< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

42/03/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية - مبحث الأصول العملية.

ويمكن أن تناقش هذه الطريقة ويقال:- إنَّ مقصود النجاشي حينما قال ( روى عن الثقات ورووا عنه ) ليس هو أنه روى عن الثقات فقط، بل المقصود أنَّ الطابع العام عن جعفر بن بشير أنه يروي عن الثقات وكذلك الطابع العام أنَّ الثقات رووا عنه، بخلاف بعض الناس فإنَّ الطابع العام عنه أنه يروي عن الضعاف والضعاف يروون عنه، أما جعفر بن بشير فالأغلب أنه يروي عنه الثقات وهو يروي عن الثقات، وإذا صار هذا هو المقصود فسوف لا ينفعنا، لأنه سوف يصير أنَّ جعفر بن بشبر غالباً هو يروي عن الثقات لا أنه لا يروي إلا عن الثقات، وهذا يعني أنه توجد عنده رواية عن غير الثقات، ولعل الصيقل من ذلك البعض الذين هم من غير الثقات الذين روى عنهم جعفر بن بشير، ويكفينا ابداء الاحتمال، وإن كان ليس من البعيد وجود ظهور في هذا.

وقد تقول: - إنَّ هذه دعوى تحتاج دليل وأنَّ المقصود هو أنَّ الطابع العام أنه يروي عن الثقات، وإنما نقول إنَّ المقصود هو أنه لا يروي إلا عن الثقات، أما قولك إنَّ هذا بعيد فهو ليس بدليل فإنَّ هذا وجدان قد تشعر به ولكنه ليس بحجة على الغير وإلزاماً له، وإنما عليك أن تأتي بكلام علمي مُلزِم للغير، فالمقصود من فقرة ( روى عن الثقات ) يعني غالباً هو روى عن الثقات، ونحن نأتي بوجهين لإثبات أنََّ مقصود النجاشي هو أنَّ جعفر بن بشير روى عن الثقات غالباً:-

الوجه الأول: - من أين علم النجاشي أنَّ جعفر بن بشير لا يروي إلا عن الثقات فإن ذلك يثبت بأحد طريقين، الأول أن يكون عند جعفر بن بشير تصريح بذلك مثل صاحب كامل الزيارات فقد فهم البعض من كلامه أنه لا يروي إلا عن الثقات، والثاني إنه لم يصرح بذلك وإنما النجاشي قام بعملية استقراء لروايات جعفر بن بشير فرآه يروي عن الثقات فقط، أما الأول فنحن نجزم بعدم تصريح جعفر بن بشير بذلك، إذ لو كان لبان، لأنَّ النجاشي لم يكن معاصراً له فلابد أن يكون التصريح في كتابٍ وهذا غير موجود وإلا لو كان موجوداً لنقل هذا التصريح، فإذاً نحن نجزم بعدم وجود هذا التصريح، وأما الثاني فهو باطل أيضاً، لأنَّ هذا يحتاج إلى وقت طويل وجهد كبير وحصول مثل هذا التتبع والاستقراء شيء بعيد، كما أنه لو كان الأمر كذلك لقال النجاشي إني قد تتبعت من يروي عنهم جعفر بن بشير فلم أرَ منهم إلا الثقة، كما أنه كيف يمكنه أن يحصل على كل روايات جعفر بن بشير ويحصر المشايخ الذين يروي عنهم جعفر بن بشير فإنَّ هذا ليس بالأمر السهل، فحصول الاستقراء الكامل شيء لا يمكن الجزم به، فإذاً يحصل لنا الاطمئنان بأنَّ النجاشي حينما قال ( روى عن الثقات ) ليس المقصود أنه لم يرو إلا عن الثقات وإنما الطابع العام له أنه يروي عن الثقات.

الوجه الثاني: - أن نقول لو ذهبنا إلى الفقرة الأخرى من كلام النجاشي التي هي ليست مورد استشهادنا، وهي فقرة ( ورووا عنه الثقات )، فحينما قال النجاشي هذا فهل المقصود أنه لم يروِ عنه إلا الثقات أو أنَّ الطابع العام هو ذلك؟ جزماً المقصود هو الطابع العام، فإذا كان المقصود في هذه الفقرة هو الطابع العام فبقرينة المقابلة يكون المقصود في تلك الفقرة هو الطابع العام أيضاً.

ويمكن اثبات أنَّ المقصود من الفقرة الأولى هو أنَّ الطابع العام أنَّ الثقات رووا عنه هو إنه لا يوجد عندنا شخص في الدنيا يروي عنه الثقات فقط، حتى الامام الصادق عليه السلام لا يروي عنه الثقات فقط، بل حتى النبي صلى الله عليه وآله سلم فقد يروي عنه الضعفاء والثقات، فاحتمال كون جعفر بن بشير لا يروي عنه إلا الثقات كلام غير مقبول، فإذاً المقصود هو الطابع العام، كما أنه لا سلطة عليك على أفواه الناس فإنَّ جعفر بن بشير قد يحدّث شخصاً ويأتي الشخص الضعيف ويسمع كلامه ثم ينقله فهل يطرده جعفر بن بشير، نعم الشخص قد يضبط نفسه فلا يروي إلا عن الثقة ولكن لا يمكنه أن يضبط الآخرين بحيث لا يروي عنه إلا الثقة فإن غير ممكن، فإنَّ الانسان لا يمكنه أن يمنع الضعفاء من السماع ومن الرواية عنه، نعم هو يستطيع أن يمنع نفسه من الرواية عن الضعفاء لا أنه يمنع الضعفاء من الرواية والنقل عنه، فالمقصود في الفقرة الأولى هو الطابع العام أنَّ الثقات رووا عنه، وبقرينة المقابلة يثبت أنَّ المقصود من الفقرة الثانية هو كذلك.

وبهذا ثبت أنه لا يمكن توثيق الحسن الصيقل من خلال رواية جعفر بن بشير، وبذلك أتضح أنَّ سند هذه الرواية ضعيف بالحسن الصيقل وبمحمد بن موسى بن المتوكل وبالسعد آبادي.

وأما رواية عقبة:- فقد رواها المحمدون الثلاثة وكان سندها ( محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن محد بن الحسين عن محمد بن عبد الله بن هلال عن عقبة بن خالد )، هكذا رواها الشيخ الكليني، ومحمد بن يحيى هو الأشعري الذي روى عنه الكليني ربع الكافي تقريباً وهو ثقة جليل، ومحمد بن الحسين فهو ابن أبي الخطاب الثقة الجليل، أما محمد بن عبد الله بن هلال وعقبة بن خالد فلا يوجد في حقهما توثيق، وقد رواها الشيخ في التهذيب بنفس هذا السند حيث قال:- (محمد بن يحيى عن محمد بن السحين عن محد بن عبد الله بن هلال عن قبة بن خالد )، ولذلك احتملنا فيما سبق أنَّ الشيخ الطوسي أخذها من الكافي أو من شيخ الكليني فالسند نفس السند، كما رواها الصدوق حيث قال:- ( وروى عقبة بن خالد عن أبي عبد الله )، والعيب الموجود في هذا السند هو أنَّ فيه عقبة بن خالد ولا يوجد في حقة توثيق، كما أن طريق الصدوق إلى عقبة ليس موجوداً في المشيخة، والحال أنَّ الصدوق قال إنه متى ما ابتدأت السند بشخصٍ فسوف أذكر طريقي إليه ولكن بعضهم لم يذكر طريقه إليه، فإذاً سوف يصير الضعف من جهتين.

وقد يقول قائل: - نتمكن أن نجد طريقاً للصدق إلى عقبة بن خالد، وذلك بأن نقول إنَّ الشيخ الطوسي له طريق إلى عقبة وقد وقع الصدوق في هذا الطريق، وطريق الشيخ الطوسي هو:- ( عقبة بن خالد له كتاب أخبرنا عدّة من أصحابنا عن محمد بن علي بن الحسين[1] عن أبيه ومحمد بن الحسن عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين عن محمد بن عبد الله بن هلال عن عقبة بن خالد )[2] ، فحصلنا على طريق للشيخ الصدوق إلى عقبة بن خالد، فإنَّ طريق الصدوق إلى عقبة سوف يكون (أبي ومحمد بن الحسن[3] عن سعد بن عبد الله[4] عن محمد بن الحسين[5] عن محمد بن عبد الله بن هلال عن عقبة بن خالد).

وقد تقول: - صحيح أنا حصلنا على طريق ولكنه ضعيف بمحمد بن هلال؟

قلنا: - إنَّ هذا صحيح، كما أن عقبة نفسه لم تثبت وثاقته، ولو قلت: - إذا لم تثبت وثاقة هؤلاء فما الفائدة من الطريق؟ قلنا: - إني أوجدت لك طريقاً من العدم، فصحيح أنه لم نستفد من هذه الطريقة هنا ولكن في موارد أخرى قد نستفيد من هذه الطريقة، وهل تطبيق هذه الطريقة صحيح أو لا فإن المهم لنا هو الكبرى ولا يهمنا أنَّ عقبة أو محمد بن عبد الله بن هلال ثقة أو ليس بثقة، ولكن نقول هل هذه الطريقة مقبولة أو لا، فإن كانت مقبولة فيمكن أن نستفيد منها في موارد أخرى من هذا القبيل وإن لم نستفد منها هنا لعدم ثبوت وثاقة عقبة ولا وثاقة محمد بن عبد الله بن هلال.


[1] يعني الشيخ الصدوق.
[3] أي محمد بن الحسن بن الوليد القمي وهو من أجلة أصحابنا.
[4] وهو الأشعري الثقة.
[5] وهو ابن ابي الخطاب الثقة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo