< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/10/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسألة ( 1258 ) حكم الزواج بالمرأة التي توفى زوجها وهي لا تعلم بوفاته - ما يحرم بالمصاهرة - كتاب النكاح

 

مسألة( 1258 ):- لا يصح العقد على المرأة في المدة التي تكون بين وفاة زوجها وعلمها بوفاته. وهل يجري عليها حكم العدة؟ قيل لا، فلو عقد على امرأة في تلك المدة لم تحرم عليه وإن كان عالماً ودخل بها فله تجديد العقد بعد العلم بالوفاة وانقضاء العدة بعده. ولكنه محل اشكال جداً والاخ=حتياط لا يترك.

 

لا يخفى أنَّ هضم هذه المسألة قد يكون صعباً والأفضل صياغتها بشكل آخر أكثر وضوحاً واختصاراً وذلك بأن نقول:- ( لا يصح العقد على المتوفى عنها زوجها قبل أن يبلغها الخبر. ولو حصل العقد حينئذٍ ففي جريتان حكم تزوج المرأة في العدة اشكال والاحوط وجوباً العمل على ذلك ).

 

أما المسألة فهي تشتمل على مطلبين:-

المطلب الأول:- لو فرض أنَّ امراة توفي زوجها وقد مضت مدة على وفاته ولكنها لا تعلم بذلك - كما لو كان مسافراً وتوفي في سفره - فلو تزوجت بآخر في الفترة الواقعة بين وفاة زوجها الأول وبين علمها بوفاته[1] - وقع العقد باطلاً، وهذا ما أشار إليه السيد الماتن بقوله:- (لا يصح العقد على المرأة في المدو التي تكون بين وفاة زوجها وعلها بوفاته).

المطلب الثاني:- هل يترتب على هذا الزواج أحكام الزواج بذات العدة بأن نقول مادام زوجها قد توفي فهي في عدّة الوفاة - وإن لم تعلم بالوفاة - وهي قد تزوجت في عدتها فنطبق عليها احكام من تزوجت في العدة التي منها الحرمة المؤبدة على الزوج الثاني أو لا يترتب ذلك؟ استشكل السيد الماتن في ذلك وذهب إلى الاحتياط فالأحوط عملاً تطبيق حكم الزواج في العدّة.

إلا أنَّ البعض ومنهم صاحب الجواهر(قده) حكم بعدم جريان حكم الزواج بذات العدّة عليها وبالتالي يجوز للثاني أن يتزوجها من جديد بعد انتهاء عدتها، وقد استتدل لذلك بأنها ليست زوجة ولا متعدّة والذي يوجب الحرمة المؤبدة إنما هو العقد على ذات البعل أو المتعدة وهذه المرأة لا هي متزوجة ولا هي معتدة فلا تحرم، أما أنها ليست متزوجة فلفرض أنَّ زوجها قد مات غايته أنها لا تعلم بموته، وأما أنها ليست معتدة فلأن العدّة تبتدئ بعد وصول خبر وفاته إليها - يعني بعد أن تثتبت وفاته عندها - وهذه المرأة لم تثبت وفاة زوجها عندها فلا هي صاحبة زوج ولا هي معتدة وعلى هذا الاساس سوف يقع الزواج بها صحيحاً، قال:- (والأقرب ... عدم التحريم المؤبد لعدم كونها ذات بعل ومعتدة واقعاً ضرورة عدم الاعتداد عليها قبل العلم بالوفاة)[2] [3] .

وفي المقام نقول:- الارجح بطلان العقد الثاني والحرمة المؤبدة، والوجه في ذلك وجود بعض الآيات الكريمة التي تدل على أنَّ المتزوجة لا يصح لها أن تتزوج إلا بعد أن تنتهي عدتها - سواء كانت عدة وفاة أو عدة طلاق - فإذا تزوجت في العدة كان ذلك موجباً للحرمة المؤبدة، من قبيل قوله تعالى:- ﴿وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ﴾[4] ، وهي مطلقة والمقصود من الكتاب هنا هو العدّة، يعني لا يصح الزواج منها حتى ينتهي أجل العدّة فإذا انتهى الأجل صح الزواج منها وإلا سوف يصير زواجاً بذات البعل، ومن قبيل قوله تعالى:- ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾[5] وهي خاصة بعدة الوفاة وتقول إذا انتهى اجلهن - أي عدتهن - وأردن الزواج فلا تمنعوهن من ذلك أما قبل أن ينتهي الأجل فلابد من منعهن وبالتالي يكون زواجهن غير جائز فلو تزوجن والحال هذه كان من الزواج في العدّة وهو غير جائز.

كما دلت الروايات على أنه يوجب الحرمة المؤبدة أيضاً - وإن حاول البعض استفادة ذلك من الآيتين الكريمتين أيضاً - من قبيل معتبرة اسحاق بن عمّار، وهي ما رواه أبو علي الاشعري عن ابن عبد الجبار عن صفوان عن اسحاق بن عمّار قال:- (سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الأمة يموت سيدها، قال:- تعتد عدّة المتوفى عنها زوجعا، قلت:- فإنَّ رجلاً تزوجها قبل أن تنقضي عدتها، قال فقال:- يفارقها ثم يتزوجها نكاحاً جديداً بعد انفضاء عدتها، قلت:- فأين ما بلغنا عن أبيك في الرجل إذا تزوج المرأة في عدتها لم تحل له أبداً؟ قال:- هذا جاهل، أما العالم يتزوج بالمرأة في عدتها تحرم عليه مؤبدا)[6] .


[1] وقد يقال:- كيف تتزوج وهي لم تعلم بوفاته؟ قلنا:- إما أنه يوجد تساهل عند بعض الناس من هذه الناحية، وإما أن ذلك يحصل بسبب الجهل بالحكم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo