالتين يعذر بجهالته أن ذلك محرم عليه أم بجهالته أنها في عدّة؟ فقال:- احدى الجهالتين أهون من الأخرى الجهالة بأنَّ الله حرم ذلك عليه وذلك بأنه لا يقدر على الاحتياط معها، فقلت:- وهو في الأخرى معذور؟ قال:- نعم إذا انقضت عدتها فهو معذور في أن يتزوجها، فقلت:- فإن كان أحدهما متعمداً والآخر يجهل؟ فقال: - الذي تعمد لا يحل له أن يرجع إلى صاحبه )[7] .

وسندها معتبر فإنَّ كلا طريقيها معتبر.

وموضع الشاهد هو قوله: - ( سألته عن الرجل يتزوج المرأة في عدتها ...، فقال:- لا أما إذا كان بجهالة فليتزوجها بعدما تنقضي عدتها ).

إن قلت: - صحيح أنه لا يجوز العقد عليها في العدة ولكن كيف نفهم أنَّ العقد إذا كان بجهالة يكون باطلاً؟

قلت: - إنَّ الامام عليه السلام قال للسائل: - ( أما إذا كان بجهالة فليتزوجها بعدما تنقضي عدتها ) أي إذا انتهت عدتها جدد العقد عليها، فالأمر بالزواج من جديد بعد انقضاء العدة يدل على أنَّ الزواج السابق كان باطلاً.

 

الحكم الرابع: - من تزوج بذات العدة في عدتها جاهلاً بالحال ودخل بها حرمت عليه مؤبداً وعليه مهر المثل مع جهلها.

فصحيحٌ أنه معذور لأجل الجهل ولكن مع الدخول تحرم عليه مؤبداً رغم كونه جاهلاً، ومستند هذا الحكم الروايات: -

من قبيل: - معتبرة الحلبي، وهي ما رواه علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حمّاد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلا قال: - ( إذا تزوج الرجل المرأة في عدتها ودخل بها لم تحل له أبداً عالماً كان أو جاهلاً وإن لم يدخل بها حلت للجاهل ولم تحل للآخر عالماً كان أو جاهلاً )[8] .

ومن قبيل: - معتبرة سليمان بن خالد، وهي ما رواه محمد بن يحيى عن احمد بن محمد ومحمد بن الحسين عن عثمان بن عيسى عن سماعة وابن مسكان عن سليمان بن خالد قال: - ( سألته عن رجل تزوج امرأة في عدتها، قال فقال:- يفرق بينهما، وإن كان دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها ويفرق بينهما فلا تحل له ابداً، وإن لم يكن دخل بها فلا شيء لها من مهرها )[9] ، وهذه الرواية هي مستند ثبوت المهر لو دخل بها، مضافاً إلى أنَّ القاعدة تقتضي ذلك من باب أنه دخل بها فلابد وأن يدفع لها مهر المثل.

وقد يقال: - توجد مشكلة في سندها فإنها مضمرة ولم تذكر أنَّ المسؤول هو الامام عليه السلام فكيف نثبت أن المسؤول هو الامام عليه السلام وليس هو أحد أجلة الاصحاب؟

قلت: - يوجد جوابان على هذا الاشكال: -

الأول: - أن نقول بما أنَّ الضمير قد ذكر ولم يذكر مرجعه فهذا يدل على أنَّ مرجع الضمير في عرف ذلك الزمان كان معهوداً ومعروفاً، وحيث لا يوجد مرجع معروف في الأوساط الشيعية العامة إلا الامام عليه السلام فيثبت بذلك أنَّ المرجع هو الامام عليه السلام.

الثاني: - إنَّ سليمان بن خالد عادةً يروي عن الامامين الباقر والصادق عليهما السلام فحينما أضمر فليس من البعيد أنَّ هذه العادة الثابتة له تصلح أن تكون قرينة ثانية على أنَّه ينقل عن الامام عليه السلام وليس عن غيره.


[1] وإن كان توجد مسامحة في التعبير بالإجماع فإن من المعلوم أن المدرك هو الكتاب والسنة ولكن نريد أن نبين أن الحكم المذكور قد انعقدت عليه هذه الأدلة الثلاث المسألة إجماعيه لا خلاف فيها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo