< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/10/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 1271) يحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب - كتاب النكاح.

أما الحكم الأول: - فيمكن أن يستدل له بوجهين: -

الوجه الأول: - الكتاب الكريم، وهو التمسك بقوله تعالى:- ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾[1] ، وهي ذكرت موردين تحصل فيهما الحرمة بسبب الرضاع، الأول المرأة التي أرضعت الطفل فإنه يصدق عليها عنوان الأم فتكون أماً رضاعية وإذا صارت أمّاً رضاعية حرمت على المرتضع بنص الآية الكريمة، والثاني الأخت الرضاعية.

الوجه الثاني: - السنَّة الشريفة، حيث أعطتنا ضابطاً مختصراً يجمع كل العناوين السبعة المحرَّمة وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: - ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب )[2] ، ونظيره الحديث الآخر الذي يقول:- ( يحرم من الرضاع ما يحرم من القرابة )[3] ، فيمكن يستفيد الفقيه من هذه القاعدة في موارد متعددة فيلاحظ هل تحقق أحد العناوين النسبية بهذا الرضاع أو لا فإن صدق عنوان العمة أو الخالة أو ما شاكلهما فسوف يفتي بالحرمة لأجل هذه القاعدة.

وأما الحكم الثاني: - فيمكن أن نستفيده من معتبرة يونس بن يعقوب، وهي ما وراه محمد بن يعقوب عن حُمَيد بن زياد عن الحسن بن محمد[4] عن احمد بن الحن الميثمي[5] عن يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: - ( سألته عن امرأة در لبنها من غير ولادة فأرضعت جاريةً وغلاماً من ذلك اللبن هل يحرم بذلك اللبن ما يحرم من الرضاع؟ قال:- لا )[6] ، وهي واضحة الدلالة على أنَّ اللبن من دون ولادة لا ينشر التحريم.

إن قلت: - يمكن أن نثبت هذا الحكم من دون حاجة إلى رواية في المقام وذلك من باب أننا نشك هل حصلت العلاقة النسبية الموجبة للتحريم بسبب در اللبن من دون ولادة أو لم تحصل فنستصحب عدم حصولها، أو أننا نستصحب جواز الزواج من هذه البنت التي رضعت مع الولد والذي كان ثابتاً قبل رضاعها معه فنستصحب الجواز - ومن الواضح أنَّ هذا استصحاب موضوعي وأما الاستصحاب السابق عليه هو استصحاب حكمي -، أو أننا نجري البراءة.

قلت:- إنَّ ما ذكر تام إذا لم تكن عندنا بعض المطلقات التي يمكن التمسك بها لنفي اعتبار الولادة، وأما إذا فرض وجود المطلقات فسوف نرجع إلى هذه المطلقات وهي من قبيل قوله تعالى:- ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ فإنَّه مطلق ولم يشترط كون اللبن عن ولادة بل هو شامل بإطلاقه حتى لو كان اللبن من دون ولادة فإنه يكون ناشراً للحرمة ايضاً بينه وبين المرضعة، وهكذا الحال لو رضعت معه بنت فسوف تحرم عليه أيضاً فإنَّ مقتضى الآية الكريمة هو كفاية ذلك في نشر الحرمة.

فإذاً مجرد الشك لا يكفينا في الوصول إلى المطلوب بل إطلاق الآية الكريمة يثبت أنَّ الحرمة تنتشر حتى إذا لم يكن اللبن عن ولادة.

وأما الحكم الثالث:- فيمكن التمسك له بمعتبرة عبد الله بن سنان - كما يمكن أن يستفاد منها الحكم الثاني أيضاً - وهي ما وراه الشيخ الكليني عن محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن ابن محبوب عن عبد الله بن سنان قال:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن لبن الفحل، قال:- هو ما أرضعت امرأتك من لبنك ولد امرأة أخرى فهو حرام )[7] ، فإنها قالت ( هو ما ارضعت امرأتك من لبنك ) فلابد وأن تكون العلاقة علاقة شرعية، كما عبارتي ( امرأتك ) و( ولدك ) تدل عليه أيضاً، يعني لابد وأن يكون اللبن عن ولادة شرعية.


[4] وهو ابن سماعة وقد وثقه النجاشي.
[5] قد وثقه النجاشي أيضاً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo