< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/10/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الحكم من مسألة ( 1261 )، ( 1262 ) حكم التزويج بالزانية والمشهور بالزنا - ما يحرم بالمصاهرة - كتاب النكاح.

الحكم الثاني: - الاحوط عدم العقد على المزني بها قبل استبرائها بحيضة.

ويدل عليه ما رواه الشيخ الكليني عن محمد بن يحيى عن بعض اصحابا عن عثمان بن عيسى عن إسحاق بن جبير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: - ( قلت له:- الرجل يفجر بالمرأة ثم يبدو له في تزويجها هل يحل له ذلك؟ قال:- نعم إذا هو اجتنبها حتى تنقضي عدتها باستبراء رحمها من ماء الفجور فله أن يتزوجها. وإنما يجوز له أن يتزوجها بعد أن يقف على توبتها )[1] .

والظاهر أنَّ دلالتها على لزوم الاستبراء بحيضة واضحة فإنَّ السائل حينما سأل الامام عليه السلام عن جواز الزواج منها قال له: - ( نعم إذا هو اجتنبها حتى تنقضي عدتها باستبراء رحمها من ماء الفجور )، وهذا الاستبراء يتحقق بالحيض، ولكن الفتوى على طبقها أمرٌ مشكل لأنها مرسلة كما أنها تشتمل على شيء يصعب الالتزام به وهو اشتراط توبتها فإنها قالت:- ( وإنما يجوز له أن يتزوجها بعد أن يقف على توبتها ) فيكون المصير إلى الاحتياط شيء لا بأس به،

 

مسألة ( 1262 ):- يجوز التزويج بالزانية. والاحوط لزوماً ترك التزويج بالمشهورة بالزنا قبل أن تظهر توبتها.

..........................................................................................................

تشتمل المسألة على حكمين: -

الحكم الأول: - يجوز التزويج بالزانية.

الحكم الثاني: - الاحوط عدم التزويج بالمشهورة بالزنا.

أما الحكم الأول: - فقبل بيان مدركه نقول إنَّ مقصود السيد الماتن حينما قال: - ( يجوز التزويج بالزانية ) يقصد بذلك أي الانسان آخر ولا يقصد الزاني فقط، يعني هل يجوز لشخصٍ أن يتزوج بالزانية أو لا يجوز ذلك وهو حكم بالجواز، والدليل عليه التمسك بمطلقات النكاح كقوله تعالى:- ﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ﴾[2] ، والأيامى جمع أيم وهي المرأة التي لا زوج لها، وهي بإطلاقها تشمل الزانية، وإذا هناك إشكال في دلالتها فتوجد آيات أخرى تدل بإطلاقها على جواز الزواج بكل امرأة.

ولكن في المقابل قد يقال توجد آية كريمة أخرى يفهم منها عدم الجواز وهي قوله تعالى: - ﴿ الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾[3] ، والشاهد هو قوله تعالى:- ﴿ وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ﴾ حيث دل على أنَّ الزانية لا يتزوجها إلا الزاني وأما غيره من المؤمنين فلا.

ولكن في الجواب يقال يوجد في المقصود من قوله تعالى:- ﴿ وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ﴾ احتمالان، الأول:- أن يكون المقصود هو ما أُريد يعني الزانية لا ينكحها إلا زانٍ وإذا كان هذا هو المقصود فسوف تدل على المطلوب وهنا ينبغي أن نفسّر الآية الكريمة بالحكم الانشائي أي أنه نهيٌ وحكمٌ يعني أنها تريد أن تقول ( يا أيها الناس إنَّ الزانية لا ينكحها إلا زانٍ ) فتصير دليلاً على الحرمة، والثاني:- هو أنَّ الزانية لا يتزوجها الناس المؤمنين وإنما يتزوجها الذي مثلها وهو الزاني فإنَّ واقع الحال هو ذلك، ومع تردد الآية الكريمة بين هذين الاحتمالين فسوف تكون مجملة ولا يصح الاستدلال بها على الحرمة، ولا نحتاج إلى اثبات الاحتمال الثاني بل مجرد التردد في ما هو المطلوب منها يكفي في سقوطها عن صلاحية الاستدلال.

وقد يتمسك للحرمة أيضاً بمعتبرة الحلبي، وهي ما رواه محمد بن الحسن بإسناده عن احمد بن محمد بن عيسى عن أبي المغرى - أبي المعزى - عن الحلبي قال: - ( قال أبو عبد الله عليه السلام:- لا تتزوج المرأة المعلنة بالزنا ولا يتزوج الرجل المعلن بالزنا إلا بعد أن تعرف منهما التوبة )[4] .

وتقريب دلالتها على الحرمة أن يقال إنها قالت: - ( لا تتزوج المرأة المعلنة بالزنا ) وهذا يعني أنَّ المعلنة بالزنا لا زواج لها يعني لا يجوز لأحدٍ أن يتزوج بها.

ولكن في الجواب نقول: - إنَّ هذا وجيه فيما إذا فرض أنه بني على أنَّ الزانية لا يجوز لها أن تتزوج، ولكن توجد في المقابل روايات معارضة لها تدل على الجواز فيحمل هذا الحكم على المرجوحية، والروايات التي تدل على الجواز هي:-

الرواية الأولى: - ما رواه الشيخ عن على بن الحسن[5] عن علي بن الحكم عن موسى بن بكر عن زرارة عن أبي جعفر عليه ‌السلام قال: - ( سئل عن رجل اعجبته امرأة فسأل عنها فإذا النثاء عليها في شيءٍ من الفجور، فقال:- لا بأس أن يتزوجها ويحصنها )[6] ، ومعنى النثاء الوارد في الرواية هو الذم فإنه يوجد عندنا تعبير( الثناء ) وهو يستعمل في المدح فقط ويوجد عندنا أيضاً تعبير ( النّثاء ) وهو يستعمل في المدح والذم وهنا استعمل في الأمور المذمومة.

الرواية الثانية: - معتبرة علي بن يقطين، وهي ما رواه الشيخ عن محمد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن سعدان عن علي بن يقطين قال: - ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام: - نساء أهل المدينة؟ قال:- فواسق، قلت:- فأتزوج منهن؟ قال:- نعم )[7] .

فهاتان الروايتان تدلان على جواز الزواج بالزانية فتحمل الناهية عن ذلك على الكراهة والمرجوحية.


[5] أي ابن فضّال، وربما يحكم بصحة سندها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo