< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/10/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 1271) يحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب - كتاب النكاح.

 

وفي هذا المجال نقول:- لو كنا نجن ومعتبرة عمر بن يزيد الدالة على كفاية العشر رضعات إذا لم تكن متفرقة لأخذنا بها ولكن يوجد لها معارض وهو معتبرة ابن رئاب الدالة على عدم كفاية العشر رضعات لأنها لا تنبت اللحم ولا تشد العظم، وإذا كنا نتعامل مع هاتين الروايتين فقط لكنا نجمع بينهما بتقييد معتبرة ابن رئاب الدالة بحالة عدم التوالي بين الرضعات العشر لأنَّ معتبرة عمر بن يزيد ذكرت أنَّ العشر تكفي إذا كانت متوالية وغير متفرقة، بيد أنه توجد معتبرة أخرى دلت على لزوم تحقق خمسة عشر رضعة وهي لزياد بن سوقة وبذلك يحدث التعارض فإنَّ النتيجة التي انتهينا إليها في معتبرة عمر بن يزيد بعد انضمامها إلى معتبرة ابن رئاب أنَّ العشر المتوالية تكفي ولكن معتبرة زياد بن سوقة صرحت بلزوم تحقق خمسة عشر رضعة وبناءً على هذا سوف تحصل المعارضة المستقرة ولابد من الرجوع إلى المرجحات وهي موافقة ومخالفة الكتاب الكريم أو موافقة ومخالفة الغير، والاثنان لا يمكن التمسك بهما، أما الغير فعندهم الناشر للحرمة ليس العشر رضعات ولا الخمسة عشر وإنما تكفي الخمس رضعات أو أقل منها كما نقل ذلك عبد الرحمن الجزيري في كتابه الفقه على المذاهب الأربعة حيث قال ما نصّه:- (إنَّ الشافعية الحنابلة يقولون إنَّ الرضاع لا يحرّم إلا إذا كان خمس مرات، والمالكية والحنفية يقولون إنَّ الرضاع يحرّم مطلقاً قليلاً أو كثيراً ولو قطرة)[1] ، فالغير على جانبٍ بعيد مما يذهب إليه اصحابنا بتمام معنى الكلمة وعليه فلا يمكن أن نقول إنَّ احدى الطائفتين من رواياتنا مخالفة أو موافقة لهم حتى يحصل الترجيح بذلك، وعليه فهذا المرجح لا يمكن التمسك.

وأما موافقة ومخالفة الكتاب الكريم فإنَّ المذكور في الكتاب الكريم هو بيان المحرمات من النساء فقط كما في قوله تعالى:- ﴿ وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة ﴾[2] فهذه الآية الكريمة كما ترى لا نظر لها إلى تحديد عدد الرضعات بل قالت إذا ثبت أنها أم رضاعية أو اخت رضاعية فسوف تكون محرمة على المرتضع أما بماذا يتحقق عنوان الأم الرضاعية أو الأخت الرضاعية فلم تحدده ، وهكذا الحال في قوله تعالى:- ﴿وأحل لكم ما وراء ذلكم﴾[3] فإنه لا ينفعنا في المقام أيضاً لأنه يقول إنَّ ما عدى المحرمات المذكورة في الآية السابقة فهو حلال، ومن المحرمات في الآية السابقة هي الأم الرضاعية والاخت الرضاعية والمفروض أنَّ تلك الآية الكريمة لم تحدد مقدار الرضاع، وعليه فلا يمكن التمسك بعنوان موافقة أو مخالفة الكتاب الكريم كما هو الحال في عدم امكان التسمك بموافقة الغير أو مخالفتهم، وعليه فيكون التعارض مستقراً والمرجحات مفقودة فيكون المرجع هو الأصول العملية بلحاظ كل أثر، فمثلاً من ارتضعت الطفل عشر رضعات - لا خمسة عشر فإنَّ الخمسة عشر رضعة نجزم بتحقق الأثر منها - نشك هل ترتب على ذلك الأثر فهل يترتب عليها عنوان الام الرضاعية وعلى بنتها الأخت الرضاعية أو لم يترتب فنستصحب عدم ترتب الأثر، لأنَّ الأثر لم يكن مترتباً قبل اكمال العشر رضعات وبإكمالها نشك هل ترتب أو لم يترتب فنستصحب عدم الترتب الثابت قبل اكمال العشر رضعات.

ومثلاً مسألة جواز النظر فهل يجوز له النظر إليها أو لا يجوز ذلك فالمناسب هو الحلّية بمقتضى الأصل، وذلك إما للاستصحاب لأنَّ هذا الطفل قبل أن يبلغ كان يجوز له النظر إلى المرضعة وبعد أن بلغ يشك في جواز نظره أو لا فيستصحب جواز النظر الثابت سابقاً، أو لأصل البراءة فإنه بقطع النظر عن الاستصحاب يمكن التمسك بأصل البراءة لإثبات جواز النظر وتكون النتيجة واحدة على كلا التقديرين.


[1] الفقه على المذاهب الأربعة، عبد الرحمن الجزيري، ج4، 228.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo