< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/10/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تتمة مسألة ( 1266 )، مسألة ( 1267 ) حكم رجوع الزوج إذا طلق زوجته الحرة ثلاث طلقات أو الأمة طلقتين- ما يحرم بالمصاهرة - كتاب النكاح.

 

وأما الحكم الثاني: - فالوجه فيه هو دلالة بعض الروايات على حصول الحرمة المؤبدة إذا عقد الشخص حال الاحرام على امرأة وبإطلاقها - أو بعمومها - تشمل حتى الجاهل ولكن جاءت بعض الروايات وقيدت هذا الاطلاق - أو العموم - وعليه فيكون هذا الحكم مختصاً بالعالم دون الجاهل.

أما الرواية التي فيها عموم: - فهي ما رواه محمد بن يعقوب عن عدَّة من اصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسن بن علي عن ابن بكير عن إبراهيم بن الحسن عن أبي عبد الله عيله السلان قال: - ( إنَّ المحرم إذا تزوج وهو محرم فرّق بينهما ثم لا يتعاودان أبداً )[1] ، وهي بعمومها دلت على الحرمة المؤبدة.

وإلا أنَّ سندها يمكن المناقشة فيه فإنَّ العدَّة يمكن اعتبارها ولو من باب حصول الاطمئنان بأنَّ ثلاثة من مشايخ الكليني المعروفين يجتمعون على الكذب، وأما أحمد بن محمد فهو إما ابن عيسى أو ابن خالد وكلاهما ثقة، وأما الحسن بن علي فهو ابن زياد الوشّاء، وأما ابن بكير فهو عبد الله بن بكير وهو فطحي لكنه ثقة، وأما إبراهيم بن الحسن فلم تذكر له ترجمة فضلاً عن التوثيق فيكون مجهول الحال ولذلك يتوقف في سندها.

ولكن لو فرضنا تمامية سندها فهي مطلقة وتشمل الجاهل أيضاً.

ولكن هناك مقيد بخصوص العالم وهو روايتان: -

الرواية الأولى: - معتبرة أديم بياع الهروي المتقدمة، وهي ما رواه عبد الله بن بكير عن أديم بياع الهروي عن أبي عبد الله عليه السلام: - ( والمحرم إذا تزوج وهو يعلم أن حرام عليه لم تحل أبداً ) فتكون مقيدة لإطلاق رواية إبراهيم بن الحسن إنَّ تم سند رواية إبراهيم بن الحسن.

الرواية الثانية: - ما وراه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى عن صفوان وابن أبي عمير عن عاصم بن حميد عن محمد بن قيس عن ابي جعفر عليه السلام قال: - ( قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل ملك بضع امرأة وهو محرم قبل أن يحل فقضى أن يخلي سبيلها ولم يجعل نكاحها شيئاً حتى يحل فإذا أحل خطبها إن شاء وإن شاء أهلها زوجوه وإن شاءوا لم يزوجوه )[2] .

وسند الشيخ إلى أحمد بن محمد تام كما أنَّ بقية السند معتبرون، وهي قد دلت على أنها لا تحرم عليه مؤبداً وبالتالي يمكن أن يعقد عليها بعد الاحرام والمفروض أنه جاهل ولا أقل من أنها محمولة على الجاهل؛ إذ لا يحتمل ذلك في حق العالم فتكون قرينة صالحة على الحكم.

مسألة ( 1267 ) :- لو طلقت الحرة ثلاثاً فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره حتى لو كانت تحت عبدٍ، ولو طلقت الأمة طلقتين حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره وإن كانت تحت حر.

تشتمل هذه المسألة على حكمين: -

الحكم الأول: - من طلق زوجته الحرة ثلاثاً حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره، وقد دل عليه الكتاب الكريم والسنَّة الشريفة.

أما الكتاب الكريم:- فهو قوله تعالى:- ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُون، فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّىٰ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾[3] فالآية الكريمة واضحة في أنه إذا حصلت ثلاث طلاقات فلا تحل له إلا أن ينكحها شخصٌ آخر.

وأما السنَّة الشريفة: - فقد دلت عليه روايات متعددة: -

الرواية الأولى: - ما رواه الشيخ بإسناده عن علي بن الحسن بن فضّال عن يعقوب عن محمد بن أبي عمير عن جميل عن محمد بن مسلم عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام: - ( في رجل طلق امرأته ثم تركها حتى انقضت عدتها ثم تزوجها ثم طلقها من غير أن يدخل بها حتى فعل ذلك ثلاثاً، قال:- لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره )[4] ، وسندها معتبر فإنَّ سند الشيخ إلى علي بن الحسن بن فضال معتبر، ويعقوب هو ابن يزيد، وجميل هو ابن دراج، وهي واضحة الدلالة على المطلوب.

الرواية الثانية: - ما راه محمد بن يعقوب عن الرزاز عن أيوب بن نوح وعن أبي علي الاشعري عن محمد بن عبد الجبار وعن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان كذلك وعن حُمَيد بن يزاد بن سماعة كلهم عن صفوان عن موسى بن بكر عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: - ( في الرجل يطل امرأته تطليقة ثم يراجعها بعد انقضاء عدتها فإذا طلقها الثالثة لم تحل له حتى تنكح زوجاً غيره فإذا تزوجها غيره ولم يدخل بها وطلقها أو مات عنها لم تحل لزوجها الأول حتى يذوق الآخر عُسَيلتها )[5] .

ولا توجد مشكلة في سندها إلا من ناحية موسى بن بكر الواسطي إذ لا يوجد في حقه توثيق واضح إلا ما روي من أنَّ الامام عليه السلام حينما رأى أن بدنه ضعيفاً أمره أن يأكل اللحم كباباً حتى تتحسن صحته ففعل ذلك فتحسن فإن قلنا إنَّ اهتمام الامام عليه السلام به إلى هذه الدرجة يدل على وثاقته فبها وإلا، ولكن حتى لو لم يكن سند هذه الرواية تاماً كفتنا الرواية الأولى في اثبات الحكم.

كما أنَّ الوارد في الرواية هو كلمة ( الرجل ) وهي مطلقة وتشمل الحر والعبد وعليه فهذا الحكم يعم الحر والعبد ولا فرق بنيهما من هذه الناحية. هذا بالنسبة إلى الحرة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo