< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/10/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسألة ( 1271) يحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب - كتاب النكاح.

 

وقبل الدخول في الحكم الرابع وذكر مستنداته نذكر أموراً ثلاثة ترتبط بالمقام: -

الأمر الأول:- إنَّ التعارض الموجود بين الروايات الواردة في المقام هو حاصل بين الروايات المحدّدة لعدد الرضعات فبعضها يقول إنَّ المحرّم هو خمسة عشر رضعة والآخر يقول المحرّم هو عشر رضعات، وأما الروايات التي جعلت الميزان في نشر الحرمة شدّ العظم ونبات اللحم فهو سالم من المعارض، بل يمكن أن يقال إنَّ ميزان يوم وليلة لا معارض له أيضاً، ومن أراد الاحتياط فعليه الأخذ بروايات شدّ العظم وانبات اللحم أو الأخذ روايات يوم ليلية وأما روايات العدد فلا يأخذ بها لوجود المعارضة فيما بينها ولو أراد الاحتياط من جهة العدد فلابد من الأخذ بروايات بالخمسة عشر رضعة وأما العشر رضعات فهو خلاف الاحتياط، فمن أراد الاحتياط فعليه أن يرضِع الطفل اللبن بمقدارٍ يشد العظم وينبت اللحم أو بمقدار يوم وليلة أو يحتاط بإرضاعه خمسة عشر رضعة.

القضية الثانية:- يظهر من بعض الروايات أنَّ التحديد الأساسي هو ما انبت اللحم وشدَّ العظم وأما ما سواه – كعدد الرضعات - فقد جعل كطريقٍ لتشخيص ذلك، لأنَّ تمييز انبات اللحم وشدّ العظم صعب فجعل الميزان لمعرفته هو الارضاع يوماً وليلة أو خمسة عشر رضعة، فهذه الأمور جعلت مرآةً وكاشفاً عن تحقق انبات اللحم وشد العظم، وهذا ما اشارت إليه بعض الروايات، من قبيل معتبر علي بن رئاب، وهي معتبرة الشيخ بإسناده عن الحسن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبد الله عليه السلام وطريق الشيخ معتبر:- ( قلت:- ما يحرم من الرضاع؟ قال:- ما انبت اللحم وشد العظم، قلت:- فتحرم عشر رضعات؟ قال:- لا، لأنه لا تنبت اللحم ولا تشد العظم عشر رضعات )[1] ، ودلالتها واضحة على أنَّ المعتبر في التشريع هو الرضاع بدرجةٍ ينبت اللحم ويشدّ والعظم وأما العدد فقد جعل كطريق إلى معرفة ذلك.

القضية الثالثة: - قد تترتب على ما ذكرناه في القضية الثانية ثمرة، وهي أنه لو فرضنا أنَّ الرضاع كان بعشر رضعات أو بيوم وليلة ولكن عرفنا أنَّ هذا الطفل لم ينبت لحمه ولم يشتد عظمه فهذا الرضاع سوف لا ينفع في نشر الحرمة لأن المفروض أنَّ الرضعات بالعدد أو ليوم وليلية قد أخذ كطريقٍ إلى شدّ العظم ونبات واللحم والمفروض أنه لم يحصل أي واحدٍ منهما وحينئذٍ لا تكفي هذه الرضاعات في نشر الحرمة.

وأما الحكم الرابع: - فقد عرفنا أنَّ روايات العدد متعارضة فبعضها يحدده بعشر رضعات والآخر يحدده بخمسة عشر رضعة.

أما الرواية التي دلت على كون المدار على عشر رضعات: - فهي معتبرة عمر بن يزيد، وهي ما رواه الشيخ بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال عن الحسن ابن بنت الياس عن عمر بن يزيد قال: - (سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الغلام يرضع الرضعة والثنتين، فقال: - لا يحرّم، فعددت عليه حتى أكملت عشر رضعات، فقال: - إذا كانت متفرقة فلا)[2] ، وهي قد دلت بالمفهوم على أنه إذا كانت الرضعات العشر غير متفرقة فسوف تكفي في نشر الحرمة.

وأما الرواية التي دلت على أنَّ المدار على خمسة عشر رضعة: - فهي ما رواه محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن احمد يحيى عن احمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم عن عمار بن موسى الساباطي عن جميل بن صالح[3] عن زياد بن سوقة[4] قال: - ( قلت لأبي جعفر عليه السلام:- هل للرضاع حدّ يؤخذ به؟ فقال: - لا يحرّم الرضاع أقل من يوم وليلة أو خمس عشرة رضعة متواليات من امرأة واحدة من لبن فحلٍ واحد لم يقصل بينها رضعة امرأة غيرها فلو أن امرأة أرضعت غلاماً أو جارية عشر رضعات من لبن فحل واحد وأرضعتهما امرأة أخرى من فحل آخر عشر رضعات لم يحرم نكاحهما )[5] ، وهي قد دلت على أنَّ المدار على خمسة عشر رضعة كما أنَّ الامام عليه السلام أكد على الرضعات لو كانت عشراً فلا تنشر الحرمة، وعلى هذا سوف يحصل التعارض بين الروايتين فما هو الموقف؟


[3] قال عنه النجاشي (ثقة وجه).
[4] قد وثقه النجاشي.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo