< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/10/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ( 1263 ) حكم من زنا بذات العدة الرجعية - ما يحرم بالمصاهرة - كتاب النكاح.

 

وأما الحكم الثاني: - فالوجه فيه هو التمسك بالروايات التي يستظهر منها عدم الجواز، ونذكر منها روايتين: -

الرواية الأولى: - معتبرة الحلبي المتقدمة قال: - ( قال أبو عبد الله عليه السلام:- لا تتزوج المرأة المعلنة بالزنا ولا يتزوج الرجل المعلن بالزنا إلا بعد أن تعرف منهما التوبة )، فهنا أخذ قيد الإعلان - يعني إذا كان مشهوراً بالزنا - في الحرمة.

الرواية الثانية: - معتبرة زرارة، وهي ما رواه الصدوق بإسناده عن داود بن سرحان عن زرارة قال: - ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزَّ وجل " الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زانِ أو مشرك " قال:- هنَّ نساء مشهورات بالزنا ورجالٌ مشهورون بالزنا قد شُهِروا بالزنا وعرفوا به والناس اليوم بذلك المنزل فمن أقيم عليه حدّ الزنا أو شُهِر بالزنا لم ينبغِ لأحدٍ أن يناكحه حتى يعرف منه التوبة)[1] .

فهاتان الروايتان دلتا بظاهرهما عدم جواز الزواج بالمشهورة بالزنا ولكن لا يمكن الجزم بالفتوى على طبقهما وإنما يكون المصير إلى الاحتياط الوجوبي هو المتعين لإن الوارد في الرواية الثانية هو تعبير ( لم ينبغِ ) ولا يبعد أنَّ ظاهر هذا التعبير هو الرجحان غير اللزومي - أعني الكراهة - ولا اقل من كون هذا التعبير مجمل فتصير الرواية غير واضحة في عدم الجواز، مضافا إلى أنها اشتملت على الحكم بحرمة تزويج المشهور بالزنا حيث قالت:- ( رجال قد شهروا في الزنا وعرفوا به ) والحال أنه لا يحتمل أنَّ الفقهاء يفتون بعدم جواز تزويج المشهور بالزنا، كما أنَّ تعبير ( لم ينبغِ ) صالح للقرينية حتى للرواية الأولى وعليه فيكون المصير إلى الاحتياط الوجوبي هو الأنسب.

 

مسألة ( 2363 ):- لو زنا بذات بعل أو في عدة رجعية حرمت عليه أبداً على الاحوط. ولا فرق في ذات البعل بين الدائمة والمتمتع بها والحرة والأمة والصغيرة والكبيرة والمدخول بها وغيرها والعالمة والجاهلة ولا في البعل بين الحر والعبد ولا في الصغير والكبير ولا في الزاني بين العالم بكونها أنها ذات بعل أو في العدة والجاهل بذلك.

 

تشتمل المسألة على ثلاثة احكام: -

الحكم الأول: - لو زنى بذات البعل حرمت عليه على الاحوط.

الحكم الثاني: - لو زنى بذات العدة الرجعية فالأحوط أنها تحرم عليه أبداً.

الحكم الثالث: - لا فرق في ذات البعل بين الدائمة والمتمتع بها.

أما الحكم الأول: - فيمكن أن نذكر له ثلاث مستندات: -

المستند الأول: - الاجماع الذي ادعاه السيد المرتضى(قده) في الانتصار حيث قال: - (مما انفردت به الامامية القول بأنَّ من زنى بامرأة ولها بعل حرم عليه نكاحها أبداً وإن فارقها زوجها ... والحجة لنا اجماع الطائفة )[2] .

ولكن نقول: - إنَّ اجماعات السيد المرتضى كما تعرف، ولكن رغم ذلك لا نطرحه هذا الاجماع رأساً بل يصير منشأً للاحتياط خصوصاً إذا دعم بشيء آخر.

المستند الثاني: - ما نلقه الشهيد الثاني في المسالك عن الشهيد الأول من التمسك بالأولوية، قال الشهيد الأول: - (بدعوى أنَّ العقد على ذات البعل مع العلم كان موجباً لثبوت الحرمة الأبدية فثبوتها حالة زنا الشخص بها يكون بطريقٍ أولى باعتبار أنَّ الفعل أشد من الفعل المجرد)[3] .

ولكن نقول: - إنَّ الجزم بهذه الأولوية أمرٌ مشكل.

المستند الثالث: - ما ورد في الفقه الرضوي: - ( من زنى بذات بعلٍ محصناً كان أو غير محصن ثم طلقها زوجها أو مات عنها وأراد الذي زنا بها أن يتزوج بها لم تحل له أبداً )[4] ، ودلالتها على التحريم واضحة، وقد نقلها العلامة النوري في مستدركه عن كتاب الفقه الرضوي لكن نسبة كتاب الفقه الرضوي إلى الامام الرضا عليه السلام غير ثابتة فيكون الاعتماد عليها أمرٌ مشكل.

وبهذا قد اتضح من خلال ما تقدم أنَّ جميع هذه المستندات ليست تامة فالفتوى على طبقها يكون أمراً مشكلاً لكن المصير إلى الاحتياط شيءٌ حسن.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo